السبت 2022/11/05

آخر تحديث: 09:03 (بيروت)

ارتفاع أسعار"الأعلاف" يضغط على قطاع الدواجن ويستهدف لقمة الفقراء

السبت 2022/11/05
ارتفاع أسعار"الأعلاف" يضغط على قطاع الدواجن ويستهدف لقمة الفقراء
يملك السوق اللبناني مخزون كاف من الأعلاف يتم إخفاؤه بهدف المضاربة (المدن)
increase حجم الخط decrease

تفاجأت ناديا الغراوي، وهي ربّة منزل، بارتفاع سعر كرتونة البيض مؤخراً، من 180 ألف ليرة إلى 240 ألف ليرة، على الرغم من انخفاض سعر الدولار نسبياً.

وهي تصف ل"المدن ما يحصل بـ"الجنون. فقد زاد سعر كرتونة البيض بنحو 60 ألف ليرة، أي أن سعر البيضة الواحدة تخطى 11 ألف ليرة، مع العلم أن البيض صار من السلع الأساسية التي يعتمد عليها اللبنانيون في نظامهم الغذائي، بعد ارتفاع أسعار الدواجن واللحوم". وفق الغراوي، تحتاج عائلتها المكونة من 5 أشخاص أسبوعياً إلى كرتونة بيض، لأنها الغذاء الأساسي، للفطور والعشاء، وقد يكون الاستغناء عن البيض، أمراً كارثياً بالنسبة لها.

ارتفاع أسعار الأعلاف
علامات استفهام عديدة طرحتها الغراوي، حول أسباب ارتفاع أسعار الدواجن، البيض، ومشتقات الحليب. في الفترة الماضية، تحجج التجار بتوقف سلاسل الإمداد والتوريد، لكن المشكلة انتهت منذ أشهر، فلماذا ارتفعت الأسعار في هذا التوقت؟

يجيب جورج الحولي، أحد تجار الدواجن في لبنان بالقول لـ"المدن" أن "ارتفاع أسعار البيض، الدجاج، ومنتجات الحليب عموماً جاء نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، لأسباب تتعلق بالتوترات الجيوسياسية، والمخاوف من غياب أي محصول زراعي للعام الحالي، إذ أن المزارعين في أوكرانيا، وروسيا، لم يتمكنوا من زراعة اراضيهم بسبب شدة المعارك".
ويتابع "إضافة إلى الحرب في شرقي أوروبا، فقد زادت أيضاً تكلفة الشحن، بعدما تخطى سعر برميل النفط 90 دولاراً، وهو ما انعكس على الأسعار محلياً".

يتفق جاد دبانة، أحد مستوردي الأعلاف، مع الحولي حول التأثيرات الجيوسياسية على أسعار السلع الاستراتيجية، ومن ضمنها الأعلاف. يقول لـ "المدن" أن "لبنان يستورد معظم حاجاته من الأعلاف الحيوانية من أوكرانيا تحديداً. صحيح أن الأسعار شهدت، بعد الاتفاق التركي-الروسي-الأوكراني بشأن الحبوب، انخفاضاً عالمياً لكنه لم يترجم في لبنان. لأن أسعار النفط والشحن، بالإضافة إلى التأمين، زادت منذ بداية فصل الصيف، إذ أن معظم عمليات الشحن تمر عبر البحر الأسود، الذي يشهد مخاطر مرتفعة".

يشير الحولي، بأن سعر طن العلف زاد على تجار الدواجن بنحو الضعف، ما دفعهم أيضاً إلى رفع أسعارهم. ويقول "على سبيل المثال، وصل سعر طن القمح إلى أكثر من 375 دولاراً  فيما الذرة وصلت إلى 350 دولاراً وحتى 400 دولاراً، وكل من الصويا والشعير إلى ما بين 300 و350 دولاراً،  وهو ما يعني أن سعر طن العلف من هذه المواد، يتخطى حاجز 300 دولار، وهي تكلفة لم يصل إليها التاجر قبل ذلك، إذ لم يتعدَّ سعر الطن حاجز 150 دولاراً.

لا يخفي العاملون خوفهم من إمكانية توسع الحرب شرقي أوروبا، وما يمكن أن تتركه من تأثيرات على السلع الغذائية، يعتقدون بأن توسع الحرب، سيرفع حتماً تكاليف الشحن، ناهيك عن إمكانية فقدان الأعلاف، ما يعني عجزهم عن إطعام الدواجن، وبالتالي الدخول في أزمة أكبر.

شحنات مسروقة 
بحسب مصدر في قطاع الأعلاف، فإن بعض التجار يعمدون إلى إخفاء الأعلاف وعدم بيعها في الأسواق، مع انخفاض سعر الدولار، على الرغم من أن عدداً من التجار، عمد وتحديداً في شهري حزيران، وتموز إلى إدخال شحنات من الأعلاف المسروقة إلى لبنان. يقول المصدر"تم التلاعب بمنشأ الشحنات وإدخالها إلى لبنان بأسعار أقل من السعر العالمي، ما يعني ان ارتفاع الأسعار الحالي، وهمي والهدف منه زيادة الأرباح.

بحسب المصدر، فإن السوق اللبناني لديه مخزون كاف من الأعلاف، لكن يتم إخفاء هذه السلع، بهدف المضاربة مع ارتفاع سعر الدولار مستقبلاً.

حاجة لبنان
يحتاج لبنان سنوياً، ما لايقل عن 600 إلى 700 ألف طن من الذرة، وما لايقل عن 300 ألف طن من الصويا إضافة إلى نحو 200 الف إلى 300 ألف طن من القمح المخصص للأعلاف، بحسب تقديرات دبانة، وبات أمر استيراد الأعلاف مرهقاً بالنسبة للتجار، لأنه مرهون بظروف جيوسياسية.

ارتفاع أسعار الأعلاف بسبب الحرب، يعيد سيناريو سابق تم طرحه، حول الأسباب التي تحول دون زراعة القمح والشعير في الأراضي اللبنانية. يؤكد عاملون في القطاع أن لبنان لا يمكنه الاستغناء عن استيراد الأعلاف، وإن تم زراعة العديد من الأراضي في منطقتي البقاع والشمال، لأن الكميات التي يحتاجها البلد من الشعير والذرة، والصويا، أكبر من القدرة الإنتاجية لكامل الأراضي الصالحة للزراعة في لبنان، ولذا، فإن استمرار الحرب أو توسعها، سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وقد يضر بقطاع تربية المواشي والدواجن على حد سواء.

كلفة الإفطار
شهدت أسعار العديد من السلع المرتبطة بالأعلاف ارتفاعات هائلة، إذ زاد  سعر الدواجن، ومشتقات الحليب، والألبان والأجبان. فقد ارتفع سعر الفروج من 160 إلى 200 ألف ليرة وحتى إلى 220 ألف في بعض المناطق، فيما زاد سعر مشتقات الحليب بنسبة تتراوح مابين 30 وحتى 40 في المائة، فعلى سبيل المثال، ارتفع سعر كيلو الحليب الخام المخصص للتصنيع الغذائي بنحو 20 سنتاً تقريباً، إذ كان يباع بنحو 50 سنتاً أو ما يوازيه بالليرة اللبنانية، فأصبح بنحو 70 سنتاً، ويرتفع إلى دولار تقريباً في حال زيادة تكلفة نقله. إن ارتفاع أسعار الحليب انعكس بدوره أيضاً على سعر الألبان والأجبان. فارتفع، مثلا، سعر كيلو الجبنة "الحلوم"، أو "الدوبل كريم" من 125 و130 ألفاً إلى نحو 170 و180 ألفاً، أي مايقارب 50 ألف في الكيلوغرام الواحد. وباتت وجبة الإفطار التقليدية لأسرة مكونة من 4 أشخاص، لمدة شهر تقريباً، توازي نحو 4 ملايين ليرة، أي ضعف راتب فئة كبيرة من موظفي القطاع العام.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها