الجمعة 2022/12/09

آخر تحديث: 11:16 (بيروت)

مساع لبنانية أمام الاتحاد الأوروبي لمحاسبة مصرفيين وسياسيين

الجمعة 2022/12/09
مساع لبنانية أمام الاتحاد الأوروبي لمحاسبة مصرفيين وسياسيين
مواجهة حتى استعادة الحقوق (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
بعد 3 سنوات من الانهيار المالي، وفي ظل تواطؤ السلطتين السياسية والمصرفية، وتخاذل السلطة القضائية عن لعب دورها في محاسبة المتسببين والمساهمين بالأزمة اللبنانية، كان لا بد من التوجه إلى القضاء الأجنبي. وهو ما تحاول رابطة المودعين ترجمته بحراكها القانوني بوجه سياسيين ومصرفيين، عبر بوابة الاتحاد الأوروبي.

وقد تقدّمت رابطة المودعين في لبنان ومنظمة Accountability Now بالتماس قانوني للاتحاد الأوروبي (ودائرة العمل الخارجي)، طالبت فيه بتفعيل العقوبات ضد شخصيات سياسية ومصرفية لبنانية، تماشياً مع إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي الصادر في تموز 2022. فهل سيشهد لبنان يوماً عملية محاسبة حقيقية؟

التماس قانوني
يطالب الالتماس القانوني بفرض عقوبات على أفراد محدّدين في إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي، "بناءً على دورهم في عرقلة خطط الإصلاح في لبنان. ويحدد المبررات القانونية للعقوبات ضد مجموعة من السياسيين اللبنانيين، وكبار الموظفين العامين، ومديري البنوك التنفيذيين، الذين فشلوا في مهام الخدمة العامة، من خلال السعي وراء مصالحهم الخاصة على حساب الشعب اللبناني والدولة اللبنانية".

وبعد تقييم دقيق وجاد، تمت مطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ضد أفراد قوضوا تنفيذ الخطط التي وافقت عليها السلطات اللبنانية، وبدعم من الجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة، وكذلك أولئك الذين تورطوا في سوء السلوك المالي فيما يتعلق بالأموال العامة، طالما أن الأفعال المعنية مشمولة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC).

كما يوفر الالتماس المشترك، حسب رابطة المودعين، الأساس القانوني ويفند الطريقة والأسباب المنطقية لكيفية قيام الجهات الفاعلة في القطاعين السياسي والمصرفي بعرقلة العديد من الإصلاحات بدءًا من مقررات مؤتمر سيدر 2018 حتى الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي.

ومن بين الأفراد المستهدفين بالعقوبات نواب لبنانيون حاليون وسابقون، وأعضاء مجلس الوزراء ومسؤولون تنفيذيون في المصارف الخاصة، ومسؤولون في مصرف لبنان المركزي. مع الإشارة إلى أن الأطراف التي قدمت الطلب لم تطلب أي عقوبات شاملة أو قطاعية، وسيتم تقديم دليل ضد المزيد من الافراد في وقت لاحق.

عواقب حقيقية
هذه العريضة تحدد الأسس القانونية المفصلة لفرض العقوبات على مستوى الاتحاد الأوروبي بهدف إحداث عواقب حقيقية على السياسيين والمصرفيين الذين تواطؤا لإنتاج وإدامة الأزمة الحالية. ويقول نزار غانم عضو المؤسس لرابطة المودعين: ندعو مجلس الاتحاد الأوروبي وجميع الدول الأعضاء فيه إلى عدم تجاهل الأدلة الدامغة التي قدمناها والتي تظهر كيف عمل السياسيون والمصرفيون معًا لعرقلة الإصلاحات التي اتفق عليها المجتمع الدولي.

بينما تدرك رابطة المودعين ومنظمة Accountability Now أن هذه الطلبات مقدمة إلى سلطات ومؤسسات تابعة لحكومات خارجية، فقد سعوا للبقاء، وفقًا لبيان رسالتهم، على القدر نفسه من الحياد السياسي في إجراء تقييمهم للمسؤوليات الفردية المباشرة، في ما يخص قيام المسؤولين اللبنانيين بتعطيل الإصلاحات الداخلية في لبنان. ولم يتم الإفراج عن قائمة مفصلة بالأفراد من أجل الحفاظ على نزاهة العملية القانونية.

وقال غانم: من دون عقوبات موثوقة، فإن السياسيين والمصرفيين الذين سببوا الأزمة المالية، واختطفوا العملية القضائية سيواصلون عرقلة حل عادل للأزمة المالية، آملاً أن يسمح هذا الالتماس للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بالاتفاق على مستوى المجلس، والمضي قدماً بتنفيذ العقوبات، للتوصل إلى حل عادل ومنصف للأزمة المالية في لبنان، تحت قاعدة تفعيل المحاسبة.

هل يمكن المحاسبة
من جهته، المحامي من رابطة المودعين فؤاد الدبس، يؤكد أنه لو لم يكن من آمال حقيقية للمحاسبة لما تم التوجّه إلى الخارج للمحاسبة "لا سيما على أساس معاهدات وقوانين موجودة في إطار مكافحة الفساد وتبييض الأموال". لافتاً إلى أن كثراً من المصرفيين والسياسيين يملكون وعائلاتهم أملاكاً بالخارج. من هنا لا بد من ملاحقتهم خارجياً.

ويوضح الدبس أن التوجه إلى الاتحاد الأوروبي لا يعني انعدام الثقة بالقضاء اللبناني والمحاسبة في لبنان، لا بل على العكس. فمساعي المحاسبة سيتم استكمالها في الداخل أيضاً.

مواقف داعمة
أعرب عدد من النواب عن تأييد تحرّك "رابطة المودعين" ومنظمة Accountability Now بتحضير ملفات حول المتهمين والمسؤولين عن تعطيل الحلول المالية والاقتصادية وعرقلة خطط الإصلاح في لبنان، ومن بين الداعمين النائب مارك ضو الذي طالب القضاء اللبناني بالتحرّك السريع والتعاون مع الجهات الممكنة في لبنان والخارج، لإحقاق العدالة وإعادة أموال المودعين وحقوق اللبنانيين ومحاسبة كل مسؤول.

من جهته النائب ميشال الدويهي أشار إلى أن تحرّك رابطة المودعين، والذي سبقه تحرك مماثل ضد حاكم مصرف لبنان أمام القضاء الاوروبي، بدأت تظهر نتائجه تباعاً، وما كان ليحصل لو ان القضاء اللبناني قام بواجباته ولم يكن مرتهناً في بعض مفاصله الأساسية للزعامات السياسية والطائفية، المهيمنة على البلاد بالتسلط والمحاصصة والسلاح.

وتابع الدويهي، أنه بعد إسقاط ثورة 17 تشرين في الشارع، بات اللبنانيون أمام قدر محتوم فرض عليهم بانتهاك حقوقهم يومياً في ودائعهم المسلوبة ومعيشتهم المزرية وخدماتهم العامة المتردية. وما تحرك مجموعات ناشطين وحقوقيين في الداخل والخارج لتحريك دعاوى فرض عقوبات على الطغمة السياسية الفاسدة والمصرفية الجشعة، إلا فرصة من الفرص المتاحة لإحداث ثغرة في هذا الجدار السميك، الحائل دون الإصلاح المطلوب من الشعب اللبناني أولاً، ثم من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي ومجتمع المانحين الدوليين، الذين يعول عليهم لبنان لإنقاذه من أزمة هي بين الأعتى عالمياً منذ 150 عاماً، وفقاً لتوصيف البنك الدولي.

وأعرب الدويهي، أنه كان من الأفضل أن يأخذ مجلس النواب زمام المبادرة لتشكيل لجان تحقيق نيابية بسلطات قضائية للوقوف على أسباب الأزمة وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم، إلا أن البرلمان مختطف من تكتلات طائفية ومصلحية، لا تعبأ إلا بمصالحها الخاصة على حساب عموم اللبنانيين. وما طلب فرض عقوبات تأتي من الخارج إلا صرخة من صرخات شعب وجد نفسه محبطاً، قابلاً رغماً عنه بسرقة حقوقه وتدمير معيشته لسنوات طويلة مقبلة.

وختم الدويهي بالقول: كل يوم يمر من دون الإصلاح المنشود هو يوم خسائر إضافية، ناهزت حالياً مبلغ 75 مليار دولار. هذا الجبل من الخسائر المهولة، ومن دون توزيع عبئه بشكل عادل سيقضي على ما بقى من مجتمع حي مستقل في لبنان، دافعاً الآلاف نحو الهجرة في موجة هي الأكبر منذ الحرب الأهلية. ففي أسباب الأزمة تكمن جرائم مالية لا تعد ولا تحصى، وفي تأجيل الحلول والتحايل عليها جرائم إضافية لا تقل خطورة. لذا، لا مفر من المساءلة والمحاسبة مهما طال الزمن وصعبت التحديات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها