وجاءت التصريحات خلال محادثات أجريت في باريس في العاشر من أيلول الجاري، بين مسؤولين فرنسيين كبار ووفد من جمعية مصارف لبنان، واطلعت "رويترز" على نسخة من محضر الاجتماع الذي يحمل صفة السرية.
وحسبما أفاد المحضر، فإن مبعوث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتنسيق الدعم الدولي للبنان، بيير دوكين، قال: بينما هي مسألة مبدأ بالنسبة لجمعية مصارف لبنان أنه يجب ألا يتكبد المودعون أي خسائر، فإنه قد يكون من الصعب الدفاع عن هذا حتى النهاية. لكنها مسألة تفاوض.
ويسعى مصرف لبنان المركزي والمصرفيون بالبنوك التجارية للحيلولة دون خفض لقيمة الودائع، أو خفض رسمي للأرصدة المحتفظ بها في حسابات الودائع. لكن المودعين الذين يملكون حسابات بالدولار في لبنان يقولون إنهم خسروا أموالاً بالفعل، لأنهم لا يستطيعون سحب المال، أو لأن بإمكانهم فعل ذلك فقط عن طريق تحويله إلى الليرة اللبنانية بأقل من أسعار السوق.
وإضافة إلى التصريحات التي أدلى بها دوكين بخصوص الودائع، فقد تناول أيضاً إجراءات أخرى مطلوبة، منها التطبيق السريع لقيود رأس المال، ودمج البنوك في بلد لديه 64 بنكاً تسيطر عليها 32 مجموعة.
وبشأن إعادة هيكلة جبل ديون لبنان الخارجية والداخلية، قال دوكين إنه يتعين اتخاذ مجموعة من الإجراءات وأضاف أنه "لا يوجد حل سحري".
سلامة
وكان سلامة قد قدّم خلال اجتماع الدورة الإعتيادية الرابعة والأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، مداخلة عن الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان والتحديات التي يواجهها المصرف المركزي، فاختصر المشهد اللبناني بسلسلة من الصدمات التي حدثت خلال فترة زمنية قصيرة، ابتداءً بأزمة السيولة وانعدام الثقة بالمصارف بعد اقفال أبوابها لمدة ثلاث أسابيع في تشرين الأول الماضي، ما أدّى إلى الضغط على سعر صرف الليرة اللبنانية وتحويل الاقتصاد اللبناني إلى cash economy، مروراً بقرار الحكومة وقف تسديد سندات اليوروبوند المستحقة بالدولار الأميركي، بالإضافة إلى جائحة كورونا التي أدت إلى تفاقم الركود في جميع القطاعات الاقتصادية، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب بدمارٍ كبير في العاصمة اللبنانية، وأخيراً استقالة الحكومة.
وقد شدّد سلامة على أنه في خضم هذه التحديات الصعبة، قام مصرف لبنان باتخاذ التدابير التي تهدف لمساعدة الاقتصاد على الصمود، وحماية أموال المودعين في المصارف اللبنانية، ودعم الأعمال التجارية أثناء انتشار الوباء لضمان استمرار سوق العمل، وتقديم المساعدة للأفراد والشركات الذين تأثروا بانفجار المرفأ.
ومن أبرز الإجراءات التي ذكرها في مداخلته، قيام مصرف لبنان بإيجاد آليات من خلال تعاميمه للمصارف تسمح بتوفير الجزء الأكبر من السيولة بالدولار، لأغراض استيراد المشتقات النفطية والقمح والأدوية والمستلزمات الطبية، بعد أن اشتكى مستوردو هذه الواردات الحيوية من نقص الدولار، وأيضاً دعم الصناعات اللبنانية من خلال إطلاق "صندوق الأوكسجين للاقتصاد اللبناني"، ما يوفر حلاً دائماً لاستيراد المواد الأولية، بالإضافة الى دعم أسعار السلع الغذائية الأساسية، بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة، مما ساهم في التخفيف من حدة الآثار التضخمية على المستهلك. كما تطرق الحاكم إلى الدعم الذي قدمه مصرف لبنان إلى عملاء المصارف الذين تأثروا سلباً بعمليات الإغلاق، نتيجة تفشي جائحة كورونا، وأولئك الذين تأثروا بانفجار مرفأ بيروت، وذلك من خلال إنشاء آلية تسمح للمصارف بتقديم قروض استثنائية لا تخضع لأي فائدة أو عمولة، ويمكن سدادها على مدى خمس سنوات.
والمداخلة الثانية التي قدّمها سلامة تتعلق بموضوع أثر تداعيات تغيرات المناخ على النظام المالي والاستقرار المالي، حين قدّم عرضاً عن المبادرات التي قام بها مصرف لبنان منذ العام 2010 لدعم المشاريع البيئية والطاقة المتجددة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها