السبت 2019/09/07

آخر تحديث: 00:02 (بيروت)

جولة الحريري وكاميراته في مرفأ بيروت: المشكلة بمكان آخر

السبت 2019/09/07
جولة الحريري وكاميراته في مرفأ بيروت: المشكلة بمكان آخر
أزمات مرفأ بيروت ترتبط بشكل مباشر بسياسة المحاصصة ونظرية التوازن الطائفي (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease
في خطوة لافتة جال رئيس الحكومة سعد الحريري في مرفأ بيروت، ليتابع "ماذا يحصل في المرفأ وأعمال اللجنة المؤقتة"، على حد تعبيره. وكان قد سبقه في جولة مماثلة منذ أقل من شهر وزير المال علي حسن خليل. وكأن سير العمل في مرفأ بيروت يحتاج ألى متابعة عيانية لتنشيطه وتفعيل عمل الجمارك فيه، وضبط التهريب عبره.

ربما أراد الحريري، ومن قبله خليل، أن يترجما صدق نوايا الحكومة وجديتها بتنفيذ الإصلاحات ومتابعة سير أعمال مرافقها العامة الرئيسية على الأرض، ومنها المرفأ.. لكن لو لم تكن فضائح الدولة ومرافقها طافحة من وراء أسوارها، لاعتُبرت تلك الخطوة بالغة الأهمية. لكن الأزمات المحيطة بعمل مرفأ بيروت تحديداً، ترتبط بشكل مباشر بسياسة المحاصصة من جهة، ونظرية التوازن الطائفي من جهة أخرى، وما بينهما من شبكات تمتهن التهريب عبر أهم معبر شرعي في لبنان هو مرفأ بيروت. وانطلاقاً من هذا الواقع، لا يمكن وضع تلك الزيارات الميدانية سوى في خانة البروباغندا الإعلامية لا أكثر.

أزمة سكانر
أزمات مرفأ بيروت لا تحتاج المُتابعة على الأرض، ولا أمام الكاميرات. إنما تحتاج إلى قرارات مسؤولة. ولعلّ أبرز الأزمات التي تُضعف إيرادات المرفأ، وتُعرقل عملية انسياب البضائع إليه، وتعزّز إمكانية التهريب، هي تضارب الصلاحيات بين المجلس الأعلى للجمارك والمديرية العامة للجمارك، وانعكاس ذلك على العديد من الملفات شديدة الأهمية، كملف مناقصة السكانر في المرفأ، وملف تعيين خفراء الجمارك وغيرها من الملفات.

مرفأ بيروت يفتقد لأبسط حاجات المرافئ، إلى آلة كشف حديثة "سكانر". فلا يوجد في المرفأ، الذي يتباهى كافة المسؤولين، ومن بينهم الرئيس الحريري، بأنه "من أهم المرافئ في المنطقة"، سوى سكانر واحدة تعود إلى نحو 10 سنوات، تم الحصول عليها بموجب هبة صينية. وهي حالياً غير صالحة للكشف على كل الكونتينرز (الحاويات) التي تدخل المرفأ. وبعد طرح مشروع شراء سكانر حديثة، وإدراج البند في جدول أعمال مجلس الوزراء، في شهر حزيران الفائت، سُحب البند بطلب من وزراء التيار الوطني الحر، لأسباب لا تتعدى سياسة تقسيم الحصص. واستمر الوضع على ما هو عليه.

وحسب الأرقام فإن قرابة 1200 كونتينرز يعبر يومياً مرفأ بيروت لا يتم الكشف سوى على 235 كونتينر فقط منها، في حين أن إيرادات المرفأ تقدّر بنحو 2.5 مليار دولار سنوياً. ومن المتوقع أن ترتفع الإيرادات بنحو مليار دولار، فيما لو تم اعتماد سكانر متطورة للكشف على كافة البضائع المستوردة عبر مرفأ بيروت.

تعليق تطويع الخفر
وتكمن كبرى أزمات مرفأ بيروت في تقاطع الصلاحيات وتصاعد حدة المناكفات بين المجلس الأعلى والمديرية العامة للجمارك. إذ ينعدم التنسيق بين الطرفين. وتنسحب الخلافات على التشكيلات والتحسينات والتطوير وأداء الإدارة، وحتى إنتاجيتها. وقد تجلّت الخلافات بين الطرفين مؤخراً بتعطيل تطويع 853 عنصراً (خفيراً) في الجمارك كانوا قد فازوا في مباراة أجروها منذ خمس سنوات.

فالمجلس الأعلى للجمارك يعتبر عملية تطويع الـ853 غير قانونية، بسبب تعرّض نتائج المباراة لعملية تلاعب عبر استبعاد مرشحين فائزين لمصلحة آخرين من طوائف أخرى، بهدف إحداث توازن طائفي بين المتطوعين (الخفر). في مقابل تمسّك المديرية العامة للجمارك بالنتائج من دون الالتفات إلى رأي المجلس الأعلى وفق الأصول. والنتيجة تعطيل تعيين الخفراء واستمرار عمل المرفأ بما تيسر من كوادر بشرية.

اللجنة المؤقتة
وبالعودة إلى جولة الحريري في المرفأ، فقد استحوذت اللجنة المؤقتة لإدارة المرفأ على الجزء الأكبر من حديثه، على نحو بدا واضحاً أن أحد أسباب الزيارة هو الدفاع عن اللجنة المؤقتة وتقديم الدعم لها. إذ قال: إن القوى الأمنية هي المسؤولة عن التهريب، وليس اللجنة المؤقتة لمرفأ بيروت، مؤكداً أنه "خلال الأشهر المقبلة "سنقدم مشروع قانون حول المرفأ، وننتهي من الكلام السياسي وننتقل إلى الانتاج"!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها