الخميس 2021/02/25

آخر تحديث: 19:12 (بيروت)

فضيحة "التيار الوطني الحرّ" بقروض إسكانية جديدة

الخميس 2021/02/25
فضيحة "التيار الوطني الحرّ" بقروض إسكانية جديدة
تباهى النائب كنعان بتجيير قروض إسكانية، بطريقة غير مباشرة، إلى ميسوري الحال (الأرشيف)
increase حجم الخط decrease
لم تكتف السلطة بالخراب الذي تسبّبت به، وبسلب حقوق اللبنانيين ومدّخراتهم وأمنهم وحتى صحّتهم، بل تُمعن أكثر فأكثر بسلبهم ما تبقّى لهم من فُتات. فلا يوفّر أركان السلطة السياسية حتى اللحظة أي حيلة لاقتناص وسلب اللبنانيين حقوقهم.

وآخر إبداعات ذيول السلطة، تباهي رئيس لجنة المال والموازنة ابراهيم كنعان بإقرار مشروع قانون يقضي بتجيير قروض إسكانية، بطريقة غير مباشرة، إلى ميسوري الحال بعد انتزاعها من بين أيدي الفئات المُستهدفة وهم الفقراء ومتوسطي المداخيل.

الفوقية والخداع
بفخر وفوقية أعلن النائب ابراهيم كنعان منذ يومين نجاح لجنة المال والموازنة بإقرار اقتراح القانون الذي تقدم به، والذي يقضي برفع سقف قروض الإسكان من 300 مليون ليرة إلى 450 مليون ليرة، ومن 450 مليون ليرة إلى 600 مليون ليرة. ما يجعلها أكثر عدالة، برأي كنعان، لمن يريد الاستفادة منها.

الاقتراح الذي أقر، والذي قدّمه النائب عن التيار الوطني الحر على أنه إنجاز فريد، ما هو إلا محاولة، ناجحة على ما يبدو، لتغيير وُجهة قرض كويتي مخصّص للإقراض السكني للفئات الفقيرة والمتوسطة إلى الميسورين وجزء من الفئة المتوسطة، ويستهدف بشكل خاص، وفق مصدر موثوق مواكب للملف، أشخاصاً محسوبين على التيار الوطني الحر، ومقرّبين منه وبعضهم من المغتربين.

فما هي تفاصيل القرض المخصّص للقروض الإسكانية؟ من هم المُستهدفون؟ وما الذي سعى كنعان لتحقيقه من اقتراح القانون؟

طبيعة القرض وقيمته
تبلغ قيمة القرض 165 مليون دولار أميركي، مقدّم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (الكويتي)، بفائدة تقدّر بنسبة 2 في المئة، ومدته 30 عاماً، مع فترة سماح تمتد على خمس سنوات.

تم تحديد معدل فائدة الإقراض من قبل مصرف الإسكان بنسبة 4.5 في المئة سنوياً، والمدة القصوى لسداد القرض حُدّدت بـ30 عاماً. وكان من المُفترض أن تتجه نسبة 40 في المئة من القرض الكويتي إلى المؤسسة العامة للإسكان، و60 في المئة إلى مصرف الإسكان، قبل أن تنكث الحكومة اللبنانية ومجلس الإنماء والإعمار بالاتفاق، ويتم تخصيص القرض بأكمله لمصرف الإسكان، وحرمان المؤسسة العامة للإسكان منه. وكذلك حرمان محدودي المداخيل والفقراء من الاستفادة من الإقراض المدعوم.

وبعد أن جرى تحويل القرض بأكمله في العام الماضي، وبفعل ضغوط سياسية، من المؤسسة العامة للإسكان إلى مصرف الإسكان، المملوك بنسبة 80 في لمئة من قبل المصارف التجارية، أتى فريق التيار الوطني الحر اليوم، ليجيّر القروض من ذوي المداخيل المتدنية والمتوسطة إلى أصحاب كبرى المداخيل.

المستهدفون من المحسوبيات
اقتراح القانون الذي تقدّم به النائب العوني وجرى إقراره، يقضي برفع سقوف قروض مصرف الإسكان من 150 و450 مليون ليرة إلى 450 و600 مليون ليرة، بذريعة أن يشمل القرض شريحة أكبر. لكن في حقيقة الأمر أن كنعان أراد شمول عملية الإقراض فئة ضيقة ومحدّدة من المحسوبيات والمُستزلمين في محيط تياره، يؤكد مصدر معني بالملف في حديث إلى "المدن"، فبرفع السقوف استهدف كنعان أشخاصاً محددين للاستفادة من القرض. لذلك عمد إلى رفع سقوف القرض إلى 600 مليون ليرة. ويوضح المصدر أن رفع سقف القرض إلى 450 مليون و600 مليون ليرة يعني أن الشخص الفقير أو متوسط الحال يجب أن يكون راتبه بمعدل يتراوح بين 7 مليون و500 ألف ليرة و9 مليون ليرة بالحد الأدنى. وهنا لا بد من السؤال من هم أولئك الذين يتقاضون تلك الرواتب وهم من الطبقتين الوسطى أو الفقيرة؟

يتذرّعون بأن تحويل تلك المبالغ وفق السقوف المذكورة إلى الدولار، يجعل منها أقساطاً مقبولة بالنسبة إلى الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار. وهذا عذر أقبح من ذنب، يقول المصدر، فنسبة العاملين من الطبقتين الوسطى والفقيرة الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار تقل من 5 في المئة. إذا من يستهدف هذا المشروع؟

ويأسف المصدر لإصرار كنعان على إقراره القانون باعتبار أن 600 مليون ليرة تساوي اليوم أقل من 100 ألف دولار، ويسأل لماذا التركيز على تمكين الميسورين اليوم من الإقراض السكني المدعوم في ظل التجاهل التام لأي حلول شاملة لأزمة السكن. داعياً للتريث إلى حين استقرار العملة وجلاء الأمور، بدلاً من هدر القرض الكويتي على المحسوبيات والأزلام.

شبهات
دليل آخر يؤكد استهداف بعض المحسوبين سياسياً على التيار الوطني الحر وأزلامهم بالقرض السكني المدعوم، هو أن مصرف الإسكان دأب على رفض قبول طلبات الاقتراض طيلة الأشهر الماضية، يؤكد المصدر، ويقول: فليأتوا لنا بطلب واحد للاقتراض مقدّم مؤخراً إلى مصرف الإسكان.

الشبهات التي تدور حول وجهة قروض الإسكان جوبهت باعتراضات عدد من المتابعين للملف وخبراء اقتصاد وبعض النواب، من بينهم النائب بلال عبدالله الذي غرّد عبر "تويتر"، قائلاً إن مصرف الإسكان يحرم الفقراء وأصحاب الدخل المحدود من الإستفادة من القرض السكني الممول من دولة الكويت. سيستفيد فقط أصحاب الدخل الشهري من سبعة ملايين وأكثر. متسائلاً "لماذا الدولة تغيّب دور المؤسسة العامة للإسكان، أو لماذا لا نجد آلية تسمح لمن تقدم بقرض للمؤسسة أن يلبيها مصرف الإسكان؟"

ويتخوف البعض من أن تذهب القروض الإسكانية الميسّرة بأكملها في زواريب المحسوبيات والمحاصصة، باعتبار الاستنسابية أمراً وارداً جداً في تعاملات مصرف الإسكان، بخلاف المؤسسة العامة للإسكان، التي تلتزم بشروط وآليات الإقراض وسقوف متدنية. كما أنه من الصعب أن تذهب القروض عبر المؤسسة إلى غير مستحقيها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها