أما في المناطق المطلة على البحر في شمال لبنان، ومنها تحديداً منطقتي حالات والبترون، وحتى في منطقة جبيل، فقد تراوحت أسعار الشاليهات ما بين 100 و120 دولاراً في الليلة الواحدة. في مناطق جبل لبنان، مثل دير القمر، ومناطق الشوف، تراوحت الأسعار ما بين 250 و280 دولاراً في الليلة الواحدة، مع تسديد تأمين إلزامي للشقق الفندقية بقيمة 100 دولار تحسباً لحصول أي حوادث أو أضرار في الشقق الفندقية. وتباينت الأسعار في القرى الجبلية، فتراوحت ما بين 70 و90 دولاراً في الليلة الواحدة، ما يعني أن متوسط الإقامة في أي شقة فندقية، أو شاليه في مناطق الجبل أو على البحر قد تتخطى حاجز 1000 دولار لمدة أسبوع، أي ما يقارب 27 مليون ليرة.
هذه الأسعار لا تتلائم مع القدرة الشرائية للبنانيين، وهي مصممة خصيصاً للمغتربين، خصوصاً أن قسماً كبيراً منهم لم يزر لبنان منذ سنوات. وقد يجد المغترب أن تسعيرة الدولار أفضل من انتظار الكهرباء أو السعي لتأمين المازوت، حتى وإن كان يملك عقاراً. وهذا ما أكده العديد من المغتربين على مواقع التواصل الاجتماعي.
الكلفة التشغيلية
يتوقع الخبراء في القطاع السياحي أن يتمكن لبنان من الحصول على 4 مليارات دولار خلال الموسم الحالي. وهذا مبلغ جيد لتعويض جزء من الخسائر، حسب نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية والأمين العام لاتحاد المؤسسات السياحية جان بيروتي. وهو يقول لـ"المدن": "تكبدت المؤسسات السياحية خسائر بالمليارات في السنوات الماضية، خصوصاً بعد انفجار المرفأ، وجاءت التسعيرة بالدولار اختيارية نتيجة مساعٍ عديدة قادها أصحاب المؤسسات السياحية، خصوصاً وأن التكلفة التشغيلية لإدارة هذه المؤسسات تحتسب بالدولار، وليس بالليرة اللبنانية".
وفق بيروتي، تسبب سعر الصرف، وارتفاع كلفة إدارة المؤسسات السياحية في العامين الماضيين، بإقفال أكثر من 10000 مؤسسة سياحية ما بين مطاعم وملاهٍ، ومنتجعات سياحية وفنادق. ولذا فإن التسعيرة بالدولار جزء لتسديد النفقات التشغيلية. ففي ظل انقطاع مستمر للتيار الكهربائي، وارتفاع سعر مادة المازوت وبيعها بالدولار، كان لا بد من وضع التسعيرة بالدولار.
لا يعتبر بيروتي أن التسعيرة بالدولار تتسبب في هروب السياح، بل على العكس. فقد تساعد على تأمين الشفافية، إذ يمكن للزائر احتساب التكلفة قبل التخطيط للرحلة.
سياحة نوعية
حتى الأن، وحسب التوقعات، فإن الحجوزات السياحية تبشر بموسم واعد. فهي تخطت حاجز 70 في المئة في بعض المناطق. ومن المرجح أن تشهد إقبالاً وارتفاعاً خلال عطلة عيد الأضحى. وهذا ما يؤكده عصام أبي حبيب الذي يدير فندقاً مصنفاً 3 نجوم في منطقة برمانا. وعمد أبي حبيب كسائر القيمين على إدارة المؤسسات السياحية إلى وضع التسعيرة بالدولار، ورجح أن تشهد هذه الأسعار العديد من التغييرات في فترة الصيف. وذلك تبعاً للنفقات اليومية. ويقول: "تم وضع جدول تسعير الغرف داخل الفندق لفترة شهر تقريباً، على أن تتبدل الأسعار نهاية شهر تموز المقبل".
يعتمد أبي حبيب في تشغيل الفندق على المغتربين، خصوصاً من الولايات المتحدة، كندا، وأستراليا، إضافة إلى بعض السياح العرب، وتحديداً من مصر والعراق. وحسب تعبيره، فقد بلغت نسبة الحجوزات خلال فترة العيد نحو 90 في المئة، ما يبشر بموسم واعد.
ويعول أصحاب المؤسسات السياحية على المغتربين ولا يعطون أي أهمية للسياح من الداخل اللبناني، خصوصاً إذ قارنا الأسعار بين العام الماضي والعام الحالي. ففي تموز 2021، تراوحت أسعار الغرف الفندقية في المنتجعات والمؤسسات السياحية المصنفة 3 نجوم ما بين 20 و40 دولاراً في مناطق الأرياف والقرى أو مناطق الاصطياف البعيدة عن العاصمة بيروت، فيما السعر اليوم وصل إلى ما بين 100 و130 دولار.
بدائل وخيارات
يختلف الوضع هذا العام بالنسبة للكثير من اللبنانيين المقيمين، حتى الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار. فعلى عكس السنوات الماضية حين ازدهرت السياحة الداخلية، من المرجح أن لا يكون الوضع نفسه هذه الصيف. إذ يستغرب العديد من اللبنانيين هذه الأسعار، ويعتبرونها مبالغاً بها. وهذا ما عبرت عنه هنادي هاشم، إذ وجدت أن تكاليف السياحة الداخلية لعائلتها قد تصل إلى أكثر من 1000 دولار في حال أرادت الاستجمام لمدة 3 ليال في إحدى المنتجعات السياحية اللبنانية، فيما لم تدفع العام الماضي أكثر من 300 دولار. وترى هاشم، أن وجهات أخرى، على غرار تركيا أو قبرص قد تبدو أرخص. إذ تشمل تذكرة السفر إلى تركيا والإقامة على البحر سواء في مدينة مارماريس أو أنطاليا نحو 500 دولار، لمدة 5 أيام، شاملة وجبة الإفطار والعشاء، وهي تكلفة زهيدة مقابل ما يتطلبه أصحاب المؤسسات السياحية في لبنان.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها