ومع أن الوزارات لا تملك صورة إيجابية، إلاّ أن أجواء لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وفد عراقي ضمّ مستشار رئيس مجلس الوزراء العراقي علاء عبد الحسين الساعدي، ومازن صباح الأحمد، ممثلاً البنك المركزي العراقي، كانت إيجابية. فقد بحث الوفد العراقي مع ميقاتي سبل تفعيل الاتفاقية وتطويرها، عبر تشجيع غرفة التجارة العراقية على شراء المنتجات اللبنانية. كما بحث وزير الطاقة وليد فيّاض مع الوفد العراقي تعزيز التعاون بين البلدين على مستوى الطاقة. وبقي البحث ضمن الإطار النظري.
أجواء غير مشجّعة
لا بديل في الوقت الحالي عن الفيول العراقي. ولبنان لا يسعى جديّاً لردّ الجَميل العراقي في ظل عدم وضوح الرؤية تجاه الخيارات الأخرى لتأمين الكهرباء أو الفيول أو الغاز. ويعكس مطار بيروت ومستشفى بيروت الحكومي عدم رغبة الوزارات اللبنانية في إظهار حسن النية تجاه المبادرة العراقية. فواحدة من الخيارات المطروحة لتسديد قيمة الفيول، هي تغطية رسوم الطيران العراقي المستحقة لمطار بيروت وخزينة الدولة. وتؤكّد مصادر في مطار بيروت لـ"المدن"، أن لا تعليمات وردت من وزارة المالية أو وزارة الأشغال تتعلّق بتسديد الرسوم العراقية، لا أثناء تنفيذ النسخة الأولى من الاتفاق، ولا مع تجديده. وتشرح المصادر، أن مطار بيروت يستوفي رسوماً كثيرة، منها رسم هبوط الطيران ورسم استعمال جسور توقّف الطائرات ورسم مغادرة الركاب.. وما إلى ذلك. وأي تحصيل للرسوم المتراكمة، يتطلّب إيعازاً من وزارة المالية ووزارة الأشغال. ومن المرجّح أن يكون أي حسم للرسوم، هو من حصّة رسوم المغادرة وليس الرسوم التشغيلية المتعلّقة بالمطار.
من جهة ثانية، لم تتلقَّ مستشفى بيروت الحكومي، وهي أكبر مستشفى حكومي في لبنان، أي قرار من وزارة الصحة يتعلّق بخدمات استشفائية للعراقيين. وتقول مصادر في المستشفى في حديث لـ"المدن"، أنه من المفترض أن تصدر وزارة الصحة قراراً أو إيعازاً بتحضير أقسام معيّنة في المستشفى لاستقبال مرضى عراقيين، كأن يترك المستشفى عدداً من غرف العمليات، أو يتحضّر لاستقبال عمليات جراحية طارئة. وبالتوازي، يجب أن تطلب الوزارة من المستشفيات الحكومية في المناطق، تحضير ما يتوجّب لاستقبال المرضى العراقيين، حسب قدرة كل مستشفى. ففي النبطية مثلاً، يمكن استقبال مرضى السرطان الذين يحتاجون لعلاج نووي وكيميائي. وهذا الأمر يحتاج إلى استراتيجية مسبقة وواضحة، وليس إلى الاستهتار، كما هو حاصل اليوم.
وتلفت المصادر النظر إلى أن العراقيين كانوا يقصدون المستشفيات الحكومية، وخصوصاً مستشفى بيروت، إذ شهدت المستشفى حركة نشطة بين العامين 2012 و2013، وبالتوازي، كان هناك حركة نشطة لمرضى من ليبيا. ولأنهم يدفعون بالدولار، استقطبتهم المستشفيات الخاصة، وساهم ضعف إمكانيات المستشفيات الحكومية في رحيل هؤلاء المرضى. واليوم، إن كانت وزارة الصحة تريد استعادتهم، وتنفيذ القسم المتعلّق بالخدمات الصحية من الاتفاق النفطي، فعليها الاهتمام بالمستشفيات الحكومية عبر تأمين المستلزمات والأدوات الطبية وتحسين وضع الطاقم الطبي والتمريضي. وفي ظل الواقع الحالي للمستشفيات الحكومية، يستحيل على الوزارة تامين الخدمات الصحية.
تُقدِّم الحكومة والوزارات المعنية انطباعاً سلبياً للعراقيين الذين يعلمون ذلك. إلاّ أنهم جدّدوا الاتفاقية قبل الحصول على ضمانات تسديد ثمنها. وترجّح مصادر في وزارة الطاقة أن التجديد أتى بفعل احتمالين، الأوّل هو رغبة العراق في مساعدة لبنان، بما أن الفيول العراقي هو السبيل الوحيد للحصول على ما لا يزيد عن 4 ساعات تغذية يومياً، والاحتمال الثاني هو الحفاظ على خيط يربط العراق بمستحقاته، في ظل الفوضى التي يعيشها لبنان. والعراق يرغب في ترك مستحقاته حيّة في ظل اتفاق متجدّد، عسى أن يصل إلى حل مقبول مع لبنان في وقت قريب.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها