السبت 2022/11/12

آخر تحديث: 16:33 (بيروت)

حماية سارقي مازوت منشآت نفط طرابلس: الجريمة منظّمة

السبت 2022/11/12
حماية سارقي مازوت منشآت نفط طرابلس: الجريمة منظّمة
وزير الطاقة قرّر إقفال المنشآت بدل حلّ المشكلة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تتعرّض أنابيب نقل النفط والمازوت في منشآت النفط في طرابلس للسرقة بشكل دوريّ، من قِبَل جماعات لم تُكشَف هويّاتهم بعد، ولا هوية الجهات التي تؤمّن لهم الحماية. فتكرار العمليات وبيع المخزون المسروق، في ظل وجود كمّ كبير من المحاضر لدى مخافر قوى الأمن الداخلي في المنطقة المحيطة بالمنشآت، فضلاً عن إطلاق سراح الموقوفين في أحداث سرقات من المنشآت، يشي بأن القضية مرتبطة بنافذين يحمون الاعتداء على الأنابيب ويغطّون بيع المازوت في السوق.

إطلاق السراح
في مستجدات سرقة نحو 600 ألف ليتر من المازوت، كشفت مصادر من داخل المنشآت، أن "شخصاً من بين نحو 5 أفراد، ألقي القبض عليهم بتهمة سرقة المازوت، أطلِقَ سراحه من دون اكتمال التحقيقات وإصدار قرار قضائي بتركه". ووفق ما تقوله المصادر في حديث لـ"المدن"، فإن هذه الخطوة "تعيد التذكير بالمرات السابقة التي كان يجري فيها إلقاء القبض على سارقين ويخرجون ويَطوى الملف. وفي مرّات أخرى بقيت السرقات غامضة، ولم يُعرَف عنها أي شيء".
إطلاق السراح وتجهيل الفاعلين كان يتمّ بطريقتين، الأولى مباشرة والأخرى غير مباشرة. وإذا كان مفتاح حلّ الأولى بيد القضاء والأجهزة الأمنية، فإن الثانية في يد المديرية العامة لمنشآت النفط ووزارة الطاقة، لأن "الكثير من الكتب وجّهت لهما حول ضرورة حماية الأنابيب التي تنزل من الجبل إلى داخل المنشآت. وآخر الاقتراحات كانت منذ نحو شهرين. والاقتراح يقوم على تبديل طريق مرور الأنابيب ونقلها من جهة البداوي إلى جهة دير عمار". وبحسب المصادر، فإن "الفرق الفنية في المنشآت، لديها القدرة لإجراء النقل وتملك المعدات اللازمة". وسيؤمّن النقل إلى جهة دير عمار الحماية للأنابيب لأن تلك الجهة "أكثر أماناً. كما أن الأنابيب ستمرّ بمحاذاة أراضٍ زراعية لمواطنين يعملون في أراضيهم، ويمكن الاستفادة من وجودهم فيها لحماية الأنابيب بطريقة غير مباشرة، إذ لن يتمكّن السارقون من دخول تلك الأراضي من دون علم أصحابها". على أن هذه الفكرة، "وصلت بكتاب إلى المديرة العامة لمنشآت النفط أورور فغالي، ولم تبتّ بها مع وزير الطاقة".
ومع ذلك، تقول المصادر، أن خيار التعاقد مع شركة أمن خاصة تتولّى حماية الأنابيب، ما زال مطروحاً "ولو أنّ الوزارة ومديرية المنشآت وافقتا في السابق على هذا الخيار، لما تكرّرت السرقات التي تفوق كلفتها كلفة التعاقد مع شركة أمن. علماً أنه جرى التعاقد مع إحدى الشركات، لسنة واحدة فقط".
لم تؤخذ مقترحات الحماية على محمل الجد، وانتهى الأمر "بتشكيل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لجنة وزارية، اجتمعت لمرة واحدة، وحوَّلَت الملف إلى قوى الأمن الداخلي التي أجرت كشفاً على منطقة المنشآت وأبلغت بعدم قدرتها على ضبطتها".
وتلفت المصادر النظر إلى أن "ما تخسره المنشآت ليس فقط هو الكميات التي تُسرَق مباشرةً، بل الكميات الأخرى التي تذهب هدراً على الأرض بفعل التسرّبات التي تتركها الثقوب التي يحدثها السارقون".

فوضى مقصودة
يرفض مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة، غسان بيضون، فكرة التعاقد مع شركة أمن خاصة لحماية الأنابيب، منعاً لفتح الباب أمام ترتيب تلزيم ليس سوى تنفيعة وهدر للمال العام تحت حجة حماية أنابيب المنشآت.
ويصرّ بيضون في حديث لـ"المدن"، على قدرة المنشآت على حماية أنابيبها ومخزونها من خلال الاجراءات الإدارية الطبيعية، ومنها قياس المخزون لتبيان الكمية المشتراة وتلك المباعة وما هو متبقٍّ في الخزانات، وملاحظة النقص للدلالة على حدوث سرقة أو اختفاء غير طبيعي للمخزون. ومن هنا، يمكن إجراء عمليات مراقبة لمسار الأنابيب.
ويعتبر بيضون في حديث لـ"المدن"، أن السرقات هي امتداد للفوضى المتّبعة في إدارة المنشآت، وإحدى جوانبها الأساسية، هو عدم وجود حسابات مالية منظّمة وواضحة ومضبوطة. ويذكر في السياق، إجهاض محاولة سابقة لإجراء تدقيق في الحسابات، أوكِلَت إلى مكتب تدقيق ولم يتم التعاون معه وتقديم المعلومات والمستندات والحسابات المطلوبة، وجرى لاحقاً فسخ العقد معه بصورة مريبة.
ويذهب بيضون بعيداً في تشخيص فوضى المنشآت، من خلال التركيز على هويّتها الضائعة، فهي ليست مؤسسة عامة، وليس لها صفة محددة، ولا يديرها مدير عام بل لجنة إدارة كان يرأسها سركيس حليس، واليوم صاحبة القرار في منشآت طرابلس هي المديرة العامة لمنشآت النفط، أورور فغالي.

بالتوازي مع ما تقدّم، تحمل وزارة الطاقة المسؤولية الأبرز في هذه القضية، إذ تقع المنشآت تحت وصايتها. وفي السياق، تُسأل الوزارة عن ترك المنشآت في مهبّ الفوضى وعدم الحماية، مع أنّها، مهتمة بها ووقّعت عقداً لتطويرها وتوسيعها وتأجير مساحة تخزين مع شركة روسنفت الروسية. أفلا يفترض التطوير حماية المنشآت لإبقائها محطّ اهتمام شركات النفط؟.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها