الجمعة 2022/07/22

آخر تحديث: 11:20 (بيروت)

ميزانيّة مصرف لبنان: استنزاف الاحتياطات مستمر

الجمعة 2022/07/22
ميزانيّة مصرف لبنان: استنزاف الاحتياطات مستمر
انخفضت قيمة احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة 2.71 مليار دولار منذ بداية السنة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

كما هي العادة، لم تعد تحمل الميزانيّة نصف الشهريّة، التي ينشرها مصرف لبنان كل 15 يومًا، سوى نتائج الاستنزاف المستمر على كل الجهات. قيمة الاحتياطات تتناقص، وحجم الخسائر المتراكمة يتزايد، فيما يحيط الغموض بالكثير من التحوّلات غير المفهومة في بعض بنود الميزانيّة. أمّا الجديد في الميزانيّة التي تم نشرها في منتصف الشهر الحالي، فهو التناقص السريع في قيمة مخزون الذهب ضمن موجودات المصرف المركزي، كنتيجة للانخفاض السريع في أسعار الذهب العالميّة. مع الإشارة إلى أنّ الذهب اقترب يوم أمس الخميس من أدنى مستوى له منذ عام، نتيجة ارتفاع الفوائد الأميركيّة والصعود السريع في قوّة الدولار، ولجوء كل من أوكرانيا وروسيا إلى بيع جزء من احتياطاتهما من الذهب في الأسواق العالميّة.

استنزاف الاحتياطات
حسب أرقام ميزانيّة مصرف لبنان، كما أعلنت في منتصف شهر تمّوز، خسر المصرف المركزي نحو 224.4 مليون دولار أميركي من احتياطاته بالعملات الأجنبيّة خلال النصف الأوّل من هذا الشهر، ليقتصر ما تبقى من هذه الاحتياطات على حدود 10.11 مليار دولار. وبوتيرة الاستنزاف هذه، من المفترض أن تتدنّى قيمة هذه الاحتياطات إلى ما دون 10 مليار دولار لأوّل مرّة منذ بدء الأزمة، في مطلع الشهر المقبل. مع الإشارة إلى أنّ الانخفاضات المستمرّة في قيمة الاحتياطات تنتج اليوم عن استعمالها من قبل مصرف لبنان، لتمويل جزء من عمليّات بيع الدولار عبر منصّة صيرفة. كما يسجّل المصرف المركزي بعض الخسائر في قيمة هذه الاحتياطات، نتيجة انخفاض قيمة الجزء المقوّم باليورو منها، بعد التدهور الحاصل في قيمة اليورو مقابل الدولار الأميركي.

وبعد الاستنزاف الحاصل في الجزء الأوّل من شهر تمّوز، تجاوز الانخفاض في قيمة احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة حدود 2.71 مليار دولار منذ بداية السنة، حيث انخفضت قيمة هذه الاحتياطات من 12.83 مليار دولار في بداية شهر كانون الثاني الماضي، إلى حدود 10.11 مليار دولار في منتصف شهر تمّوز. وبذلك، يكون هذا المبلغ هو الكلفة الإجماليّة حتّى اللحظة لعمليّة ضخ الدولار في السوق عبر منصّة صيرفة، التي بدأها حاكم مصرف لبنان منذ مطلع العام.

تراجع قيمة الذهب
خلال النصف الأوّل من الشهر الحالي، تراجعت قيمة احتياطات الذهب الموجودة في ميزانيّة المصرفي المركزي من 16.73 مليار دولار في بداية شهر تمّوز، إلى 15.72 مليار دولار في منتصف الشهر. وبذلك، تكون هذه الاحتياطات قد خسرت ما يقارب 1.01 مليار دولار من قيمتها خلال هذه الفترة القصيرة، أي نحو 6% من قيمتها. وكما ذكرنا سابقًا، نتج هذا التطوّر بالتحديد عن تراجع أسعار الذهب في الأسواق العالميّة. مع الإشارة إلى أنّ المصرف المركزي يقوم بتعديل قيمة الذهب كما ترد في ميزانيّاته النصف الشهريّة، وفقًا لأسعار الذهب الرائجة في البورصات العالميّة.

بند الموجودات الأخرى
في حصيلة هذه التطورات، تراكم في بند الموجودات الأخرى زيادة بنحو 1.88 مليار دولار، لترتفع قيمة هذا البند إلى حدود 68.7 مليار دولار. مع الإشارة إلى أنّ مصرف لبنان يستعمل هذا البند لإخفاء الخسائر التي لا يريد الاعتراف بها محاسبيًّا، من خلال تسجيل ومراكمة موجودات وهميّة تحت هذا العنوان، بدل الاعتراف بالخسائر التي تطال وتستنزف موجوداته الفعليّة. وهذه الخسائر المتراكمة، تمثّل الجزء الأكبر من كتلة الخسائر المصرفيّة التي تحاول خطّة التعافي المالي التعامل معها، بالإضافة إلى الخسائر التي ستنتج من إعادة هيكلة الدين العام.

وفي كل الحالات، وبعد الزيادة الأخيرة في بند الموجودات الأخرى، باتت قيمة هذا البند توازي وحدها نحو 41% من إجمالي موجودات المصرف المركزي، ما يعكس حجم وأثر الفجوة الموجودة في الميزانيّات.

تضخّم الكتلة النقديّة
بعد أن نجح مصرف لبنان خلال الأشهر الماضية في لجم حجم الكتلة النقديّة المتداولة، بفعل سياسة امتصاص الليرة اللبنانيّة، عبر بيع الدولار من خلال المنصّة، عادت قيمة هذه الكتلة للارتفاع بشكل كبير. فخلال النصف الأوّل من شهر تمّوز، ارتفعت قيمة الكتلة النقديّة المتداولة بالليرة من 38,904 مليار ليرة لبنانيّة، إلى حدود 41,203 مليار ليرة، ما عكس زيادة في حجم هذه الكتلة بنسبة 6%، خلال فترة لم تتجاوز نصف الشهر. وهذه الأرقام، تعني أن مصرف لبنان ضخ في السوق ما قيمته 2,299 مليار ليرة من السيولة بالعملة المحليّة.

في خلاصة الأمر، باتت الميزانيّة النصف الشهريّة لا تعكس سوى تراكم آثار الأزمة في أرقام مصرف لبنان، وعلى جميع الصعد. لكنّ أخطر ما في الأرقام الأخيرة، يكمن في عودة حجم الكتلة النقديّة المتداولة بالليرة للتضخّم، وهو ما سيعني توفير كتلة من السيولة بالعملة المحليّة القادرة على الضغط على سعر صرف الليرة اللبنانيّة. ففي ظل أزمة نقديّة كالتي يعيشها لبنان اليوم، أي زيادة في حجم السيولة بالليرة اللبنانيّة سيعني تلقائيًّا زيادة موازية في حجم الطلب على الدولار الأميركي. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها