ومع ذلك، فإن رفع التعرفة بقي مطلباً مشتركاً بين القرم ومدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية الذي لوّح بالاستقالة أيضاً، لكنه لم يحصرها بعدم رفع التعرفة. فبالنسبة إليه "لا يوجد رابط عضوي بين استمرارية القطاع ورفع التعرفة". وشرح كريدية لـ"المدن"، بأن القطاع سيستمر بالعمل "لأن لا أحد سيتخذ قراراً بوقفه". أيضاً، إن عدم إقرار رفع التعرفة سيعني "استمرار التعرفة الحالية، وهذا يستتبع تأمين الحكومة اعتمادات لضمان تسيير القطاع". أما الاستقالة فتتحتّم "في حال فقدنا القدرة على تسيير القطاع بفعل الأزمة. فحينها لا يعود هناك داعٍ للبقاء في أوجيرو".
على أن تحذير القرم وكريدية ينطلق من المؤشرات السلبية التي التمسها الطرفان. فالقرم لم يلقَ تجاوباً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، يطمئنه إلى تبنّي الحكومة قرار رفع التعرفة، فيما كريدية يختبر يومياً ضعف إمكانيات أوجيرو وحاجتها الملحّة للدولار لاتمام أعمالها. فميقاتي كان يريد خروجاً هادئاً لحكومته من دون ربط عهده برفع التعرفة، فيما القرم يريد تسجيل اسمه كوزير زاد إيرادات الدولة من هذا القطاع، لعلمه بتفاصيل نكبته.
الانترنت غير الشرعي
ما حسمه مجلس الوزراء هو تعرفة التخابر الخاصة بشركتيّ الخليوي ألفا وتاتش وبهيئة أوجيرو. ما يترك قطاع الانترنت "سائباً" أمام الاستفادة غير الشرعية. فغياب الرقابة والملاحقة تعني استمرار استحواذ الانترنت غير الشرعي "على 62 بالمئة من حجم المشتركين، أي نحو 750 ألف مشترك من أصل مليون و200 ألف مشترك"، وفق القرم الذي يؤكّد أن عملية مكافحة الانترنت غير الشرعي، ترفد الدولة "بنحو 1000 مليار ليرة سنوياً". وفي ظل مراوَحة الوضع على حاله، فإن شركات الانترنت قد ترفع أسعارها بما يصل إلى نحو 60 بالمئة، بحجّة رفع أسعار الاتصالات. علماً أن بعض الشركات تلتزم بشراء الانترنت الشرعي من أوجيرو، وتبيعه للشركات الموزّعة ثم إلى المشتركين، بصورة قانونية وعادلة.
تأمين الدولار
رفع التعرفة "خيار حتمي وليس نزهة"، وفق ما تقوله مصادر في وزارة الاتصالات في حديث لـ"المدن". فالأسعار الحالية تؤدّي إلى انهيار القطاع. على أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة "غير كافية"، لأن القطاع يحتاج لتأمين الدولار سريعاً لاجراء الصيانة وشراء المعدات وقطع الغيار والكابلات وغير ذلك، ولا يمكن انتظار رفع التعرفة وتحصيل الزيادات". وهذه الحاجة تفتح المجال أمام سلفات الخزينة لهيئة أوجيرو.
والسلف كانت حاضرة على جدول أعمال جلسة اليوم الذي تضمّن "الموافقة على مشروع مرسوم يعطي سلفة خزينة لهيئة أوجيرو (القيمة غير محددة) لتأمين المحروقات والمواد الضرورية لتشغيل وتسديد اشتراكات المولدات الخاصة لتسيير المرفق العام للاتصالات. والموافقة على مشروع مرسوم يرمي لاعطاء أوجيرو سلفة خزينة بقيمة 350 مليار ليرة لتغطية النفقات والمستلزمات الأساسية لتشغيل وصيانة الشبكة الثابتة لتأمين استمرارية عمل قطاع الاتصالات".
أما قطاع الخليوي، فلا يمكن اعطاؤه سلف خزينة نظراً لادارته من قبل شركات خاصة، ما يجعل الاعتماد على الذات أمراً ضرورياً، وهو ما استوجب تقليص الوزارة لمصاريف القطاع "من 560 مليون دولار إلى 255 مليون دولار". بالإضافة إلى تقليص نفقات المازوت عبر "تركيب ألواح الطاقة الشمسية وبطاريات ليثيوم في 225 مركزاً لشركة ألفا و179 مركزاً لشركة تاتش"، وفق القرم.
يُرَوَّج لرفع التعرفة على أنه المنقذ الوحيد للقطاع، لكن لا تُعطى الجوانب الأخرى الأهمية المطلوبة، ومنها النفقات المرتفعة سواء النفقات التشغيلية أو الرواتب الهائلة لكبار المدراء، فضلاً عن الهدر عبر التوظيف العشوائي والوهمي. ناهيك بعدم الالتفات إلى تحسين نوعية الاتصالات والانترنت وإعادة النظر بالخدمات التعسفية المفروضة، ومنها إلزام المشتركين بشراء خطوطتهم المسبقة الدفع، بشكل دوري شهرياً، عن طريق تشريج ما يُعرَف بـ"الأيام"، للحفاظ على الخط وعدم استعادته من قِبَل شركتيّ الخليوي. إلى جانب الحزم المجحفة للانترنت والمكالمات. أما إنهاء الاحتكار وخلق المنافسة وتحسين جودة الخدمات وخفض أسعارها، فهو أمر غير وارد لدى وزارة الاتصالات أو الحكومات.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها