الجمعة 2021/11/26

آخر تحديث: 17:34 (بيروت)

مصرف لبنان يناقض نفسه بشأن سعر صرف الدولار

الجمعة 2021/11/26
مصرف لبنان يناقض نفسه بشأن سعر صرف الدولار
يحاول مصرف لبنان "طمر" رأسه بالرمال (المدن)
increase حجم الخط decrease
يناقض مصرف لبنان نفسه فيما خص سعر صرف الدولار. إذ اعتبر في بيان له أن الأسعار الواقعية لسعر الدولار الأميركي، مقارنة بالليرة اللبنانية، هي تلك المعلنة يومياً من مصرف لبنان، بناءً على التداول الجاري في السوق، والمسجّل على منصة "صيرفة". نافياً صحة أي أسعار أخرى للدولار. علماً أن المنصة التي يتحدث عنها مصرف لبنان تسعّر الدولار اليوم على سبيل المثال بمعدل 20000 ليرة للدولار، في حين أن السعر المعمول به في مؤسسات تحويل الاموال OMT وسواها، محدّد من قبل مصرف لبنان أيضاً، ويبلغ اليوم 24300 ليرة. فكيف يعتبر مصرف لبنان أن الأسعار المتداولة غير واقعية؟ وهو من يسعر التحويلات المالية الواردة من الخارج بأسعار متقاربة جداً وأسعار السوق السوداء للدولار.

هل من عرض للدولار؟
ثم أن إصرار مصرف لبنان على أن سعر الدولار على منصة "صيرفة" هو السعر الحقيقي للصرف، باعتبار المنصة تعبر عن حجم عمليات التداول، فهل لمصرف لبنان أن يذكر للجمهور حجم العرض على الدولار عبر المنصة؟ أم أن المنصة تعمل باتجاه واحد فقط، هو بيع الدولار؟ في حقيقة الأمر، أن لا عرض على الدولار على الإطلاق عبر المنصة. فالعرض يقتصر فقط على الليرة اللبنانية، والطلب محصور بالدولار. وهذا ما يفسّر ارتفاع سعر الصرف تدريجياً على منصة صيرفة وفي السوق السوداء على السواء. فالحاجات الاستيرادية لا تُسد ببضعة ملايين من الدولارات يتم شرائها يومياً عبر منصة "صيرفة". بل يلجأ المستوردون -وبشهادة العديد منهم- إلى الصرّافين وحتى تجار الشنطة لتأمين دولاراتهم.

المنصة الوحيدة!
وإذ يصرّ مصرف لبنان في بيانه على أن "صيرفة" هي المنصة الوحيدة التي تعلن عن أسعار العملات وعن حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار، يشدد على أن التطبيقات التي تعلن عن الأسعار من دون أن تشير إلى حجم العمليات التي أدّت إلى هذه الأسعار، هي تطبيقات مشبوهة وغير قانونية. وهي تقود الأسواق ولا تعبّر عن واقع السوق وحجمه الحقيقي. وهي تحرّك أسعارها ليلاً نهاراً وفي كلّ أيّام الأسبوع وخلال العطل وبشكل آني، وكأنّ سوق القطع الموازية هي سوق منظمّة على شكل بورصة.

إذا أخذنا بادعاء مصرف لبنان أن عمليات التداول وتسعير الدولار هي فقط تلك التي تتم عبر منصة صيرفة، إذاً، كيف يمكن تفسير قرار مصرف لبنان الأخير المرتبط باستيراد النفط، والقاضي بخفض نسبة تأمين الدولارات من 100 في المئة إلى 90 في المئة وتوجهه إلى خفض المزيد في  المرحلة المقبلة؟ فهذا اعتراف واضح من مصرف لبنان بأن جزءاً من المستوردات تتم عبر تأمين الدولارات من قبل المستوردين من السوق السوداء مباشرة. وطالما ان حجم الطلب غير معروف في السوق السوداء ولا يمكن حصره أو ضبطه، كيف يمكن لمصرف لبنان أن يجزم بأن سعر صرف الدولار في السوق السوداء غير حقيقي؟

مصالح سياسية
كما جاء في بيان مصرف لبنان "أن وراء هذه التطبيقات مصالح منها سياسية ومنها تجارية، وقد سعت السلطات القضائية والسلطات الأمنية إلى ضبط هذه التطبيقات، بناء على طلب الحكومة اللبنانية. وكون الكثير منها موجود خارج لبنان، قام مصرف لبنان بمطالبة شركات الانترنت العالمية بإلغاء هذه التطبيقات عن شبكاتها"، مؤكداً أنه سيتابع هذا الأمر في الخارج وسيحمّل المسوؤلية لشركات كـGoogle وFacebook وغيرها، لما لهذه التطبيقات من ضرر على لبنان، ويطالبها بنشر السعر الرسمي وسعر Sayrafa فقط.

لا شك أن من بين المستفيدين والمساهمين في التلاعب بسعر صرف الدولار تطبيقات تعمل لأهداف سياسية ومصالح مادية، لكن هل المصالح السياسية والمادية كافية ليتمكّن هؤلاء من التلاعب بسعر الصرف؟ أليست ممارسات مصرف لبنان التي أفقدته احتياطاته الأجنبية هي ما ساهم وبشكل أساسي بالوضع القائم، وبتدهور العملة الوطنية؟

يحاول مصرف لبنان "طمر" رأسه بالرمال، كي لا يعترف بحقيقة أن الانهيار النقدي بات واقعاً. وموجة الطلب على الدولار، الناجمة بشكل أساسي من انعدام الثقة بالعملة الوطنية، لن تهدأ قريباً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها