السبت 2023/03/25

آخر تحديث: 09:49 (بيروت)

أمن اللبنانيين الغذائي مهدد وكل المعالجات الراهنة قاصرة

السبت 2023/03/25
أمن اللبنانيين الغذائي مهدد وكل المعالجات الراهنة قاصرة
70% من اللبنانيين لا تصلهم المواد الاساسيّة التي يحتاجونها في غذائهم اليوميّ
increase حجم الخط decrease

بدأت المنظمات الدوليّة منذ العام 2020 دقّ ناقوس الخطر حول مستقبل الامن الغذائي في لبنان. جاء أوّل تحذير على لسان منظّمة الاسكوا العالميّة والذي قدّر تقريرها أنّ 300 ألف مواطن لبناني يعانون من الفقر الشديد، وغير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائيّة الأساسيّة، كما يعيشون بأقل من 2.5 دولار يومياً. بعدها، حذّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، في 23 آذار 2021، من انعدام الأمن الغذائي في لبنان، منبّهةً من سير البلاد نحو مزيد من الفقر والجوع؛ لتعود وتصنّف لبنان ضمن البؤر الساخنة المهدّدة بالمجاعة في تقريرها عام 2022.

كشف التقرير أنّ 20 % من الشعب اللبناني يعيشون على المساعدات الغذائية التي تقدمها برامج دعم الأسر الفقيرة وبأن 2.3 مليون نسمة في لبنان، أي نحو 45% من الشعب اللبناني، لا يستطيعون العيش من دون المساعدات الغذائية المقدمة من مختلف البرامج العاملة في لبنان.

وبدوره توقّع ممثل برنامج الأغذية العالمي في لبنان، عبد الله الوردات، أن يزداد عدد السكان المصنَّفين في المرحلة الثالثة (المتأزمة) ليصل إلى 42 في المئة، أي 2.26 مليون مع نهاية شهر نيسان 2023. ويتوزّع العدد بين 1.5 مليون لبناني و800 ألف لاجىء سوري. (راجع المدن).

اعتراف رسميّ
هذه التقارير أكّدها اعتراف لبناني جاء على لسان رئيسة لجنة المرأة والطفل النيابيّة النائبة عناية عز الدين في الجلسات التحضيريّة الخاصّة التي عُقِدَت على هامش المؤتمر الاقليميّ بعنوان "لحظة تقييم النّظم الغذائيّة 2023" حيث كشفت أنّ "الأزمة الاقتصاديّة في لبنان أدّت إلى فقدان 80% من اللبنانيّين لأمنهم الغذائيّ".
وفي السياق نفسه إعتبر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أنّ "إستمرار هذا الوضع الاقتصادي الحادّ سيصيب الامن الغذائي للبنانيين من باب عدم قدرتهم على الحصول على إحتياجاتهم من الغذاء".

انخفاض القدرة الشرائيّة
لا شكّ بأنّ السبب الرئيسي الذي يهدّد الأمن الغذائي للمواطنين اللبنانيين هو انخفاض قدرتهم الشرائيّة نتيجة تدهور قيمة العملة اللبنانيّة والتي خسرت أكثر من 95% من قيمتها، المترافق مع ارتفاع جنونيّ لنسب التضخم في لبنان. فقد كشفت بيانات ادارة الاحصاء المركزي، أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية، سجلت ارتفاعاً فاقت نسبته الـ 6000 بالمئة منذ كانون الأول (ديسمبر) 2019 وحتى تشرين الثاني(نوفمبر) 2022. ارتفاع هذه الأسعار يقابله ضعف المداخيل التي لا تزال تعطى بالليرة اللبنانيّة ووفق حدّ أدنى للأجور لا يتخطّى الـ25$.

هبة يابانيّة بـ2 مليون دولار
إزاء هذا الواقع، أعلنت دولة اليابان عن تخصيصها هبة طارئة بقيمة 2 مليون دولار أميركي للبنان من خلال برنامج الأغذية العالمي، لمساعدة 300,000 من الأشخاص الأكثر حرمانا ً في لبنان عبر حصص غذائية عينية شهرية لتلبية حاجاتهم الغذائية خلال فترة ستة أشهر والتخفيف من تأثير الأزمة الاجتماعية والاقتصادية على سبل عيشهم.

الحاج حسن: القمح والغذاء المفقود
يعتبر وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن في حديثه لـ"المدن" أن "الامن الغذائي في لبنان مهدد كباقي دول المنطقة بعد جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية الاوكرانية على الاقتصاد العالمي، حيث أصبحت السلة الغذائية للبنانيين مهددة لاننا  كدولة لا نملك القدرة على تأمين ما يحتاجه السوق المحلي من قمح وخبز. بناء على ذلك، وضعنا كوزارة زراعة استراتيجيّة منذ حوالي السنة والنصف حول سلامة الغذاء أولويتها تأمين انتاج من القمح والحبوب يكفي نحو 30% من حاجة السوق المحلي . فزرعنا حوالي الـ15 ألف دنم من القمح، وهذا الرقم سيضرب بـ3 أضعاف العام المقبل، بالتنسيق طبعا مع الهيئات المانحة".

أضاف الحاج حسن "نحن نستورد قمحا لنطحن ونأكل، وبدل أن نستورد 23 الف طن كل شهر، وبفضل السياسة الزراعيّة التي وضعناها، سنوفّر على الدولة كلفة استيراد القمح على مدى 3 أشهر في السنة، حيث سنوفّر 1.5 مليون دولار في الشهر و5 ملايين دولار ونصف في هذه الأشهر الـ3 على الحكومة. ونحن نعمل كوزارة على وضع رؤيا واضحة ومشتركة بين القطاعين الخاص والعام لاعادة تفعيل القطاع الزراعي بعد أن تمّ تهميشه لسنوات على حساب القطاع المصرفي والخدماتي".

ولفت الحاج حسن إلى أنّ "السوق المحلّي لا يعاني من أي ندرة لأي مادّة أو سلعة، إنّما القدرة الشرائيّة للأفراد هي التي انخفضت بسبب الأزمة الاقتصادية. فـ70 %من اللبنانيين لا تصلهم كلّ المواد الاساسيّة التي يحتاجونها في غذائهم اليوميّ. لذلك نسعى كوزارة إلى تطبيق الاستراتيجيات التي وضعناها من خلال تنشيط حركة التصدير، بعد تأمين حاجات السوق من الخضار والفاكهة المزروعة محليّا،  إلا أننا نعاني من بعض المشاكل مع بعض الأسواق المقفلة بوجهنا، ولكنّ مساعينا مستمرّة لفتحها". ويكشف عن "اتفاق رباعي أردني، سوري، لبناني، عراقي، سيتوّج بمؤتمر سيعقد في 26 من الشهر الجاري، لتسهيل انسيابية البضائع والرسوم الجمركية وشهادات المنشأ والفحوصات والترسبات وغيرها من القضايا التي تخسّرنا وقتا وتكبّدنا أكلافا عالية، ونحن متفائلون بأن يؤسس هذا المؤتمر إلى عمل عربي مشترك".

وإلى جانب الاتفاق الرباعي تحدّث الحاج حسن عن مساع لبنانية قطريّة لتفعيل العلاقات القطرية اللبنانية الزراعيّة، سعيا الى تنسيق أمني غذائي.

تحويل لبنان إلى صومال؟!
وعن الهبة اليابانيّة المقدّمة للبنان أجاب "يعود إلى الدولة المانحة تقرير أي جهّة تريد التعاون معها في شأن الهبات، إلاّ أنّ المنظمات الدوليّة تعتبر أنّ القطاع العام فاسد ومترهّل لذلك يفضّلون التعاون مع الجمعيات. ونحن نسعى كوزارة إلى إعادة ثقة الجهات المانحة بهدف العمل تحت مظلّة واحدة. ونأمل أن تمرّ كلّ الهبات بالقنوات الرسميّة التابعة للدولة . فنحن نرفض تحويل لبنان الى صومال ثانية".

مساعي وزارة الزراعة تقابلها مساع أخرى تعمل عليها وزارة الشؤون الاجتماعيّة ، بالتعاون مع منظمة الأغذئية العالميّة لتقديم مساعدات غذائيّة، حيث كشف الوزير هكتور حجّار عن جهود لتأمين الحد الأدنى المقبول للمساعدات الاجتماعية خصوصاً لمؤسسات الرعاية التربوية والإنسانية من خلال التواصل مع وزارة المالية . معلنا ، أنه "في آخر آذار سوف ينطلق 700 عامل اجتماعي من وزارة الشؤون، لزيارة أكثر من 90 ألف عائلة جديدة في مختلف المناطق لتعبئة الاستمارات خلال أقل من 4 أشهر، ليتم بعدها تقديم المساعدات بناء على تقييمهم".

ومع ذلك، فإن كل جهد يبقى قاصراً في ظلّ غياب خطّة تعاف إقتصاديّة تضع لبنان على سكة المعالجات الجذرية وتنتشله من أزمته وتعيد بعضاً من الإستقرار والأمان الإجتماعي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها