ما قاله حمّود أكده أيضاً رئيس مجلس إدارة أحد مصارف "ألفا" في لبنان، في حديث لـ"المدن"، بالقول إن تعاملات المصارف المحلية مع المصارف المراسلة باتت شبه معدومة. ولم يعد بإمكانها التعامل مع الخارج إلا عبر حسابات مصرف لبنان: "حتى المصارف المراسلة التي لم توقف التعاملات معنا فإن التعامل معها بات صعباً جداً، لجهة العراقيل ولطول مدة إتمام عمليات التحاويل. إذ باتت تستلزم أشهراً بدلاً من ساعة أو ساعتين في وقت سابق".
ماذا عن وقف التعامل مع "المركزي"
أما علاقة مصرف لبنان مع المصارف المراسلة فمختلفة. إذ لا ترتبط لا بالتصنيفات ولا بحجم الأعمال ولا حتى بالإلتزامات، إنما ترتبط بمستوى المخاطر. فكيف يمكن لمصارف أجنبية أن تتعامل مع مصرف مركزي لم تتردّد دولته في اتهامه بالفساد وتوجيه اتهامات وفتح دعاوى قضائية بحق حاكم المصرف المركزي، إلى جانب الدعاوى القضائية في الخارج، والتشكيك بحساباته المالية، يسأل حمّود. كل هذه الأجواء من شأنها أن تخيف المصرف المراسل وتدفعه إلى تقليص علاقاته كثيراً أو قطعها. لكننا لم نصل اليوم إلى مرحلة قطع علاقات المصارف المراسلة كلّياً مع المصرف المركزي. ويقول، إن هذه الحالة إذا كانت تندرج ضمن مخطط أميركي لممارسة ضغوط على لبنان، فإن السلطات اللبنانية ساهمت به إن كانت تدري أو لا تدري. فما المانع أن تجري التحقيقات سراً، وتُتّخذ كافة الإجراءات القضائية اللازمة من دون صخب. فالملف المالي دقيق جداً ورأس المال جبان، لا يحتمل التهويل والتهديد، بحسب حمّود، ويجب التعامل بحرص مع الملف المالي.
من غير المستبعد أن تُقطع العلاقات مع المصرف المركزي اللبناني، كما حصل مع إيران وسوريا، وإن من دون عقوبات. وحينها لا يمكن للبلد تأمين أي تحويلات واردة من المغتربين ولا حتى تأمين الغذاء من الخارج. فذلك سيشكّل كارثة حقيقية تُضاف إلى جملة الأزمات الواقعة في لبنان. وإذا كان الهدف "أميركياً" خنق لبنان، فنحن فعلياً نتجه إليه.
مصارف مراسلة
العديد من المصارف المُراسلة أقفلت حسابات مصرف لبنان لديها، منها مصرفي Wells Fargo الأميركي، وHSBC البريطاني. أقفلا حسابات مصرف لبنان بالدولار والجنيه الاسترليني. كذلك فعل مصرف Danske الدنماركي. فأقفل حساب مصرف لبنان بالكورون السويدي. ما ترك مصرف لبنان من دون مراسل خارجي بهذه العملة. كما أوقف مصرف CIBS الكندي كافة التعاملات مع مصرف لبنان، وأعاد له أمواله الموظفة لديه.
ولم يبق أمام مصرف لبنان للتعامل خارجياً سوى مصرف واحد هو JP Morgan الذي يقبل بتعزيز الاعتمادات المُستندية التي يُصدرها المركزي لاستيراد المحروقات وغيرها، لصالح شركة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة وبعض إدارات القطاع العام. وذلك، مُقابل مبالغ تودع لديه بقيمة لا تقلّ عن مجموع مبالغ الاعتمادات المُستندية. وهو يرفض حتى تاريخه تعزيز اعتماد مُستندي لمصلحة شركة Combilift الألمانية لرفع مستوعبات من مرفأ بيروت، تحتوي على مواد كيميائية خطرة.
هذا الواقع المُستجد والخطر كان قد نقله حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بموجب مذكرة، إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، نهاية شهر آذار الفائت، قبل أن يُعيد عويدات تحويل المُذكرة إلى كل من رئيس الجمهورية، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزيري المال والعدل.
وتكمن خطورة وقف حسابات مصرف لبنان في المصارف المراسلة في تعليق التعاملات الخارجية بكافة أشكالها، من تحويلات إلى استيراد وتصدير وشراء السلع ودعمها، كما الاستحصال على عملات نقدية أجنبية لتسيير المرافق الاقتصادية المختلفة.
ومن المتوقع وفق المصرفي أن تتوسع الإجراءات تلك، لأسباب عديدة، أبرزها وأكثرها خطورة الصخب الذي يرافق التحقيقات القضائية والتهم المُعلنة التي تساق يومياً بحق مصرف لبنان وحاكم مصرف لبنان، بصرف النظر عن صحة التهم أو عدم صحتها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها