وبعد نحو ساعتين، دخل رامي شرف الدين إلى بنك البحر المتوسط "ميد"-فرع عاليه، وتمكّن من الحصول على 30 ألف دولار، وسلّم نفسه للقوى الأمنية.
لم تأتِ خطوة حافظ وشرف الدين من فراغ، فقد سبقهما بسّام الشيخ حسين منذ نحو شهر، إلى مصرف "فديرال بنك" في منطقة الحمرا. وقبله بنحو عام، دخل عبدالله الساعي إلى بنك بيروت والبلاد العربية في منطقة جب جنين في البقاع الغربي. ويشترك هؤلاء في أنّ لديهم ودائع تحتجزها المصارف من دون مسوّغ قانوني، ولم تترك لهم الترويكا خياراً إلا تحصيل الودائع بالقوة.
سقوط الكابيتال كونترول
الحالات الأربع لقيت ترحيباً من المودعين وغير المودعين، مدنيين وعسكريين غير قادرين على تحصيل حقوقهم بالقوة كما يفعل المدنيون. فالجميع فَقَدَ القدرة على التحمّل بعد 3 سنوات من الاستنزاف. وللأسف، "راهنت السلطة السياسية والمصارف على أن الزمن يمكن أن يُنسي الناس حقوقها، لكن في الواقع، ساعد الزمن الناس على عدم الشعور بالأمان ووجود نية لإنقاذها، وبأن المصارف ومصرف لبنان والسلطة السياسية لا تملك مبادرة جدّية لحل الأزمة"، على حد تعبير أستاذة القانون المتخصّصة بالشأن المصرفي، سابين الكيك، التي ترى في حديث لـ"المدن"، أن الترويكا "لا يمكنها بعد ثلاث سنوات من الأزمة، الاكتفاء بالحديث عن قانون الكابيتال كونترول بالصيغة المشوّهة. علماً أن هذا القانون كان يجب إقراره في بداية الأزمة، وحينها، كان يمكن له أن يمتص حالة الهلع وتهافت الناس على سحب ودائعها". وتضيف، أنه على عكس ما كان يجب فعله، "ساهمت المصارف في إخراج رؤوس الأموال التي دخلت إلى لبنان بلا رقابة، من أجل الاستفادة من الفوائد المرتفعة".
وتقول الكيك، أن الكابيتال كونترول "حصل منذ البداية بشكل غير قانوني، واليوم يتم البحث عن تشريع له". وتجزم بأن المطلوب هو "حديث واضح عن تصحيح السياسات النقدية والمالية والاقتصادية وعن إعادة هيكلة القطاع المصرفي، وتحديد أيّ من المصارف ستبقى في السوق وأيّها سيغادر. أما الاكتفاء بالحديث عن الكابيتال كونترول، فهو حديث بدائي وتافه، فهذه المقولة سقطت وصندوق النقد رَبَطَ الكابيتال كونترول بالإصلاحات التي لم تنفّذ، ومنها هيكلة القطاع المصرفي وتثبيت سعر الصرف".
القضاء متلكّىء
بين صاحب الحق وغاصبه، يفترض بالقضاء التحرّك. لكن باستثناء حالات فردية متناثرة، "يتلكّأ القضاء عن إحقاق الحق"، وفق ما تقوله لـ"المدن"، المحامية في رابطة المودعين زينة جابر، التي تشير إلى أن الرابطة "تقدّمت بالكثير من الدعاوى أمام القضاء، لكنه لم يتحرّك في الملفات الأساسية. كما أن النيابة العامة المالية كانت تتغاضى عن الملفات طيلة 3 سنوات". ولذلك، لا تجد جابر مجالاً لانتقاد المودعين الذين يحصّلون ودائعهم بأيديهم بدل الركون إلى القضاء، لأن "جزءاً من القضاء يحتكم للسلطة السياسية وسلطة المصارف الذين يشكّلون جهة واحدة ضد المودعين".
وعوض تحرّك القضاء والقوى الأمنية لتنفيذ القانون بحق المصارف، جرى استدعاء الناشطين الذين ساندوا سالي حافظ، إلى ثكنة الحلو، لأنهم شاركوا في تحطيم بعض أثاث وزجاج المصرف. ما استدعى تدخّل ناشطين آخرين اعتصموا أمام مدخل الثكنة للمطالبة بالافراج عن المعتقلين.
إصرار الترويكا على الالتزام بمقولة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة "بكرا بيتعوّدوا"، أي الرهان على اعتياد الناس على الأمر الواقع، يدفع المودعين أكثر فأكثر نحو الحلول الفردية والعنفية التي لا يمكن التحكّم بمسارها. وبذلك، تكون الترويكا هي من افتعل الأزمة وأجّجها ورفض حلّها. فيما المودع لا خيار آخر لديه.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها