عاطف، شقيق بسّام الحامل لبندقية أوتوماتيكية، نفى أن يكون شقيقه قد دخل إلى المصرف حاملاً بندقية، بل "حَمَلَ عبوة بنزين مهدداً باحراق نفسه". أما البندقية "فهي لمدير الفرع، وكانت موجودة في الداخل". وفي ظل امتناع المصرف عن دفع مبلغ 5500 دولار، وبوصول القضية إلى هذا الحدّ "بات المطلب هو دفع الوديعة كاملة، وإن كان المقابل البقاء في السجن". وأشار عاطف إلى أن شقيقه "سيسلّم نفسه بعد دفع الوديعة".
ضحايا لا مجرمين
أعادت قضية بسّام التذكير بقضية عبد الله الساعي الذي دخل مطلع العام الجاري، فرع مصرف "بنك بيروت والبلاد العربية" في منطقة جب جنين في البقاع الغربي، وتمكّن من الحصول على وديعته البالغة 50 ألف دولار، قبل أن يسلّم نفسه للقوى الأمنية، وتقرّر لاحقاً قاضية التحقيق في البقاع أماني سلامة إخلاء سبيله بعد دفع كفالة مالية بقيمة 200 ألف ليرة.
خطوتان متشابهتان في الشكل. لكن قضية بسّام مفصلية في المضمون، لأن نهايتها ستحدّد مرحلة جديدة من التعاطي مع المصارف. فنجاح عبدالله حفَّزَ بسّام الذي قد يحفّز المزيد من المودعين على اللجوء للعنف لتحصيل حقوقهم بعد رفض السلطة السياسية ممثّلة بمجلسيّ النواب والوزراء، بالإضافة إلى جمعية المصارف، إيجاد الحلول المناسبة لقضية الودائع. بل تمعن تلك الجهات في استفزاز المودعين عبر محاولات طيّ صفحة الودائع بإقرار قوانين تعفي المصارف والسياسيين من مسؤولياتهم.. رغم إقرار مصرفيين وسياسيين بتحويل مليارات الدولارات إلى الخارج، في وقت تقيّد فيه المصارف سحوبات المودعين والموظّفين الذين يحاولون سحب رواتبهم الشهرية والمساعدات الاجتماعية التي تقرّها الدولة.
بسّام "ليس مجرماً، بل صاحب حقّ". هذا هو التعليق المشترك بين مودعين خرجوا إلى الشارع تضامناً مع "زميلهم". أما رابطة المودعين، فأكّدت على ضرورة اعتماد "المسار القانوني في تحصيل الودائع". لكنّها حمّلت مسؤولية ما حصل في الحمرا، وأي عنف قد يحصل في الشارع أو بوجه المصارف، لـ"السلطات السياسية والمصرفية وبعض الجهات القضائية، في ظل إصرارهم على محاباة النظام المصرفي الفاسد وحماية الظالم والمعتدي على المودع المظلوم".
موظّفون أبرياء؟
طالَت فترة احتجاز بسّام لموظّفي المصرف بفعل عدم حصوله على حقوقه. فتعالت أصوات مصرفية ركّزت على احتجاز الموظفين بوصفهم أبرياء لا يجب احتجازهم. علماً أن بسّام وعبد الله لم يتوجّهوا للموظفين بسوء. وفي المقابل، إنّ مَن يضع موظفي المصارف في مواجهة مع المودعين، هو اتحاد نقابات موظفي المصارف الذي يسارع عند كلّ منعطف، إلى التضامن مع المصارف وتأييد موقفها. ففي قضية عبد الله الساعي، وصف الاتحاد ما قام به عبدالله بـ"التعدي السافر"، واضعاً إياه في مصاف الخارجين عن القانون، حين تساءل في بيان "هل نحن في دولة قانون أو في مزرعة تُدار من قبل الأقوياء والمتسلّطين والخارجين عن القانون؟". وطلب الاتحاد من عبدالله والمودعين أخذ حقوقهم من الدولة لا المصارف فـ"إعادة الودائع إلى أصحابها هي في الأساس من واجبات الدولة التي استدانت من المصارف ودائعها من أجل تسيير شؤونها". وتناسى الاتحاد بذلك أن المصارف لم تعطِ الودائع للدولة إلاّ طمعاً بفوائد مرتفعة، مع علمها بأن الأموال تُهدَر. كما أن لا شأن للمودع بالدولة، لأن علاقته التعاقدية مع المصرف وليس الدولة. والمصرف لم يستشر أي مودع قبل إعطاء الأموال لمصرف لبنان الذي بدوره موَّلَ الدولة وزعاماتها بأموال المودعين. وعليه، إن مَن يضع موظفي المصارف في مواجهة مع المودعين، هو الاتحاد نفسه. خصوصاً وأنه دعا مراراً لإضرابات تضامنية مع المصارف.
لا نية جرمية لبسّام. هو يريد حقّه فقط، وهذا ما دعاه للاحتماء برابطة المودعين، إذ كلّفهم التفاوض باسمه معلناً نيّته تسليم نفسه إذا حصل على حقّه. أما في حال تعنّت المصرف فالشاب "مستعد للذهاب بالموضوع إلى النهاية والوصول إلى خطوات لا تحمد عقباها، وإن كان السجن هو المصير النهائي".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها