الأحد 2021/10/24

آخر تحديث: 16:07 (بيروت)

البنزين يهزم الجميع: "السرفيس" و"الڤان".. و"توك توك" القرية

الأحد 2021/10/24
البنزين يهزم الجميع: "السرفيس" و"الڤان".. و"توك توك" القرية
سائقو السيارات العمومية قطعوا الطرق اعتصاماً واحتجاجاً على ما أصاب قطاعهم (المدن)
increase حجم الخط decrease

مع تخطّي سعر صفيحة البنزين 300 ألف ليرة، لم يعد بإمكان المواطن تحمل تكلفة التنقل سواءً من خلال سيارته الخاصة، أو من خلال وسائل النقل العامة. بالمقابل، أثر هذا الارتفاع على السائقين العموميين، ما أدى إلى فوضى عارمة، فبات كلّ سائق يسعّر وفق ما يراه مناسباً له.

فوضى التسعير
على مدى سنوات، كان رسم التنقّل عبر سيّارة الأجرة داخل بيروت وبين القرى القريبة من بعضها مستقرًّا، يوازي 2000 ليرة لبنانيّة. وبعد رفع سعر المحروقات للمرّة الأولى منذ أشهر، زادت التعرفة إلى 8000 ليرة لبنانيّة.

أمّا اليوم، وبعد رفع الدعم عن المحروقات تطغى الفوضى على هذا القطاع، في ظلّ غياب تسعيرة رسميّة. وبتنا نشهد سوقاً سوداء في أسعار تعرفة النقل، إذ تتراوح تعرفة "السرفيس" بين 25 و30 ألف ليرة كمعدل وسطي، فيما تعرفة الباصات تتراوح بين 10 و12 ألف ليرة، داخل بيروت، وهي مرشّحة للارتفاع في الأيام المقبلة.

مواطنون تحدثوا لـ"المدن"، عن فوضى في أسعار بدل النقل. فمثلاً، يقول نبيل، وهو شاب يعمل في أحد المطاعم، أن "تكلفة المواصلات لشهر واحد، باتت تعادل نصف راتبه، وهو يدفع مبلغ 40 ألف ليرة من عين الرمانة إلى الحمرا عبر "الموتو"، الذي أصبح يعد وسيلة نقل أرخص وأسرع من السيارة، ورغم ذلك التسعيرة باتت مرتفعة".

أما عبد، الأستاذ في أحد المدارس الخاصة في بيروت، فيقول إن "تكلفة التنقل باتت باهظة، فيما راتبي ما زال متدنياً، ولم يعد يكفي لملء سيارتي بالوقود. لذلك لجأت للذهاب إلى المدرسة عبر سيارات الأجرة. ورغم ذلك، لم أعد قادراً على تحمل التكلفة". وحسب عبد، فإن "القاعدة أصبحت التفاوض بين الراكب وصاحب سيارة الأجرة، إذ لا يوجد تسعيرة موحدة".

 ومن المعروف أن "الڤان رقم 4"، الذي يعد صلة الوصل في مسافة الفاصلة بين منطقة الليلكي في الضاحية الجنوبية وشارع الحمرا، وبالعكس، ملجأ العمال والطلاب.

تعرفة هذا "الڤان" كانت تساوي 1000 ليرة للفرد الواحد، ومع تدهور الأوضاع ارتفعت لتصل اليوم إلى 12 ألف ليرة للفرد الواحد. ما خنق العامل والطالب خصوصاً.

أما الذهاب من بيروت الى الجنوب (النبطية أو صور) من موقف السفارة الكويتية، فبات مكلفاً جداً، إذ ارتفعت التكلفة لتصبح 40 ألفاً للشخص. كذلك الأمر بالنسبة للتوجه بقاعاً وشمالاً. فاتحاد النقل البري في بعلبك وضع لائحة أسعار جديدة، وباتت تكلفة نقل الراكب من بيروت إلى بعلبك 70 ألف ليرة، بعد أن كانت 15 ألف ليرة قبل رفع الدعم الجزئي عن البنزين، ومن ثم ارتفعت لتصبح من 30 إلى 50 ألف ليرة قبل هذا الارتفاع الكبير. 

وتقول "أم علي" لـ"المدن" إن "بعض سائقي الڤانات يطالبون الراكب بـ100 ألف ليرة بدل النقل، وهذا ما حدث معها منذ يومين عند توجهها من العاصمة إلى بعلبك".

هموم السائق
يبلغ عدد السيارات العمومية في لبنان 33256 سيارة، وفق دراسة أعدتها "الدولية للمعلومات"، ما يعني أن آلاف العائلات اللبنانية تعتاش من هذه المهنة التي تنهار بسبب أزمة رفع الدعم عن الوقود.

بالتالي، معاناة أُخرى تقع على عاتق سائق الأجرة، إذ يقول السائق "أبو نضال" لـ"المدن"، إنّ "تكلفة إصلاح أي قطعة في السيّارة ضخمة جدًّا، وتُحتسب بالدولار، وارتفاع أسعار البنزين جعلنا نحتار في وضع تسعيرة مناسبة، وأي تسعيرة لا تكفي بتاتاً لإصلاح سيّارتي في حال أصابها عطل تقني، وفي كل الحالات هذه المهنة لم تعد صالحة".

هنا، يوضح "أبو عامر" أنّه يدفع يومياً إيجار "الڤان" 130 ألف ليرة (إن عمل أو لا) لصاحبه، هذا عدا عن مبلغ كميّة البنزين الّتي يحتاجها يومياً، "فماذا يبقى لي لأعيش!".

حال هؤلاء يشبه حال جميع السائقين العموميين في لبنان، الذين باتت خسارتهم أكثر من ربحهم، بعد رفع الدعم عن البنزين، وارتفاع سعر الصرف.

بدائل وليست حلولاً
يحاول الكثير من اللبنانيين تأمين بدائل لمشاكل النقل في لبنان، في إطار الأزمة الاقتصادية المتصاعدة. بعضهم وضع خطة تقشف قاسية، ليصبح التنقل بالسيارة مقتصراً على "مشاوير الضرورة"، وبعد التنقل مشياً على الأقدام للأماكن القريبة، والدراجات الهوائية لمن يملك لياقة بدنية جيدة، ظهرت عربات "التوك توك" في عدد من المدن والبلدات اللبنانية، حيث تبرز مبادرات خاصة لنقل الركاب بتعرفة منخفضة.

طوني ابن مدينة البترون في الشمال، قال لـ"المدن"، إن "التوك توك كان يستخدمه السياح لاكتشاف المدينة، لكن الآن بات السكان يعتمدون عليه كوسيلة تنقل يومية".

فيما أشاد آخرون بسرعة تاكسي الدراجة النارية تفادياً لزحمة السير، مشيرين إلى أن أزمة ارتفاع البنزين أدت إلى رفع تسعيرة بدل النقل عبر هذه الوسيلة.

والملفت في الأمر، أن هذه الوسائل من "التوك توك" إلى تاكسي الدراجة النارية بدأت تظهر بشكل منظم من قبل شركات نقل خاصة.

لكن كل هذه الأفكار تبقى مجرد بدائل مؤقتة، وليست حلولًا دائمة لأزمة النقل في لبنان.

الدولة المنهكة
الانفجار الآتي بحجم التخلي الرسمي عن معالجة الأزمات المتراكمة، والسؤال على ماذا يتكل المعنيون؟

فرغم الاحتجاجات التي نفذها سائقو السيارات العمومية، وفي ظل التحذيرات التي أطلقها الاتحاد العمالي العام من تدهور الوضع، داعياً لإضراب نهار الأربعاء المقبل، إلا أن الحكومة متوقفة عن العمل، وكأنها في غيبوبة.

وجدّد مصدر في وزارة الأشغال العامة والنقل، في حديث مع "المدن"، قوله إن "الوزير علي حمية، بحث مرات عدة ملف النقل العام مع وفد من "البنك الدولي"، ومع الحكومة لتحديث سياسة النقل العام. إلا أن تعليق جلسات الحكومة بسبب أحداث الطيونة وملف القاضي طارق البيطار، تعيق الوزير المعني من المضي قدماً بهذا الملف، بعد أن سبق عرضه على مجلس الوزراء للبت فيه".
يذكر أنه منذ 15 عاماً ومشاريع السكك الحديد والمترو وباصات النقل تتدفق كلاماً ورسوماً كرتونية من وزير إلى وزير.. حبراً على ورق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها