الإثنين 2021/07/12

آخر تحديث: 16:30 (بيروت)

ارتفاع متواصل لسعر الخبز: التلاعب بالنوعية هو الحل؟

الإثنين 2021/07/12
ارتفاع متواصل لسعر الخبز: التلاعب بالنوعية هو الحل؟
سعر الخبز بات في فوضى مستمرة (المدن)
increase حجم الخط decrease
لطالما شكّلت عبارة "ليس بالخبز وحده يحيا الانسان"، عنوانًا للتأكيد على أهمية الحاجات الانسانية التي تتخطّى الفيزيولوجية، والتي لا يمكن لأي نظام سياسي تجاهلها وحصر تقديماته لشعبه بالخبز، مع ما يمثّله الخبز من ضرورة للحياة.

تنقلب هذه العبارة لتصبح "بالخبز وحده يحيا الانسان"، كلّما ضاقت فرص العيش واقترب الناس من الهاوية التي تمسّ اللقمة اليومية. ففي لبنان تتحاصَر الرفاهية رويدًا رويدًا، وتتحوّل بعض الأساسيات إلى رفاهيات، وليس آخرها اقتراب احتمال تحوُّل التنقّل بالسيارات الخاصة إلى رفاهية، بفعل شحّ البنزين، ولاحقًا بفعل ارتفاع أسعاره لما يفوق الـ300 ألف ليرة للصفيحة الواحدة. فيبقى الخبز هو الهَم الأساسي الذي سيشغل بال اللبنانيين قريبًا، رغم ارتفاع أسعاره بصورة متواصلة.

الارتباط بالدولار
تصاعدَ سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة إلى 4250 ليرة، على وقع تراكم النكبات الاقتصادية والنقدية. وفي حين تبرّر الأفران ومن خلفها وزارة الاقتصاد، هذا الصعود بارتفاع الأكلاف التي تدخل في صناعة الخبز، لا يلتفت المواطنون إلاّ للسعر الذي لا يتناسب مع قدراتهم الشرائية. ولمواجهة الارتفاع، يلجأ الكثير من المُعدَمين لتقليص الاستهلاك، وهو آخر الأدوية قبل الكَي، أي قبل الجوع. فضلًا عن أن البعض يشتري نصف ربطة خبز، أو رغيف أو اثنين، ليس حسب حاجته، بل حسب قدرته. وهو مثال يُنذر بما تتّجه نحو الأمور.

التغيير في سلوك بعض المستهلكين لا ينعكس على إنتاج الخبز. فهو مستمر مهما ارتفعت الأسعار وتغيّرت القدرة الشرائية للمواطنين. فبالنسبة للأفران، الخبز حاجة أساسية والطلب عليها متواصل، فيما تحديد سعرها بالليرة يرتبط بسعر الدولار الذي يسيطر على كافة متطلبات صناعة الخبز. أما دعم الدولة فلم يبقَ منه سوى دعم استيراد الطحين، فيما الخميرة والسكّر والنيلون وأكلاف الصيانة وما إلى ذلك، تُدفَع بالدولار، ما يزيد الضغط على الأفران، وفق ما يؤكّده عضو نقابة الأفران عباس حيدر، الذي يشير في حديث لـ"المدن"، إلى أن "سعر ربطة الخبز سيواصل ارتفاعه طالما أن صناعته مرتبطة بالدولار". أما الخطوة الأولى نحو تخفيض السعر، فهي "توجيه الدعم نحو المواد الأولية لصناعة الخبز".

سيناريوهات أكثر قتامة
لا مجال أمام لبنان لاستبدال استيراد القمح بزراعته محليًا. فحسب عباس "القمح اللبناني قاسٍ ولا يصلح لصناعة الخبز العربي، وإن مُزِجَ مع قمح آخر للحصول على طحين مختلف. كما أن كلفته تصبح أعلى. فضلًا عن أن كمية المحصول لا تكفي السوق المحلي"، وبالتالي لا حلَّ إلا بالاستيراد. ولبنان يستورد بشكل أساسي "القمح الأوروبي".

إقفال باب الحلول المحلية، يعني فتح المجال أمام سيناريوهات قاتمة قد تصيب قطاع الأفران والمستهلكين. ولعلَّ الطرف الثاني هو الأكثر تضرّرًا، إذ أن الأفران قد تُقلِّص إنتاجها في حال انخفاض الطلب على الخبز، لكنها لن تقفل أبوابها، إلاّ في حالة الأفران الصغيرة التي تعتمد بشكل رئيسي على صناعة الخبز العربي، أو تعتمد عليه حصرًا. لكن المستهلكين سيدفعون أثمانًا لا تتوقّف عند السعر المرتفع للربطة، فعدم الشراء يعني عدم الأكل أو سوء التغذية.
ومَن يريد الالتفاف على السعر المرتفع، قد يجد أمامه ربطة خبز بجودة أقل. مع أن عباس يستبعد هذا الاحتمال، استنادًا إلى أن "كلفة الصناعة ستبقى مرتفعة، وأفضل تلاعب بالنوعية قد يخفّض 500 ليرة من سعر الربطة". لكن هذه الـ500 ليرة، قد تشكّل حجرًا يسند خابية بالنسبة للبعض. فالـ500 ليرة ستتراكم مع 500 أخرى تُوَفَّر من سلعة ما. والمُعدَمون يبحثون عن أي وِفرٍ مهما كان ضئيلًا.
سيناريو آخر مطروح، وهو بيع الخبز بلا أكياس نيلون. فتكلفة الكيس تصل إلى 600 ليرة، ما يعني أن المستهلك قد يكسب بالتلاعب بنوعية الخبز وبكيس النيلون، نحو 1000 ليرة. وإن كان الشراء بلا كيس ينطوي على تسريع عملية تَلَف الرغيف، فإن إحضار الزبون لكيس النيلون أو كيس القماش، قد يخفف عنه بعض جوانب هذه الجزئية من أزمته العامة.
يقول عباس بأن "ربح الأفران من ربطة الخبز يبلغ 10 بالمئة"، فيما تذهب بعض التقديرات إلى أن أرباح الأفران تتخطّى الـ30 بالمئة قياسًا لكلفة صناعتها. والاختلافات حول نسبة الربح لم تعد ذات أهمية في حضرة ربط كل شيء بالدولار، فحتى الأكلاف المدفوعة بالليرة، كأجور العمال، تُراعي ارتفاع الدولار. وهنا يصبح التركيز على السعر النهائي للربطة، هو الأجدى. وهذا السعر كسَرَ هدوءه وبات في فوضى مستمرة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها