الجمعة 2021/10/22

آخر تحديث: 13:51 (بيروت)

بدء التدقيق الجنائي: العبرة بإقناع صندوق النقد الدولي

الجمعة 2021/10/22
بدء التدقيق الجنائي: العبرة بإقناع صندوق النقد الدولي
الرئيس عون ووزير المالية ووفد شركة "ألفاريس أند مارسال" (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
عادت شركة ألفاريز أند مارسال إلى الواجهة، لإجراء التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، بعد أن طَوَت ووزارة المالية ومصرف لبنان الصفحة السابقة، التي انتهت بانسحاب الشركة من دون إجرائها أي تدقيق، بفعل عدم قدرتها على الوصول إلى المعلومات والمستندات المطلوبة.

ولم يُطلِع أحدٌ الرأي العام عن المستجدات التي سهَّلَت توقيع العقد الجديد. فكل المعلومات محجوبة. ومع ذلك، ليست تفاصيل العقد وحدها المهمة، بل يطرح الواقع تحدياته أمام عملية التدقيق، ما سيفضي إلى تكبّد لبنان ملايين الدولارات ستذهب هباءً لقاء نتيجة معلَّبة قد لا تخدم التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

التقرير المبدئي
بعد شهر من توقيع وزارة المالية العقد الجديد مع شركة ألفاريز أند مارسال لإجراء التدقيق الجنائي، أعلن المدير العام للشركة، جايمس دانيال، عند إنطلاق العمل يوم أمس الخميس 21 تشرين الأول، وذلك خلال لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، بحضور وزير المال يوسف الخليل. ويأتي استئناف العمل بعد "إنجاز الشركة كل الترتيبات المتعلقة بذلك"، وفق ما أكده دانيال.

الترتيبات هي تلك الخاصة بالشركة. وهذه المرة، بات لديها مكاتب تعمل فيها داخل وزارة المالية، بعد امتناع مصرف لبنان في المرة الماضية عن تقديم مكاتب للشركة داخل مبناه. أما الترتيبات المتعلقة بالملفات المطلوب التدقيق بها، فما زالت حقلَ ألغام لم يُفَكَّك بعد. ومع ذلك، ينبغي بالشركة تسليم وزارة المالية "تقريراً مبدئياً"، بعد 12 أسبوعاً من اليوم، أي منتصف شهر كانون الثاني 2021.

التقرير المبدئي هو خطوة أولى "لنبني على الشيء مقتضاه. ويجب أن تظهر ملامح جديدة للعملية، مختلفة عمّا وصلت إليه سابقاً"، وفق ما يقوله لـ"المدن"، رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين والعضو السابق في لجنة وزارة العدل لمكافحة الفساد، المحامي كريم ضاهر.
عبر هذا التقرير، يفترض بالشركة اتخاذ قرارها بإكمال العملية أو الإنسحاب. لكن "إذا كانت المعطيات الحالية كما السابقة، وانسحبت الشركة، تكون الطامة الكبرى". ويخشى ضاهر أن يصطدم التقرير المبدئي بانتهاء مهلة قانون رفع السرية المصرفية، الذي يُعتَبَر مدخلاً أساسياً لإنجاز التدقيق بصورة صحيحة. ومع انتهاء المهلة في شهر كانون الأول المقبل، يمكن لمصرف لبنان التسلّح بالسرية لعدم التجاوب مع الشركة.

التقرير المبدئي لن يدخل في التفاصيل ولن يلاحق الأوراق والمستندات في كل تفاصيلها، لكن عرقلته وانتهاء مهلة قانون رفع السرية المصرفية، هما مؤشران على ما ستكون عليه العملية بعد 3 أشهر، وبالتالي، يمكن الركون إلى ما سيُبنى عليه لإصدار التقرير النهائي. وبين التقريرين، يخشى ضاهر من "عدم قدرة الشركة على تتبُّع العمليات المصرفية"، فتلجأ الشركة إلى "الإكتفاء بما يُقدَّم لها من مستندات. فتقول بما معناه: لم نشهد شيئاً خارجاً عن المألوف". وفي أحسن الأحوال، "تبدي الشركة تحفّظها على النتيجة، وتدوّن ملاحظةُ حول عدم قدرتها على التعمّق بالتدقيق بسبب عدم كفاية الأدلة وبسبب قانون السرية المصرفية.. لكن هذه الطريقة بالعمل لا تبشّر بالخير".

التفاوض مع صندوق النقد
"قد تكون القوى السياسية اتفقت على تمديد القانون أو تجاهل وجوده بعد انتهاء المهلة. فالعودة إلى التدقيق سبقها تحضير الأرضية التي ستؤدي إلى نتيجة مقبولة من الجميع. وهي نتيجة لا تُكشَف فيها جميع الأوراق ولا تخلص إلى تحديد مكامن الهدر والإختلاس"، تقول مصادر متابعة للملف، في حديث لـ"المدن".

وتتابع، أن التدقيق بعمليات الهندسة المالية التي أجراها مصرف لبنان والمبالغ التي سُحِبَت من حساب الدولة لدى المصرف "لا يمكن كشفها بسهولة، حتى لا تكتشف أين ذهبت تلك الأموال. وأيضاً، هل يقبل رياض سلامة بتفنيد هندساته المالية تبيان كيف استفادت المصارف منها، وطرح أسئلة عمّا انتفع به من هذه الهندسات؟ وهل يرضى بالتحقيق معه أو مع موظفين مقرّبين منه؟".

ما يمكن لشركة ألفاريز أند مارسال إنجازه هو تقرير "خفيف نظيف، لا يُتَّهَم فيه أحد، ويمكن لاحتمالات نتائجه أن تبقى مفتوحة، إذ ليس من مهام الشركة محاسبة المقصّرين أو من تحوم حولهم الشبهات".
وبما أن التدقيق الجنائي خطوة ضرورية وأساسية للذهاب نحو التفاوض مع صندوق النقد الدولي "فلا يمكن تجاهلها والاستمرار بالتلهّي بمسألة مطابقة أرقام العجز بين الحكومة ومصرف لبنان، أو بمسألة الاختصاصات والسرية المصرفية". وتشير المصادر إلى أن "صندوق النقد يريد وضع لبنان على سكة الخروج من الأزمة، والقوى السياسية ما عادت تستطيع التملّص من الإصلاحات المطلوبة، ومن جملتها إجراء تدقيق جنائي. ولهذا قد تتغاضى عن الكثير، وتُرتِّب تقريراً أجوف، تقدّمه للصندوق وتنتظر ما ستؤول إليه الأحوال في الفترة الممتدة بين 3 إلى 6 أشهر مقبلة. وهنا يُسأل الصندوق عمّا إذا كان سيقتنع بالنتائج السطحية أم سيعتبرها غير كافية ويطلب المزيد".

في جميع الأحوال، ستدفع الدولة 2.7 مليون دولار قيمة العقد الجديد، والذي طالبت به الشركة. وهو أعلى من قيمة العقد القديم الذي بلغ 2.2 مليون دولار. والرقم الجديد سيضاف إليه 150 ألف دولار هي قيمة البند الجزائي المترتب على الدولة من العقد السابق. وكلها أكلاف بالدولار الطازج، لا تملكها الدولة، وستُسَجَّل عليها من دون الوصول إلى حقيقة فعلية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها