السبت 2022/10/01

آخر تحديث: 14:22 (بيروت)

اجتماع "تضليلي" لتمرير مشروع نبع الطاسة "حُبياً"

السبت 2022/10/01
اجتماع "تضليلي" لتمرير مشروع نبع الطاسة "حُبياً"
الجهات المموِّلة تتحمّل مسؤولية الأضرار إذا استُكمِلَ المشروع (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

تدخّلت وزارة الطاقة بعد وزارة البيئة لـ"حلّ" الإشكال الذي تصاعد إثر انكشاف خبايا مشروع نبع الطاسة. وإذا كانت وزارة البيئة ستضمن عدم تضرّر المحيط البيئي للمشروع، فإن لوزارة الطاقة مهمّة ضمان عدم تضرّر مياه النبع ومجرى النهر ومسار المياه وصولاً إلى البحر مروراً بنهر الزهراني. ومن جهتها، تنتظر وزارة البيئة دراسة الأثر البيئي، فيما حسمت وزارة الطاقة موقفها بتأييد المشروع "وتذليل كل العقبات أمام إنجاز هذا المشروع الحيوي والمهم لما فيه مصلحة المواطنين"، وفق ما جاء في بيان وزارة الطاقة إثر اجتماعٍ عقد يوم أمس الجمعة لمناقشة المشروع.

بيان تضليلي
المشروع الذي حاوَلَ المتعهّد تسريع العمل فيه عبر استدعاء العمّال ليلاً، خلافاً لقرار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر، بوقف العمل، وُجِدَ ليبقى ويستمر. وهو ما تبيّنه حركة الوزارات والإدارات المعنية بقطاع الطاقة والمياه، وكذلك الجهات الممثّلة لمنظمة اليونيسف في لبنان والمنطقة، وإلى جانبهم الوكالة الألمانية للتنمية KFW التي تموّل المشروع عن طريق اليونيسف.
وتلك الجهات لم تكترث بدايةً للمخالفات القانونية. والمسؤولون عن التمويل، وتحديداً اليونيسف، كان لزاماً عليهم التدقيق في ملفّ المشروع للتأكد من عدم خرقه القوانين اللبنانية. أما وقد تغاضت الجهات الدولية عن قانونية المشروع، فهي بالتالي ترسم حول نفسها علامات استفهام أكّدها بيان وزارة الطاقة والذي تصفه مصادر من داخل الاجتماع، بأنه "بيان تضليلي".
وتكشف المصادر في حديث لـ"المدن"، أن البيان الرسمي يطمئن الرأي العام واليونيسف والوكالة الألمانية للتنمية إلى أن "كمية المياه المتوافرة والناتجة من "الفائض الشتوي"، كافية، ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي لن تستخدم سوى جزء يسير من الفائض بواقع لا يتجاوز الـ10 بالمئة منها. والمشروع لن يؤثر على المحيط البيئي والتنوع الإيكولوجي ولن يبدل في مسار النهر الطبيعي ومجراه". لكن في الحقيقة، يبدأ التضليل من "عدم وجود ضمانات بعدم التأثير على المحيط البيئي وعلى مياه النهر. كما أن البيان يعترف بعدم وجود دراسة أثر بيئي، فكيف يتم ضمان عدم تأثّر المحيط البيئي في ظل تنفيذ مشروع بلا دراسة أثر بيئي؟".
وتضيف المصادر أن "اليونيسف لم تطلب قياسات المياه الرسمية لتقارنها بالدراسة الموضوعة للمشروع لتتأكّد من جدواه قبل الموافقة على تمويله. علماً أن قياسات المياه الحقيقية، تبيّن تراجع كمية المياه الخارجة من النبع، ممّا يهدّد بتجفيف المجرى الأساسي لنهر الزهراني إذا تم زيادة الضغط على النهر من خلال المشروع الذي يستهدف المنبع. كما أن هذا الفائض الذي يُحكى عنه، تنتفي صفته كفائض في ظل تراجع كميات المياه".
وفي محاولة لتنبيه اليونيسف، تم توجيه "رسالة إلى اليونيسف، تؤكّد أن بيان وزارة الطاقة تضليلي، وأن الغموض يلف طريقة عمل بعض العناصر المحلية في اليونيسف". وتلفت المصادر النظر إلى أن دفاع مصلحة مياه لبنان الجنوبي عن المشروع "يعود إلى رغبة المصلحة في إيصال المياه للمشتركين، وهذه أولوية محقة. لكن هناك جوانب أخرى يجب مراعاتها".
وتخلص المصادر إلى أن موقف وزارة الطاقة حيال مشروع نبع الطاسة "هو نفسه موقفها حيال مشاريع السدود التي أثبتت فشلها". علماً أن الوزارة تستند إلى دراسات تؤيّد إنشاء السدود، فيما الواقع أظهَرَ عقم تلك الدراسات، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الدراسة الموضوعة لمشروع نبع الطاسة.
وأمام إصرار وزارة الطاقة وعدم تحرّك اليونيسف والوكالة الألمانية، فإن "المشروع سيستمر. واستمراره يضع اليونيسف والوكالة الألمانية أمام تحمّل مسؤولية أي ضرر يحصل جرّاء المشروع".

موافقة وزارة البيئة
القرار القضائي بتوقّف أعمال المشروع، دفع اليونيسف إلى تبنّيه، فهي لا تستطيع تأييد مخالفة القرارات القضائية بشكل مباشر، فتوقّف العمل. لكن تنتظر اليونيسف والمؤيّدون للمشروع، الضوء الأخضر من وزارة البيئة، لاستكماله. وهذا الضوء هو الموافقة على دراسة الأثر البيئي. إذ باتت الأمور محصورة بالدراسة لإثبات عدم تأثير المشروع سلباً على البيئة، في تجاهلٍ تام لباقي الموانع المتّصلة بالمياه.

الدور الأساسي لوزارة البيئة، دفع الوزير ناصر ياسين إلى "الشرح لوزير الطاقة عدم إتمام المسار القانوني للمشروع، عن طريق عدم إجراء دراسة الأثر البيئي". ويضيف ياسين لـ"المدن"، أن اليونيسف "أبدت التزامها بقرار وزارة البيئة". ويؤكّد أن التزام اليونيسف "لا يعني بأن المشروع سيتوقّف بشكل نهائي. فالوزارة سترى ما هي الخيارات المتاحة بناءً على دراسة الأثر البيئي، وإن كان هناك تأثيراً سلبياً كبيراً، سنطرح إمكانية تفاديه عن طريق تغيير بعض مسارات البناء والحفر". ويوضح ياسين أن "دور وزارة البيئة في المحاسبة والمساءلة هو عبر الأثر البيئي. وعلى متعهّد المشروع عدم استكمال العمل قبل صدور رأي الوزارة".
تدرك الجهات المسؤولة عن المشروع أن وزارة البيئة يمكنها الإطاحة بالمشروع عن طريق ضمان عدم التأثير على البيئة المحيطة من مجرى النهر والأراضي الزراعية والأشجار ومشاريع تربية السمك وغيرها. لذلك حاولت تلك الجهات الإلتفاف على الوزارة واستغلال بطء العملية الإدارية بفعل إضراب الموظفين. لكن مع وضوح النوايا ووصول القضية إلى مرحلة العمل الليلي والاعتداء على الأهالي، بات لزاماً على الوزارة الحسم.

ومع ذلك، تتخوّف الجهات المعترضة على المشروع والمستندة إلى آراء الجيولوجيين والهيدروجيولوجيين، ودراسات كميات المياه، من "حلّ الخلافات حُبياً بين الوزارات والشركة المتعهّدة ومصلحة مياه لبنان الجنوبي وممثّلي اليونيسف والوكالة الألمانية، على شاكلة الحلول التي أدت إلى تنفيذ مشاريع السدود، تحت جناح وزارة الطاقة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها