الخميس 2021/09/30

آخر تحديث: 15:10 (بيروت)

بواخر الطاقة تغادرنا: ديون إضافية.. ولا كهرباء

الخميس 2021/09/30
بواخر الطاقة تغادرنا: ديون إضافية.. ولا كهرباء
نقاط سلبية كثيرة تشوب رحلة بواخر الطاقة إلى لبنان (المدن)
increase حجم الخط decrease
تُنهي شركة كارادينيز التركية المالكة لباخرتيّ الطاقة، فاطمة غول وأورهان بيه، مسلسلها في لبنان، بعد انطلاق أولى حلقاته في العام 2012، والتي افتُتِحَت بتأخير متعمَّد، ولم تتدخّل وزارة الطاقة للمطالبة بأي بند جزائي لقاء التأخير.

من المفترض أن تغادر الباخرتان المياه اللبنانية بين مساء اليوم وصباح الغد، مطلع تشرين الأول. ما يعني أن مساهمة الباخرتين بإنتاج الكهرباء قد توقّفت، ما يزيد الضغط على معامل الإنتاج. فما هو مصير ساعات التغذية؟ والأهم، هل تغادر الباخرتان فعليًا، وهما الملطّختان بدعاوى قضائية تستوجب حجزهما أو حجز مستحقاتهما؟ علمًا أن للشركة التركية أيضاً مستحقات تطالب بها الدولة، وقد تلجأ للتحكيم الدولي في حال عدم الدفع.

معركة المستحقات
تغادر الباخرتان وتتركان خلفهما مستحقات على الدولة اللبنانية بقيمة 200 مليون دولار. إن لم يدفعها لبنان، فسيواجه التحكيم الدولي. ما سيضغط على موقفه تجاه المستثمرين الدوليين وأصحاب الديون الذين نحاول طمأنتهم من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي. وتطالب الشركة التركية بمستحقاتها، متجاهلة بأن عليها مستحقات ظاهرية وباطنية.

في الظاهر، على الشركة التخلّي عن مبلغ 25 مليون دولار، هي قيمة البند الجزائي الذي يتعيّن عليها دفعه بعد اختتام ملف التحقيقات حول انخراطها في قضايا فساد. وهو ما بدأ القضاء اللبناني في إثبات بعض جوانبه، عبر مسار تحقيقات لم ينتهِ حتى اللحظة. ويفترض بقاضي التحقيق في بيروت روني شحادة، حسمه. علمًا أن شحادة بامكانه، وفق مصادر قضائية، منع الباخرتين من مغادرة لبنان، لأن القضية لم تُقفَل، وبإمكانه السماح لهما بالمغادرة، على أن يتخذ قرارًا حيال مستحقات الشركة ومستحقات لبنان عليها.
موقف الشركة التركية أقوى. فمستحقاتها أكبر من قيمة البند الجزائي. ولها في الباطن، مكتسبات بدأت بعد تأخّر الباخرة الأولى "فاطمة غول سلطان"، عن الوصول إلى لبنان لنحو 4 أشهر. وبعد أقل من شهر على وصولها، توقّفت تسعة من مولّداتها الـ11 عن العمل، وتذرّعت الباخرة بأن نوعية الفيول الذي تؤمّنه مؤسسة كهرباء لبنان، غير مناسبة وتتسبب بالضرر للمولّدات. وهنا، يجب التساؤل حول سبب قبول الشركة استعمال فيول غير مناسب والمجازفة بتعطّل مولّداتها أو تأثّرها بأي شكل من الأشكال. إلاّ إن كان هناك ما يُخفى. والباخرة الثانية "أورهان باي" تأخرت نحو شهر ونصف الشهر. وبالتأكيد، لم تطالب وزارة الطاقة بأي بند جزائي لقاء التأخير. وهو ما يستدعي التساؤل أيضًا.
كما أن قضية رالف فيصل وفاضل رعد وحسن أمهز، تؤكد وجود ما هو أبعد من تقاضي رشى تتّصل بقضية البواخر. فمن يتقاضى رشى، عليه تمرير ما تفوق قيمته قيمة الرشى. فهل يحسم القضاء هذا الملف، وتدعمه وزارة الطاقة؟

معضلة الفيول
رحيل الباخرتان يزيد الضغط على معامل الإنتاج. فهما قدِمتا إلى لبنان نتيجة النقص الذي تعجز المعامل عن تغطيته. وسواء بقيت الباخرتان أم غادرتا، فإن تأمين الفيول يبقى حاجة ملحّة تتساوى مع الحاجة لضمان حسن نقل الإنتاج وتوزيعه، وهو أمر مستحيل. وعليه، ستتراجع ساعات التغذية لحين إيجاد حل سريع، يبدأ بضمان استمرارية تأمين الفيول.

ولتأمينه، كلّفت الحكومة وزير المالية يوسف الخليل، بالبحث عن مصادر لاستقراض 100 مليون دولار، ستوظَّف لشراء الفيول. وبالتوازي، ما زالت وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان يصرّان على سلفة خزينة بقيمة 200 مليون دولار تخصص لشراء الفيول. أي على الدولة تأمين 300 مليون دولار للفيول و200 مليون دولار مستحقات الشركة التركية. مع العلم أنه ليس من واجب الدولة الاقتراض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، فهي تملك استقلالية مالية ويمكنها الاقتراض لصالحها مباشرة. أما السلفة، فقانون النقد والتسليف يمنع وزارة المالية من ترتيب نفقة من دون التثبّت من قدرة المستلف على سدادها. كما أن مصرف لبنان يؤكد مرارًا عدم قدرته على تأمين الدولارات. وعدم التأمين يعني عدم شراء الفيول، أي المزيد من التقنين.
أما الحديث عن الغاز والفيول المصري، والكهرباء الأردنية، فهي خطوات ما زالت حبرًا على ورق، ولا تضمن استقرار تأمين الفيول. وبذلك، ليس لدى مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة ما يضمن استقرار تأمين المصادر المالية ولا استقرار تأمين الفيول، ولا استقرار ساعات التغذية.
هذا الواقع يقلّل من قيمة النتائج الإيجابية التي يكتسبها لبنان بانتهاء العقد. وأهمها التوقف عن دفع 4.95 سنت لكل كيلووات تنتجه البواخر. كما يمكن تشغيل معمل دير عمار على المازوت، ما يوفّر فيول البواخر. وكذلك، يتجه لبنان نحو استعمال الغاز في المعامل، ما يقلل الحاجة للفيول.

شكوك مشروعة
صعوبة تأمين الفيول بوتيرة مستقرة، سواء عبر استبدال النفط العراق أو شراء الفيول مباشرة، يزيد الحاجة لتأمين حلول سريعة تزيد ساعات التغذية. وبذلك، نعود إلى النغمة الأولى التي عَزَفها الوزير السابق جبران باسيل حين كان وزيرًا للطاقة، والتي على إثرها جاءت البواخر واستوطنت لنحو 9 سنوات. أما احتمالات الحل السريع، فمفتوحة، ومن ضمنها التجديد للبواخر، فهي ما زالت في المياه الإقليمية ولديها خبرة في التشغيل، ولا ينقصها سوى تأمين المال. فتصبح المقايضة واضحة، المال أو العتمة. ومن حظ البواخر، أنها تعمل على الغاز أيضًا، ويمكن النفاذ من هذا الواقع لإبقائها وجرّها نحو دير عمار ووصلها بالمعمل، فيما لو وصل الغاز من سوريا بعد إصلاح الجزء المتضرر في لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها