مئات الآلاف من موظفي القطاع العام والعسكريين والأمنيين يتقاضون اليوم رواتب لا تكفي معيشتهم. كما لا يملكون تغطية صحية تامة ولا قدرة لتعليم أولادهم. إذ تستمر الدولة بتأمين الطبابة والتعليم لموظفيها وفق سعر الصرف الرسمي للدولار أي 1500 ليرة، في حين أن كل تلك الخدمات يتم تسعيرها في واقع الأمر وفق سعر صرف الدولار في السوق السوداء (حالياً 27000 ليرة للدولار) الأمر الذي أفقد مئات الآلاف من اللبنانيين الأمان الصحي والتعليم وحتى القدرة على المعيشة، فرواتب الموظفين تتراوح بين مليون و200 ألف ليرة (نحو 45 دولاراً) و6 ملايين ليرة (نحو 220 دولاراً) فقط.
من هنا يمكن اعتبار الغالبية الساحقة من الموظفين غير مؤمّنين معيشياً وصحياً وتعليمياً، وتالياً تتقلّص الفوارق بينهم وبين العاطلين عن العمل. قد لا يصح اعتبارهم عاطلين عن العمل لكن قطعاً لا يمكن تصنيفهم كعاملين يتمتعون بدرجة من الأمان الوظيفي.
مسح القوى العاملة
وبالعودة إلى مسح القوى العاملة في لبنان للعام 2022، فقد نفذته إدارة الإحصاء المركزي بالتعاون مع منظمة العمل الدولية من 27 كانون الأول 2021 إلى 31 كانون الثاني 2022، وهو يغطي مجموعة واسعة من مؤشرات سوق العمل وخصائص أخرى للمقيمين، في ضوء الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب والمليء بالتحديات في لبنان. وتغطي العينة الفعلية المقيمين اللبنانيين وغير اللبنانيين في الوحدات السكنية في لبنان. أما مخيمات اللاجئين والتجمعات المجاورة لها والثكنات العسكرية والوحدات غير السكنية بشكل عام، فوقعت خارج نطاق المسح الأسري.
وتكاد تكون أهم نتائج المسح مسألة الإستخدام الناقص للعمالة والذي سجل زيادة كبيرة، من 16.2 في المئة بين 2018-2019 إلى 50.1 في المئة في كانون الثاني 2022. وكانت أعلى درجة من الاستخدام الناقص للعمالة بين الشباب، حيث سجلت نسبة 64.7 في المئة.
نتائج المسح
يبين المسح أن معدل المشاركة في القوى العاملة الوطنية -أو النسبة المئوية للأشخاص الناشطين في سوق العمل، سواء كانوا موظفين أو عاطلين عن العمل- قد انخفض بأكثر من خمس نقاط مئوية من 48.8 في المئة في 2018-2019 إلى 43.4 في المئة في كانون الثاني 2022.
وقد بين البحث أن الرجال نشيطين في سوق العمل أكثر من النساء، حيث تبلغ نسبة الرجال في سوق العمل 66.2 في المئة مقابل 22.2 في المئة للنساء. وغالبا ما تستخدم نسبة العمالة إلى السكان -أو قياس القوى العاملة في العمالة حالياً مقابل إجمالي السكان في سن العمل- كمؤشر لأداء الاقتصاد الوطني في توفير فرص العمل للسكان. وقد بين المسح أن هذه النسبة بلغت 30.6 في المئة في كانون الثاني 2022، حيث انخفضت بأكثر من 10 نقاط مئوية من 43.3 في المئة في 2018-2019. وقد كانت هذه النسبة أعلى للرجال (47.4 في المئة) مقارنة بالنساء (15 في المئة)، وأقل للشباب (17.9 في المئة) مقارنة بالبالغين (34.2 في المئة).
ووفقا لنتائج المسح، ارتفع معدل البطالة في لبنان من 11.4 في المئة في فترة 2018-2019 إلى 29.6 في المئة في كانون الثاني 2022، ما يشير إلى أن ما يقارب ثلث القوى العاملة الناشطة كانت عاطلة عن العمل في كانون الثاني 2022. وقد كانت نسبة النساء العاطلات عن العمل أكثر من الرجال، حيث بلغ معدل بطالة النساء 32.7 في المئة مقارنة بمعدل الرجال 28.4 في المئة، في حين بلغ معدل الشباب 47.8 في المئة، ضعف معدل البالغين 25.6 في المئة.
ويكشف المسح، أن العمالة غير المنظمة -العمالة التي لا تغطيها بشكل كاف الترتيبات الرسمية والنظم للحماية- تمثل الآن أكثر من 60 في المئة من مجموع العمالة في لبنان. وقد وجد المسح أيضاً أن نحو نصف القوى العاملة والقوى العاملة المحتملة في لبنان تم استخدامهما بشكل ناقص أو آخر في كانون الثاني 2022. يمكن أن يشير الاستخدام الناقص للعمل إلى البطالة وكذلك إلى العمالة الناقصة حيث يكون الأشخاص متاحين للعمل ساعات أكثر مما يفعلون، وإلى القوى العاملة المحتملة للأشخاص المتاحين للعمل ولكنهم لا يسعون إلى الحصول على عمل أو الأشخاص الذين يبحثون عن عمل ولكنهم غير متاحين على الفور للاضطلاع به.
وقد سجل الاستخدام الناقص للعمل زيادة هائلة من 16.2 في المئة في فترة 2018-2019 إلى 50.1 في المئة في كانون الثاني 2022. وقد كانت أعلى نسبة للاستخدام الناقص للعمل بين الشباب حيث بلغت 64.7 في المئة في كانون الثاني 2022 مقارنة بـ29.4 في المئة في فترة 2018-2019، وبين النساء حيث بلغت 47.6 في المئة في كانون الثاني 2022 مقارنة ب 21.3 في المئة في فترة 2018-2019.
بين التعليم والصحة
وعن التعليم، بلغت نسبة الملتحقين بالتعليم الرسمي للمسح 52.8 في المئة وهي المرة الأولى منذ العام 2004 التي تفوق فيها نسبة الالتحاق بالتعليم الرسمي تلك العائدة للتعليم الخاص، ومن هنا تكمن ضرورة حماية التعليم الرسمي وتطويره في لبنان، حيث أن أكثر من نصف الملتحقين يتابعون تعليمهم في مؤسسات تعليمية رسمية.
أما في ما يخص التأمين الصحي، فقد انخفضت نسبة الذين يستفيدون من تأمين صحي. وهي المرة الأولى منذ عشر سنوات التي تتراجع فيها هذه النسبة إلى ما دون نصف المقيمين.
أما بالنسبة إلى مصدر التأمين الصحي، فقد بقي العمل الحالي أو السابق للفرد أو لأحد أفراد الأسرة المصدر الأساسي للتأمين الصحي، إلا أنه تدنى من 64 في المئة في المسح السابق إلى 62 % في 2022، واللافت في هذا المجال هو انخفاض حصة التأمين الخاص من 22 في المئة في عامي 2018-2019 لتصبح 14 في المئة في العام 2022.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها