الثلاثاء 2020/03/31

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

السلطة والمصارف وكذبة الشحن: الاستيلاء على دولارات الناس

الثلاثاء 2020/03/31
السلطة والمصارف وكذبة الشحن: الاستيلاء على دولارات الناس
إغلاق المطار الذي تم منذ تاريخ 19 آذار استثنى حينها طائرات الشحن بما فيها شحن الدولارات (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

فوجئ اللبنانيون بعد ظهر الاثنين 30 آذار، بخبر "وقف ​المصارف اللبنانية​ عمليات السحب بالدولار​ الأميركي، بانتظار إعادة فتح ​مطار بيروت الدولي،​ المغلق منذ نحو أسبوعين، في إطار إجراءات مواجهة انتشار ​فيروس كورونا​ المستجد"، وفق ما أفاد مسؤول مصرفي لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأشار المسؤول في جمعية المصارف، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، إلى أن المصارف أوقفت عمليات السحب بالدولار "بانتظار أن يعاد فتح المطار"، موضحاً أن "الدولار يتم استيراده من الخارج وهذا لم يعد ممكناً بسبب فيروس كورونا" المستجد، لافتاً إلى أن "مستوردي الدولار توقفوا عن العمل".


بعد ساعات على هذا الخبر، اتّضحت الصورة وانفضحت نوايا المصارف، وتواطؤها مع مصرف لبنان برعاية الحكومة، إن لم نقل بالتوافق معها. فالدولارات لم يتوقّف شحنها عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت تزامناً مع إعلان التعبئة العامة وإغلاق المطار، لاسيما أن قرار التعبئة استثنى طيران الشحن، وهو الذي تصل عبره الدولارات من الخارج، والواقع أن شحن الدولارات توقّف خلال نهاية الأسبوع الفائت أي بين 28 و29 آذار. فما الأسباب التي دفعت بالمصارف للتوقف عن شحن دولاراتها من الخارج؟ وكيف سيتم التعامل مع سحوبات الدولار من المصارف؟

معاملات لا سحوبات
أقفلت المصارف أبوابها منذ بداية فترة التعبئة العامة، وما استتبعه من طوارئ صحية، درءاً لانتشار فيروس كورونا، فخفّضت من ساعات عملها واكتفت بفتح فروع محدّدة لتسيير العمليات النقدية الضرورية، وأبقت على إتمام معاملات التجار والمستوردين وإيداع الشيكات وتعبئة الصرافات الآلية بالليرة اللبنانية، وغيرها من الإجراءات الداخلية وفيما بينها، من دون أن تًفسح بالمجال لأصحاب الودائع الدولارية أو الحسابات الدولارية بسحب الدولار من حساباتهم، لا عبر الصرافات الآلية ولا من صناديق المصارف. واستمر الوضع القائم حتى نهاية الأسبوع الفائت، حين قرّرت جمعية المصارف فتح أبواب فروع مصارفها بوجه الزبائن لتلبية ما أسمته بـ"الإحتياجات المصرفية الملحّة للأفراد والشركات، بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة".


ومع فتح المصارف أبوابها بشكل كامل بوجه الزبائن يوم الإثنين 30 آذار، ارتفعت صرخة عدد كبير من عملائها بعد رفض المصارف، التي يتعاملون معها، السماح لهم بسحب الدولارات من حساباتهم سواء المودعة أو الرواتب الموطّنة بالدولار، وتزامن حال الإرباك هذا مع إعلان أحد المسؤولين في جمعية المصارف عبر وكالة فرانس برس، بأن المصارف أوقفت عمليات السحب بالدولار حتى إشعار آخر "بانتظار أن يعاد فتح المطار"، باعتبار أن الدولار يتم استيراده من الخارج وهو ما لم يعد ممكناً بسبب إجراءات الوقاية من انتشار فيروس كورونا.

انكشاف الكذبة
يصرّ أكثر من مصرفي على الترويج بأن إغلاق المطار أوقف عمل شركات الشحن. وبالتالي علّق استيراد الدولارات من الخارج، غير أن الواقع يشير إلى خلاف ذلك، فإغلاق المطار الذي تم منذ تاريخ 19 آذار استثنى حينها طائرات الشحن، التي استمرت بالعمل. وبالتالي استمر شحن الدولار من الخارج، حتى الـ48 ساعة الماضية، حين توقفت عمليات الشحن، وفق ما يؤكد مصدر مطلع في حديث إلى "المدن". وجرى ذلك بقرار مصرفي رسمي، يهدف إلى لجم حركة الطلب من قبل العملاء على الدولار، وحصرها بالليرة اللبنانية وعبر الصرافات الآلية فقط.

ووفق المصدر، فإن قراراً يجري العمل على إصداره بشكل رسمي خلال الأيام القليلة المقبلة يقضي بإلزام أصحاب الودائع الدولارية وموظفي القطاع الخاص الموطّنة رواتبهم بالدولار وأصحاب الشيكات المعنونة بالدولار، السحب بالليرة اللبنانية حصراً.. لكن وفق سعر الصرف المعمول به في السوق الموازي، مع استثناء السحوبات بالدولار لأصحاب التحويلات من الخارج أو الأموال الجديدة (Fresh money).

ولوحظ مع إعلان عدد من المصارف مع بداية الأسبوع تعليقها عمليات السحب بالدولار، ارتفاعاً متسارعاً لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، وكذلك في السوق السوداء. إذ لامس 2900 ليرة للدولار الواحد، مع عدم استبعاد تجاوزه هذا السعر وكسره حاجز الـ3000 ليرة في الأيام المقبلة، في ظل تزايد شح الدولار في الأسواق ليُضاف ذلك إلى أزمة السيولة الحادة المستمرة منذ أشهر.

يُذكر أن الحكومة اللبنانية أعلنت التعبئة العامة في 15 آذار، قبل أن يتم تمديدها حتى 12 نيسان. وقد شمل قرار التعبئة العامة إغلاق المطار، مع استثناء طائرات الشحن فقط.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها