الأربعاء 2020/03/11

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

تواطؤ قضائي مصرفي: لا دولارات بعد اليوم

الأربعاء 2020/03/11
تواطؤ قضائي مصرفي: لا دولارات بعد اليوم
السلطة السياسية حيّدت نفسها عن إقرار الإجراءات (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
تتواطأ السلطة السياسية والمصارف من جديد على المواطنين، ولكن هذه المرة من بوابة القضاء، الذي استُخدم اليوم كأداة لتشريع عمليات الحجر التي تمارسها المصارف على أموال المودعين وأصحاب المدخرات والرواتب الموطّنة لديها.

فقد أصدر النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات أمس الثلاثاء 10 آذار، مقررات جرى التوافق عليها مع المصارف اللبنانية، تتعلّق بالإجراءات والقيود التي تمارسها المصارف حالياً، لا جديد فيها سوى نقطتين، تعدان الأكثر خطورة. تتعلّق الأولى بتغييب المودعين أصحاب الحسابات الدولارية، وأصحاب الرواتب الشهرية المدفوعة بالدولار، عن المقررات التي انتهى إليها الإجتماع، وتم رميها في ملعب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. أما النقطة الثانية فترتبط بحضور النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم الاجتماع وتوافقه مع مقرراته. علماً أن القاضي ابراهيم هو نفسه الذي أصدر قراراً الأسبوع الفائت بوضع إشارة "منع تصرف" على أصول عشرين مصرفاً، قبل أن يجمّد القرار من قبل القاضي عويدات.

ما يعني أنه بتوافق القاضي عويدات والمصارف وحضور القاضي ابراهيم، تم تأمين غطاء للقيود المصرفية "غير القانونية" ولإجراءات الحجر على الودائع والرواتب الدولارية، في حين أن المصارف لا تزال تملك الحرية المطلقة للتصرّف بأصولها وممتلكاتها.

الإجراءات
الإجراءات التي وصفها المُجتمعون في مكتب القاضي عويدات بالـ"قواعد لحماية حقوق المودعين" ما هي إلا القيود نفسها التي تُخضع المواطنين يومياً للإذلال، بانتظار سحب ما تسمح به المصارف، أو ما لا يزيد عن 400 دولار شهرياً، وتتلخص القواعد المفروضة على مدى سنة كاملة على الآتي:

أولاً: الدفع النقدي بالعملة الوطنية للمودعين، بمبلغ شهري لا يقل عن 25 مليون ليرة لبنانية.

ثانياً: سداد الرواتب بالليرة اللبنانية نقداً، وبشكل كامل من دون تقسيط.

ثالثاً: دفع كلفة التعليم والأقساط في الخارج بالعملة الصعبة، بعد تقديم المستندات اللازمة.

رابعاً: تأمين التحويلات الضرورية في ما يتعلّق بالمستلزمات الطبية، وذلك وفق ما يفرضه تعميم مصرف لبنان وبالنسب المتفق عليها.

خامساً: حرية التصرف الكامل بالـfresh money من ناحية السحب والتحويل.

سادساً: تأمين التحويلات اللازمة بالنسبة للمسلتزمات الغذائية الضرورية، غير المصنّعة في لبنان، مثل حليب الرضع.

سابعاً: عدم تحويل أموال المودعين من الدولار إلى الليرة اللبنانية من دون موافقة ورضى أصحاب الحسابات.

تغييب الدولار
الإجراءات المذكورة ليست مستجدة. لكنها تستثني حتى اللحظة التعامل مع أصحاب الحسابات الدولارية والرواتب الموطّنة بالدولار. فهؤلاء لن يتمكّنوا بعد اليوم من سحب الدولار إلا في حال قرر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شمولهم باستثناءات، بعد لقائه المُرتقب مع المصارف.

ما حصل في مكتب عويدات لا يُمكن وضعه سوى في خانة "التواطؤ" مع المصارف على المودعين. ووفق المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية، فالسلطة اختارت تطبيق الكابيتال كونترول عملياً، من خلال القضاء، تجنّباً لأي طعن به "فلو صدرت هذه الإجراءات عن مصرف لبنان، كان من الممكن الطعن بها. لكن أن تصدر بالتوافق مع النائب العام التمييزي، فلا يمكن الطعن بها، باعتبارها قراراً قضائياً صادراً عن النيابة العامة".

تواطؤ
السلطة السياسية حيّدت نفسها عن إقرار الإجراءات. ولم يتم فتح نقاش بهذا الموضوع. فقد استُخدم القضاء كأداة سياسية لتحقيق الهدف. من هنا يرى صاغية في حديثه إلى "المدن"، أن ما جرى يُعد تواطؤاً بين عويدات والمصارف. فالقاضي عويدات يمثل رجل النظام رقم واحد ونحن نعيش اليوم حقبة عدنان عضوم مع القاضي عويدات.

وإذ يأسف صاغية إلى أن الإجراءات المذكورة أتت بالتوازي مع تجميد قرار منع المصارف التصرف بأصولها، الذي أصدره القاضي ابراهيم، يرى أن ما حصل خطر جداً لجهة المضمون ولجهة الأسلوب. فالمصارف لها كامل الحرية في بيع ممتلكاتها، في حين أنها تحجز الأموال على المودعين. وهذا أمر يعرض أموال المودعين للخطر، في حين أن الكابيتال كونترول يجب أن يُناقش اجتماعياً قبل البت به "لكن ذلك لم يحصل. بل اتخذ القرار بالسياسة بين القاضي والمصارف".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها