الخميس 2021/03/04

آخر تحديث: 17:43 (بيروت)

المستشفيات للمرضى المضمونين: إما الدفع أو لا استشفاء

الخميس 2021/03/04
المستشفيات للمرضى المضمونين: إما الدفع أو لا استشفاء
الحلول شبة معدومة (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
حسمت المستشفيات أمرها منذ أشهر، وبدأت تسعير فواتيرها وفق سعر الدولار المحدّد على المنصة الإلكترونية، أي 3900 ليرة، وإن بشكل غير رسمي حتى اللحظة. فبعض المستشفيات تفرض على المرضى سداد فارق الفاتورة المغطاة من إحدى الجهات الضامنة. وغالباً ما تصل الفروقات إلى عشرات ملايين الليرات، وبعضها الآخر تتجنّب الدخول في سجالات مع الجهات الضامنة، فتعتمد سياسة تقليص استقبال المرضى المضمونين إلى الحدود الدنيا.

لحسم الأمر وإسقاط المسؤولية عن كاهلها، ولتأمين تغطية رسمية لممارساتها في الوقت عينه، عمدت المستشفيات اليوم الخميس إلى توجيه كتب رسمية لكل الجهات الضامنة، تبلغها فيها باضطرارها إلى اعتماد تعرفة استشفائية مضاعفة، بما يتناسب وسعر صرف دولار المنصة الإلكترونية 3900 ليرة.

تقاذف المسؤوليات
وعلى الرغم من صياغة الكتب الموجهة من المستشفيات إلى الجهات الضامنة بصيغة الطلب وليس الفرض، إلا أنها في الواقع ليست سوى تبليغ بقرار بدأت الغالبية الساحقة من المستشفيات تطبيقه منذ أشهر. وإلا كيف يمكن تبرير فروقات بعشرات الملايين من الليرات فّرضت على مرضى كورونا وغير كورونا من منتسبي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وسواه من المؤسسات الضامنة؟

رفع سعر صرف الدولار المُعتمد في تسعيرة الفواتير الاستشفائية من شأنه تعويض المستشفيات ارتفاع التكلفة عليها جراء ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وانعكاسه ارتفاعاً على معظم تكاليف المستشفيات، إضافة إلى تراجع الدعم عن العديد من المستوردات الطبية. لكن من سيتحمّل مسؤولية ارتفاع التكاليف؟ المستشفيات، المؤسسات الضامنة أم المرضى؟

من الواضح والثابت أن المستشفيات لم ولن تتحمّل أي فوارق لارتفاع التكلفة. وهو ما يتضح من الكتاب المُرسل إلى الجهات الضامنة اليوم. ويبقى الخيار الوحيد هو تحمّل الجهات الضامنة مسؤولياتها والإقدام على رفع تعرفة التستشفاء أضعاف ما هي عليه اليوم، أي بما يتناسب وسعر صرف الدولار 3900 ليرة، إن لم يكن وفق دولار السوق (أي 10 آلاف ليرة)، لكن الجهات الضامنة، العاجزة أصلاً مالياً لتخلّف الدولة عن سداد مستحقاتها منذ سنوات، وعلى رأسها الضمان الإجتماعي، الذي تبلغ ديون الدولة لصالحه أكثر من 4500 مليار ليرة حتى نهاية 2020.. فغير قادرة على تحمّل المزيد من الأعباء من دون تغطية.

ووفق مصادر مطلعة، فإن الجهات الضامنة قامت بتعديل عدد من التعرفات والتغطيات الضرورية، ومنها ما يتعلّق بعلاجات مرضى Covid 19، لكن لا قدرة لديها على اعتماد سعر صرف الدولار بحسب المنصة 3900 ليرة، إلا في حال ارتفاع مداخيلها المتأتية عن اشتراكات المنتسبين إليها، إضافة إلى مساهمات الدولة. ويرى المصدر أن لا حلول قريبة للأزمة القائمة بين المستشفيات والجهات الضامنة والمرتبطة بالتعرفة الاستشفائية.

رفض الجهات الضامنة العمل رسمياً وفق سعر صرف الدولار 3900 ليرة، من شأنه أن يوقع أزمة، ويبدو أن المستشفيات تتحضّر لها. فإما يتحمّل المريض فارق التكلفة نيابة عن مؤسسته الضامنة، أو أن تتوقف المستشفيات عن استقبال مرضى المؤسسات الضامنة.

الدفع أو الطرد
المستشفيات تتجّه إذاً إلى تحميل المضمونين فارق الفواتير بشكل رسمي وعلني، أو إلى التوقف عن استقبالهم. فلن يكون هناك من خيارات أخرى في حال رفض المؤسسات الضامنة تعديل تعرفاتها، على ما يقول نقيب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، في حديث إلى "المدن": إذا رفضت المؤسسات الضامنة زيادة التعرفة، سنقع في أزمة، لأننا من غير الممكن أن نستمر بتطبيق التعرفة نفسها وفق سعر الصرف 1500 ليرة، على أي من الخدمات الاستشفائية والتقديمات.

وحسب هارون، فإن كافة الخدمات والمستلزمات ارتفعت تكلفتها بشكل كبير، باستثناء الدواء: "حتى المستلزمات الطبية، فالتجار يسعرون وفق سعر السوق السوداء للدولار، بذريعة أن مصرف لبنان لم يقدم لهم الدعم اللازم. كما أنهم يفرضون على المستشفيات سداد الفواتير نقداً عند الاستلام".

وإذ يرى هارون أنه من غير المقبول ألا تأخذ الجهات الضامنة بالاعتبار زيادة التكاليف الإستشفائية، وفي الوقت عينه تنتظر ان تستقبل المستشفيات المرضى بشكل طبيعي، يصف ذلك بـالإنكار للواقع. ويشدّد على أن أحداً ما يجب أن يتحمل فارق التكاليف لتجنيب المواطن فروقات الفواتير: "لكن في حال رفضت الجهات الضامنة تصحيح التعرفة، فإننا سنتجه إلى الفوضى، ونعتمد أحد الخيارين إما التوقف عن استقبال مرضى الجهات الضامنة أو تحميل المواطن فارق الأسعار بين فاتورة الـ1500 ليرة وفاتورة الـ3900 ليرة".

تحمّل المسؤوليات
الخياران السوداويان يشكّلان من دون شك حكم إعدام للمرضى المنتسبين إلى الجهات الضامنة. ونظراً لتهديد المستشفيات بعدم استقبال المرضى، أو تحميلهم ما لا قدرة لديهم للتحمّل، ومع عجز الجهات الضامنة لرفع التعرفات الاستشفائية، أصبحت الحلول شبة معدومة. وهو ما دفع برئيس لجنة الصحة النيابية، الدكتور عاصم عراجي، في حديث إلى "المدن"، إلى الدعوة لعقد ورشة عمل كبيرة في السرايا الحكومية، بحضور وزراء الصحة والمال والاقتصاد والعمل، والتوصل إلى حلول شاملة. فالوضع لم يعد مقبولاً، يقول عراجي.

وكان عراجي قد نشر صباحاً تغريدة على حسابه على موقع توتير، أعرب فيها عن أسفه لبدء المستشفيات التسعير على دولار 3900 ليرة، موضحاً أن مريض غسيل الكلى سيدفع 100 ألف ليرة فرق كل جلسة. والمستلزمات الطبية يدفعها المريض بسعر السوق. والأدوية مفقودة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها