الأحد 2022/05/01

آخر تحديث: 15:42 (بيروت)

عيد العمّال: عائلات ترسل أطفالها للعمل.. وفرص النجاة تتقلّص

الأحد 2022/05/01
عيد العمّال: عائلات ترسل أطفالها للعمل.. وفرص النجاة تتقلّص
تزداد عمالة الأطفال مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
في لبنان كما في كل العالم، تشعّبت الوظائف والأعمال لتضع الجميع في حيرة من أمرهم في تصنيف العمّال. فالوظائف المكتبية التي تعتمد الجهد الفكري لا العضلي، ومحال التجارة الصغيرة والمتوسطة والمهن الخاصة ووظائف الدولة... وغيرها، بدّدَت التصنيف التقليدي المستند إلى عمّال المصانع وفلاّحي الأرض.

التسميات والنتائج
ولأن التسمية ليست الأهم مقارنة بالنتائج الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي يواجهها العمّال والموظّفون، يبقى من الأسهل عدم الوقوف أمام التسمية. فكلّ مَن في سوق العمل مُهدَّدٌ. وفي لبنان يزداد التهديد يومياً لدرجةِ حرمان العمّال فرحة يومهم اليتيم.

عيد العمال لهذا العام، حافلٌ بالأرقام والمؤشرات السلبية المتراكمة فوق أرقام الأعوام السابقة. وبعيداً من تعقيدات التصنيفات والتسميات، فإن انعكاسات زيادة حجم الفقر وارتفاع معدّلات البطالة والهجرة والرغبة في الهجرة وانعدام أفق الحل القريب، تُفرِز تداعيات خطرة على صعيد الأمن الاجتماعي والغذائي والصحي، للعمال وعائلاتهم.

وأمام هَول الكارثة التي انفجرت في تشرين الأول 2019 وامتدّت تداعياتها حتى هذه اللحظة، سَقَطَ وَهمُ تقديم السلطة السياسية أيّ علاج. حتّى بات جلّ اللبنانيين بحاجة إلى "إعادة تصميم نظام حماية اجتماعية يشمل الجميع ويغطي مختلف مراحل الحياة ويحمي ملايين الناس الذين عانوا نتيجة الأزمة، ويضع الاستثمار في البشر أيضاً في صلب عقد اجتماعي جديد"، وفق ما قالته في أيار 2021، مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية في منظمة العمل الدولية، ربا جرادات، كتعليق على "الأزمة غير المسبوقة في لبنان". أما خزعبلات السلطة تحت راية الدعم والمساعدات الاجتماعية، فرأت جرادات أن هذا "النهج الذي يحمي الأسر معيشياً موقتاً فقط - أو يستهدف الفقراء المعدمين فقط - لن يكون نهجاً مستداماً إذا لم يعالج نقاط الضعف الهيكلية في نظام الحماية الاجتماعية".

الأرقام المحلية
يستحيل تسجيل أعداد العاملين الفعليين في سوق العمل. ذلك بسبب غياب الإحصاءات الرسمية الواضحة، وسرعة دخول وخروج العاملين إلى ومِن السوق، فضلاً عن مرونة البطالة التي تغطّي تحت مظلة البطالة المقنّعة، العدد الأكبر من العاملين في كل القطاعات. لكن المؤشرات المتوافرة محلياً ودولياً، لا تنذر بالسرور بعد نحو عامين ونصف على انفجار الأزمة.

فأرقام الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وهو الجهة الحاضنة للموظفين والعاملين المشمولين بقانون العمل، أي ليسوا موظفي الإدارات الرسمية أو الأسلاك العسكرية، تدلّ على أنه "منذ مطلع العام 2020 ولغاية شباط 2021، يبلغ صافي عدد الخارجين من سوق العمل 40 ألفاً".
وبالاستناد إلى أرقام شركة "الدولية للمعلومات"، فحتّى نهاية العام 2021 "ارتفعت نسبة البطالة لتقارب نحو 35 بالمئة من حجم القوى العاملة المقدّر عددها بنحو مليون و340 ألف عامل. أي أن عدد العاطلين عن العمل يصل إلى 470 ألف عامل".

العيون الدولية
يأتي عيد العمّال للعام 2022 حاملاً عبء ثلاثة أحداث لن تُمحى من الذاكرة والتاريخ: الانهيار الاقتصادي وانتشار فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت. وهذه الأحداث "الثلاثية الأبعاد" كما تسميها منظمة اليونيسف، تركت بصمة أبدية على العمال وعائلاتهم، وأفرزت واقعاً لن يسهل التعامل معه، خصوصاً وأن تداعياته ستمتد لسنوات مقبلة. وهذا ما توثّقه أرقام المنظمات الدولية التي هي بمثابة عيون خارجية تطلّ على الأزمة المحلية التي انعكست نظرة قاتمة في عيون الشباب والشابات الذين يعيشون معنى فقدان أهلهم عملهم، أو القدرة الشرائية لرواتبهم، وكذلك يعيشون كجيل شاب، فقدانهم للأمل بواقع أفضل يبدأ بفرص العمل بعد إنهاء مرحلة التعليم.

ففي تقييم لليونيسف، صادر في كانون الثاني 2022، بعنوان "البحث عن الأمل - نظرة قاتمة لشباب وشابات لبنان الذين يتأرجحون عند حافة الهاوية"، يتبيّن أن "متوسط دخل الشباب الشهري هو مليون و600 ألف ليرة. أي ما يعادل 64 دولاراً حسب سعر الصرف في السوق السوداء، حين إعداد التقييم". كما أن "7 من 10 شبان/ات يمكن اعتبارهم عاطلين من العمل، ولم يجنِ هؤلاء دخلاً خلال الأسبوع الذي سبق إجراء التقييم". وكنتيجة لهذه الأرقام، تغيّرت استراتيجيات الأسر للتكيّف مع الحياة الجديدة، فسجّل تقييم اليونيسف اعتماد "13 بالمئة من العائلات لاستراتيجية تكيّف سلبية تتمثّل بإرسال أطفالها، ممّن هم دون سن 18 عاماً، إلى العمل. وهذه النسبة قد ترتفع أكثر إذا ساء الوضع".
البطالة والفقر وتغيير السلوك الاقتصادي للأسر اللبنانية، لم يهدّد فقط أرباب الأسر أو أبنائهم الشباب، بل طال الأطفال. إذ أن "9 من كل 10 أطفال، تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و23 شهراً، لا يتلقون، أقله، الحد الأدنى من النظم الغذائية المقبولة اللازمة لصحتهم ونموهم وتطورهم. و7 بالمئة من الأطفال يعانون من ضعف النمو الشديد".

الأمل في الخارج
لا يمكن الاحتفال بعيد العمّال في هذه الظروف. فالعمّال باتوا بلا عمل. وأبناؤهم يتطلّعون للهروب خارج حدود الـ10452 كلم مربّع. وتبيّن أرقام اليونيسف أن "41 بالمئة من الشبان والشابات يرون أن فرصتهم الوحيدة هي البحث عن فرصٍ في الخارج". فالمؤشرات الإيجابية شبه معدومة، ومعدوم تحقّق إنجاز إيجابي بطريقة ما. ذلك أن "معدلات البطالة لن تقل في نهاية العام 2030 عن 23 بالمئة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها