الجمعة 2020/03/13

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

موظفو مستشفى الحريري يواجهون "كورونا" باللحم الحي

الجمعة 2020/03/13
موظفو مستشفى الحريري يواجهون "كورونا" باللحم الحي
تُلقي وزارة الصحة بكامل حِمل أزمة كورونا على موظفي مستشفى رفيق الحريري (Getty)
increase حجم الخط decrease
يستقبل مستشفى رفيق الحريري الحكومي شهرياً قرابة 1700 مريض، قبل أن يُلقى على عاتقه ملف مرضى الـ"كورونا"، لترتفع الأعداد بالمئات، بين مرضى وحالات مُشتبه بإصابتها وغيرها من الحالات التي تستلزم الرعاية الخاصة. باختصار، يشكل مستشفى الحريري اليوم الملجأ الأول والأخير لمرضى فيروس كورونا من اللبنانيين والمقيمين كافة، ولمرضى القلب والسرطان والكبد وغيرها ممن لا ملجأ صحياً لهم في أي مستشفى آخر.

وعلى الرغم من تعاظم المسؤوليات المُلقاة على عاتق المستشفى الحكومي، يعاني موظفوه وإداريوه كما جهازه التمريضي من غبن مزمن يعود إلى العام 2017، حين أقرّت سلسلة الرتب والرواتب واستفاد منها موظفو القطاع العام، باستثناء المستشفيات الحكومية. ثم استُكملت عملية تطبيق السلسلة وإصدار المراسيم المرتبطة بالمستشفيات الحكومية. فاستفاد منها موظفو عدد من المستشفيات الحكومية كمستشفيات صيدا وزحلة وبعلبك وطرابلس وغيرها، دون مستشفى الحريري الحكومي في بيروت!

حرمان وإضراب
والنتيجة أن الحكومة ممثلة بوزارة الصحة العامة تُلقي بكامل حِمل أزمة انتشار فيروس كورونا على موظفي مستشفى الحريري الحكومي، من دون أن تتحمّل أية أعباء أو تكاليف، ومن دون إعطائهم حقوقهم. والأخطر من ذلك، عجز المستشفى عن تأمين وسائل الحماية والإجراءات الوقائية كالتعقيم الدوري في مكاتب ومراكز عمل وتواجد الموظفين.

واقع حال الموظفين دفعهم إلى إعلان الإضراب والتوقف عن العمل في مستشفى الحريري الحكومي، باستثناء الأقسام الحيوية، كأقسام الكورونا، والطوارئ، وغسيل الكلى، وعلاج السرطان. ووفق أمين سر لجنة مستخدمي ومتعاقدي مستشفى رفيق الحريري، سامر نزال، في حديث إلى "المدن"، فالموظفون لم يعد باستطاعتهم الاستمرار بالعمل، في غياب أي إجراءات وقائية لحمايتهم وحماية صحتهم وصحة عائلاتهم. ويرى أن المطلب الأساس هو إحساسهم بالأمان الصحي، وإن كان مطلب حصولهم على مستحقاتهم من سلسلة الرتب والرواتب بالغ الأهمية: "نحن بحاجة لعمليات تعقيم بشكل دوري ومستمر، وإلى مواد للتعقيم الشخصي والكمامات والمستلزمات الوقائية، التي نشتريها على عاتقنا، في حين أننا المستشفى الوحيد الذي يستقبل حالات إصابات بفيروس كورونا".

وحسب اللجنة، فالإضراب مفتوح إلى حين تنفيذ مطالب العاملين في المستشفى، لجهة تأمين وسائل التعقيم والوقاية، نظراً لاستقبال أكثر من 200 مريض يومياً، يُشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا، كما لجهة منحهم الحقوق بما فيها الحوافز المالية، إلى جانب الرواتب والدرجات الوظيفية.

غُبن وظيفي
ووفق مصدر إداري في مستشفى الحريري الحكومي، فالموظفون يعانون من بعض الممارسات القاسية التي تُضاف إلى معاناتهم وإحساسهم بالغبن الوظيفي، منها حسم الإدارة من رواتبهم بدل ساعات التأخير بشكل مضاعف (3 ساعات عن كل ساعة تأخير)، ما يُعطي الموظف شعوراً بتلقي عقوبة، وليس بالخضوع لإجراء إداري. أضف إلى تعرّضهم في الفترة السابقة لحسومات من إجازاتهم، جراء تعذّر الحضور خلال فترة قطع الطرقات أثناء الثورة.

وأكثر ما يُشعر العاملين اليوم بعدم الاهتمام بصحتهم، وفق المصدر في حديثه إلى "المدن"، هو عدم اتخاذ أي إجراءات تهدف لحمايتهم وتجنيبهم التجمع صباحاً ومساء، مع بداية ونهاية الدوام الوظيفي عند ماكينة البصم، التي تُعد من أولى وسائل نقل الفيروس وأخطرها.

ويبقى الخطر الداهم هو عدم طمأنة العاملين في المستشفى بالنسبة لمستقبل المؤسسة، بعد أن تقلصت أنشطتها بفعل تكريس مبنى منها لاستقبال حالات الكورونا، "إذ أن الوزارة على ما يبدو لم تعلن عن أي إجراء مالي للتعويض على المستشفى، تراجع حجم مداخيلها وتراكم الأعباء عليها. أقلّه على الوزارة إحقاق الحق ودفع سلسلة الرتب للموظفين".

تفهّم الإدارة
وبعد إعلان موظفي المستشفى الإضراب، علّقت الإدارة في بيان لها على الإضراب باعتبار المطلب الأساس هو تحصيل سلسلة الرتب والرواتب، التي أقرّت العام الماضي، والتي لم تطبّق في المستشفى، بسبب عدم قيام وزارة الصحة بتقديم مساهمة موازية للمساهمة التي قدّمتها للمستشفيات الحكومية الأخرى، مما مكنها من دفع السلسلة لعامليها. كما أعربت عن دعمها مطالب العاملين، وإن كانت لا تتفق معهم على الأسلوب أو التوقيت، رافعة الصوت "للمسؤولين لإنصاف العاملين، نظراً للجهود الجبّارة التي تبذل في الوقت الذي لم يصل فيه بقية القطاع الإستشفائي إلى الجهوزية المطلوبة".      

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها