الأحد 2021/04/11

آخر تحديث: 20:03 (بيروت)

الالتزام بذل طوابير المحروقات جنوباً.. محطات تخزنها وتهربها لسوريا

الأحد 2021/04/11
الالتزام بذل طوابير المحروقات جنوباً.. محطات تخزنها وتهربها لسوريا
يتجه بعض الأطباء في الجنوب لعدم التوجّه إلى العيادات والمستشفيات لعجزهم عن تأمين البنزين (المدن)
increase حجم الخط decrease
تضغط المؤشرات السلبية المتعلقة بعدم توفّر الدولارات اللازمة للاستيراد، على تأمين المحروقات للمحطات في المناطق. ويزداد الوضع تعقيداً مع أنباء عدم ثقة المصارف الأجنبية بالقطاع المصرفي اللبناني، وعلى رأسه مصرف لبنان. ما يُنذر بمزيد من التعقيد. كما أن الاحتكار والتهريب، هما سمتان متلازمتان لأزمة المحروقات، وخاصة في الجنوب اللبناني الذي يشهد تقنيناً مستمراً حتى في أوقات تأمين كميات أكبر من المحروقات. وانعكاسات المسألة لم تعد تنحصر في طوابير السيارات أمام المحطات، بل يلوّح الأطباء بعدم التوجه إلى عياداتهم والمستشفيات التي يعالجون فيها، نظراً لعدم قدرتهم على تأمين البنزين بشكل كافٍ، واحتجاجاً على الوقوف في الطوابير.

طوابير ذلٍّ لا نِظام
تدل الطوابير على احترام النظام والأدوار، إلاّ أنها في الأزمات، تعكس سياسة الفوضى وليس احترام القوانين. وهناك فارق كبير بين احترام التراتبية وبين الخضوع لقرارات تجّار الأزمات، وهو ما يحصل اليوم في لبنان.

لا تقوى الدولة على حل أزمة المحروقات. ولا يريد جمهور أحزاب السلطة الاعتراف بأن أحزابه سبَّبَت الأزمة عبر تراكم الأخطاء المقصودة. فبات الخيار الوحيد هو إشاحة النظر عن مكامن الخلل الحقيقية، والالتزام بالطوابير إلى أجل غير مسمّى.
واللافت، أن منطقة نفوذ الثنائي الشيعي، هي النطاق الجغرافي الأكثر تسجيلاً لشحّ المحروقات. وهي المنطقة التي لا تزال تشهد طوابير السيارات يومياً، على عكس ما تشهده المناطق الأخرى. ولا يستفيد المواطن بأكثر من 30 ألف ليرة، أي بأقل من صفيحة بنزين. وتصل النسبة لدى بعض المحطات إلى نحو 10 آلاف ليرة، بحسب سعة كل محطة والكمية التي تحظى بها من الموزّع.

إعتمادات وتهريب
تأخير البت بالاعتمادات الدولارية من قِبَل مصرف لبنان، هو السبب الأساس لتأخير استيراد المحروقات. والشحّ في المبالغ المحوَّلة للخارج يعني تقليص الكمية المستوردة، وغَرَق السوق في سياسة التقنين.

وزارة الطاقة من ناحيتها لم تعد تستورد البنزين عبر منشآت النفط، أي تخلَّت عن معجزتها التي وعدت بها اللبنانيين بتأمين 10 بالمئة من حاجة السوق وكسر احتكار الشركات المستورِدة.
وإن كان تأخير الاعتمادات يصيب كافة المناطق اللبنانية بالشح، فإن الجنوب يُصاب مرَّتين، الأولى بانعكاسات الأزمة العامة، والثانية بانعكاسات أزمة داخلية، أبطالها نافذون محميون بمظلّة الثنائي الشيعي. ولا يخفى على أحدٍ في الجنوب، استمرار تخزين كميات من البنزين والمازوت، وتهريب بعضها باتجاه سوريا. وتشير مصادر على صلة بالملف، في حديث لـ"المدن"، إلى أن "بعض المحطات تبيع صفيحة البنزين بنحو 50 ألف ليرة، لتجّار يقومون بتهريب البنزين إلى سوريا". وتتابع المصادر أن "أزمة المحروقات في الجنوب لا تتوقّف عند عدم تأمين الكميات المطلوبة، بل تتعدّى إلى الغش في النوعية". والتلاعب في النوعية يُلتَمَس لدى المواطنين من خلال كمية الاستهلاك وسرعة احتراق الوقود بطريقة أشبه بتبخّره.

باخرة قادمة
لا ينفي ممثّل موزّعي المحروقات وأصحاب المحطات فادي أبو شقرا، وجود أزمة عامة في البلاد. ويؤكّد في حديث لـ"المدن"، أن المحطات "لا تستلم الكميات المطلوبة وفق حجم استهلاكها، وإنما وفق ما يتم تأمينه في السوق فقط. وهناك شركات تتمكّن من استيراد كميات من الوقود تختلف عمّا يمكن لشركات أخرى تأمينه، ولذلك يختلف معدّل التوزيع بين منطقة وأخرى".

لكن أبو شقرا يرفض وضع ما يجري على صعيد المحروقات، ضمن خانة انسداد أفق الحل. ويُطمئن إلى "وصول باخرة محروقات يوم غدٍ الاثنين، وستساهم حمولتها بتخفيف التقنين". ويدعو إلى عدم جعل المحطات "كبش فداء" لهذه الأزمة.
في المقابل، لا يُحدِث أي حل جزئي للأزمة - مِن قَبيل تأمين باخرة أو اثنتين، أو حتى الاستعانة بكميات طارئة من احتياطي المؤسسة العسكرية - أي فارق مطمئن على المستوى الشعبي. فأزمة المحروقات مرتبطة بأزمة عامة تدعو للمزيد من الخوف وعدم الثقة، وهو ما يزيد من استهلاك المواطنين والمؤسسات للوقود. وهذا الاستهلاك مرشّح للارتفاع مع غياب المسار الايجابي لتشكيل الحكومة واستعادة الثقة الدولية.
وأولى بوادر التعقيد على الأرض، هو اتجاه بعض الأطباء في الجنوب، إلى رفع سقف اعتراضهم على ما يحصل، وذلك من خلال إعراضِهم عن التوجّه إلى العيادات والمستشفيات بفعل عدم القدرة على تأمين البنزين. كما أن الوقوف في الطوابير لتعبئة صفيحة بنزين بأحسن الأحوال، لا يُمكِّن الأطباء من تجاوز الأزمة.
حتى اللحظة، لا خطوات تصعيدية، لكن استمرار شح الوقود في المنطقة الجغرافية الممتدة من جنوبي مدينة صيدا، وصولاً إلى الناقورة، صعوداً باتجاه بنت جبيل ومرجعيون، وصولاً إلى حدود البقاع الغربي، يُنذر بالأسوأ. لكن ما مدى احتمال تحوُّل هذا الأسوأ إلى احتجاجات شعبية على الأرض؟ تبقى الإجابة رهن مُعارِضي الثنائية الشيعية، أفراداً وجماعات. فالمُوالون لا يخرجون عن طوعِ حُكّامهم وإن ساروا حُفاة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها