الثلاثاء 2022/04/26

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

المودعون طيّروا "الكابيتال كونترول" والسلطة تورّط الجيش

الثلاثاء 2022/04/26
increase حجم الخط decrease
فقدت جلسة اللجان النيابة المشتركة المخصّصة للبحث في "الكابيتال كونترول" نصابها، ولم يتمكّن النواب المُندفعون لتمرير اقتراح الكابيتال كونترول "المسخ" من استكمال النقاش فيه تمهيداً لإقراره. لم يأبه البعض، ومنهم النائب نقولا نحّاس، لمخاوف حشود المواطنين التي تجمّعت على مدخل مجلس النواب، رفضاً لإقرار الكابيتال كونترول. وقد لا تعنيه مخاوفهم. كل ما يعنيه هو وشركاؤه في السلطة السياسية إقرار القانون الذي يحمي المصارف ويكرّس أكبر عملية سطو على مال المودعين.

إفشال محاولة السطو
السلطة السياسية العازمة على إقرار قانون يحمي المصارف ويحصّنها بوجه عملائها، ويستبيح أموال المودعين، بمنح لجنة مصغّرة صلاحيات مطلقة، لم تجرؤ على مواجهة الناس، أو الاستماع إلى هواجسهم من قانون الكابيتال كونترول، كما لم تُشرك أي ممثلين عن المودعين في جلسات نقاش اللجان النيابية حول الكابيتال كونترول، ولم تبرّر لهم سبب تحميلهم الخسائر وكأنهم شاركوها السرقة والفساد والانتفاع من "الهندسات المالية". تلك السلطة نفسها باتت عارية من أي قدرة على لملمة الأزمات وإدارتها، وعاجزة تماماً عن حماية مواطنيها، مودعين كانوا أو غير مودعين، باتت تتلطى خلف أجهزتها الأمنية في مواجهة الناس. وهو ما حصل اليوم أمام مجلس النواب، حيث وقعت صدامات بين عناصر الجيش اللبناني وحشود المودعين.

باختصار، تستخدم السلطة السياسية في لبنان قوتها العسكرية والأمنية لصد اعتراضات مواطنيها على إمعانها بالتنكيل بمدخراتهم وجنى أعمارهم، فلا يمكن وصف اقتراح الكابيتال كونترول بصيغته الحالية سوى بمحاولة السطو على الودائع، في ظل غياب أي خطة للتعافي الاقتصادي وبمعزل عن اي إجراء إصلاحي لا على مستوى مالية الدولة ولا مؤسساتها ولا على مستوى القطاع المصرفي. لم تبادر السلطة في لبنان إلى إقرار أو تنفيذ أي خطوة إصلاحية تلبية لطلبات وشروط صندوق النقد الدولي، واقتصرت محاولاتها على فرض الكابيتال كونترول بصيغة أقل ما يُقال فيها أنه مجحفة جداً، يكرّس سرقة أموال المودعين ويحمي المصارف من الملاحقات القضائية ويعفيها من مسؤولية الاستيلاء على الودائع.

إسقاط الكابيتال كونترول
المودعون احتشدوا اليوم على مدخل مجلس النواب وتمكّنوا من إفشال اجتماع اللجان النيابية المخصص للبحث بالكابيتال كونترول. وإن كانت الجلسة فقدت نصابها، فمرد ذلك إلى الضغوط التي مارسها المودعون المحامون منهم والصحافيون والأطباء والمتقاعدون وأصحاب المهن الحرة كافة والمواطنون وسواهم. ولولا رفض تلك الشرائح المهنية والاجتماعية جميعها لصيغة الكابيتال كونترول الحالية لما امتنع عدد من النواب عن حضور الجلسة، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، وحرص السياسيين على تبييض صفحاتهم بأعين جمهورهم قبل 15 أيار موعد الانتخابات النيابية.

ويرجّح متابعون لملف الكابيتال كونترول أن يُصار إلى إحالة اقتراح القانون إلى مجلس النواب الجديد أي لما بعد 15 أيار. وهو ما يفسّر قول النائب نقولا نحاس "أنّ البرلمان أعلن اليوم إنهاء ولايته التشريعيّة بما أنه لا يمكنه التشريع قبل الانتخابات".

الإصلاحات أولاً
حشود المودعين الذين تداعوا إلى مدخل مجلس النواب بدعوات من نقابات المهن الحرة، المهندسين ومحرّري الصحافة والأطباء، ومن تجمع متقاعدي القطاع العام والاتحادات النقابية والعمالية ومن المودعين المغتربين وغيرهم كثر، لمواجهة الكابيتال كونترول ومنع تمريره في اللجان المشتركة، لم يطلبوا سوى الحفاظ على مدخراتهم الشخصية ومدخرات نقاباتهم ومؤسساتهم، ورفض المس بها بحجة قانون تمت صياغته على قياس المصارف ولحمايتها، لاسيما بعد تمكّن المصارف وأمام أعين السلطة السياسية وبمباركتها، من تهريب مليارات الدولارات إلى خارج لبنان في الأعوام الاخيرة، وتزامناً مع انهيار العملة الوطنية وخسارتها أكثر من 85 في المئة من قيمتها، ووسط ارتفاع هائل بنسب الفقر وانهيار الخدمات العامة وغيابها بشكل شبه كلّي.

أما الحفاظ على أموال المودعين فلا يكون بقانون كابيتال كونترول أعزل "مشوّه" يشكل خطراً على الاقتصاد الوطني، إنما بتعديله بما يحفظ حقوق المودعين ويحميهم ويُسقط سلطة المصارف. وليس هذا فحسب، بل الأهم من ذلك لا بد من إرفاق قانون الكابيتال كونترول مع جملة إصلاحات اقتصادية ومالية تتماشى وسلة شروط صندوق النقد الدولي.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها