الأحد 2019/08/11

آخر تحديث: 00:04 (بيروت)

ميناء صور ضاق بأهله: السياحة بمواجهة لقمة العيش

الأحد 2019/08/11
ميناء صور ضاق بأهله: السياحة بمواجهة لقمة العيش
مراكب الصيادين تستنجد برئاسة الميناء لضمان حقها بالرسو (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
تختلط الأمور بين السياحة ومهنة الصيد في إحدى أعرق المدن على شواطىء البحر الأبيض المتوسط. لا تمييز في مدينة صور بين السعي لتحصيل لقمة العيش والترفيه، فهي المدينة السياحية الأبرز، خصوصاً في ما يتّصل بالبحر. فإلى جانب روّاد الشاطىء الذين يتوزّعون بين من يحب شواطئ الرمل ومن يهوى شواطئ الصخر، يتولّى أبناء الميناء من الصيادين أخذ السياح في جولات لمسافات متقدمة داخل البحر. غير أن الصيادين باتوا يواجهون منافسة غير مشروعة من أصحاب المراكب السياحية المعروفة باسم "اللانشات". ويحصل ذلك تحت نظر وزارة النقل، المسؤولة عن الميناء.

ميناء للصيد 
ينتمي صيادو مدينة صور الذين لا يزيدون عن 167 صياداً، إلى عائلة صيادي لبنان المحترفين، البالغ عددهم حسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، نحو 7250 صياداً. واستطراداً، يختلف هذا الرقم عمّا تسجله وزارة الزراعة اللبنانية التي تعترف بوجود نحو 7600 صياداً محترفاً.

بعيداً عن اختلاف الأرقام التي لا تغيّر في جوهر القضية، فإن الصيادين في ميناء صور يعانون تضييق الخناق على مينائهم من قبل أصحاب اللانشات السياحية. إذ يقوم هؤلاء بركن مراكبهم في الميناء المخصص للصيادين، في ظل غياب ميناء مخصص للمراكب السياحية. الأمر الذي يحد من أماكن رسو مراكب الصيد، وبالتوازي يقلل احتمالات انتساب صيادين جدد إلى المهنة. فدخول مهنة الصيد البحري لا تصح مع غياب مكان لركن المركب. وفي السياق، يؤكد نقيب الصيادين في صور خليل طه، أن هناك "نحو 14 شاباً يريدون بناء مراكب للصيد والدخول في هذه المهنة، لكنهم متخوفون من عدم توفر أماكن شاغرة لمراكبهم". ويشير طه في حديث لـ"المدن"، إلى أن "هذه المسألة تعتبر قطعاً للأرزاق ووسيلة لتقليص أعداد الصيادين مقابل رفع أعداد أصحاب المراكب السياحية".

ويلفت طه النظر إلى أن "صرخة الصيادين ليست موجهة ضد السياحة في المدينة، ولا ضد امتلاك مراكب سياحية، وإنما ضد تحويل ميناء الصيادين وأماكن رسو سفن الصيد إلى ميناء وأماكن للمراكب السياحية، فيبقى الصيادون من دون ميناء". ويستشهد طه بتطور أعداد المراكب السياحية في الميناء، إذ "بدأ الأمر بنحو عشرة مراكب، واليوم أصبح هناك نحو 85 مركباً، 22 منهم غير مستوفٍ للشروط القانونية، ومع ذلك يرسون في حرم الميناء".

وزارة النقل مستقيلة
معاناة الصيادين لم تدفعهم لإنكار حق أصحاب اللانشات باستعمال البحر، فهو ليس ملكاً لأحد، لكن لا يجب أن يُمارَس حقّهم عبر الاعتداء على حق الصيادين، سكان الميناء الأصليين والحائزين على ترخيص رسمي، ويدفعون التكاليف، إذ تدفع النقابة "مبلغ 50 ألف ليرة كأجرة ميكانيك عن كل مركب"، وفق طه الذي يقول بأن "كل مركب صيد يكلّف الصياد ما لا يقل عن 22 ألف دولار". ويشرح أن "أغلب الصيادين لا يستطيعون اليوم دفع كلفة مركب صيد جديد، فيأتون بهيكل جديد بنحو 13 ألف دولار، ومولّد طاقة (موتير) مستعمل بنحو 7 آلاف دولار، ناهيك بعدّة الصيد، كالشباك وغيرها".

ويستغرب طه غياب وزارة النقل بشكل أساسي، والوزارات الأخرى المعنية بالصيد البحري مثل وزارة الزراعة. ويعتبر طه أن "وزارة النقل استقالت من عملها منذ ثلاث سنوات. هي ليست غائبة، وإنما مستقيلة ولا تفعل شيئاً".

وفي الواقع، الوزارة بممارساتها، تقف في صف أصحاب اللانشات السياحية ضد الصيادين، فهي "لا تنظّم رسو المراكب بطريقة صحيحة، وهو ما يخدم أصحاب اللانشات الذين يركنون مراكبهم لعدة أشهر في الميناء، فيحجزون بذلك أماكن يمكن للصيادين الاستفادة منها لمراكبهم". وهنا يرى طه أن "إزالة اللانشات في فترة الشتاء يسهّل القضية ويفسح المجال للصيادين. لكن عوض ذلك تعطي رئاسة الميناء رقماً مخصصاً لمكان رسو اللانشات"، والرقم بمثابة تصريح بالرسو، لا وقت له ولا صلاحية. أيضاً، "أعطت رئاسة الميناء نحو 26 بطاقة صياد هاوٍ، بكلفة 20 ألف ليرة سنوياً لكل بطاقة. ووزارة الزراعة تعطي رخصة صيد لمن يرغب في ممارسة الصيد"، وهذا يزيد التضييق على الصيادين المحترفين.

مطالب بسيطة
لا تُطبّق اللامبالاة الموجودة في ميناء صور، في أي ميناء لبناني آخر. ففي بيروت مثلاً، "يدفع المركب السياحي نحو ألف دولار عن كل متر من أمتار المركب". من هذا المنطلق يطالب الصيادون رئاسة الميناء بالتحرك "وعدم الاكتفاء بالوعود الدائمة". والحلول بنظر طه، تبدأ "بوقف السماح للمزيد من المراكب بالقدوم إلى الميناء، وذلك لحصر أعدادها". لا ينتظر طه تغيير الوضع بسرعة وسهولة، ولا قدرة للنقابة على التأثير لأن "النقابة هي وسيط بين الصيادين والدولة، وليست سلطة إجرائية لتمنع الناس بالقوة، فعلى رئاسة الميناء أن تتدخل، فهي لديها السلطة لطلب مؤازرة القوى الأمنية إذا لزم الأمر".

في المقلب الآخر، يفتح طه ملف الضمان الاجتماعي للصيادين "علماً أن هناك مشروع قانون في مجلس النواب لضمان الصيادين منذ العام 1996، لكن لا تقدّم في هذا الملف. علماً أنه عندما كان ثمن لوحة السير العمومية للسيارات 6 مليون ليرة، كان سعر مركب الصيد 16 ألف دولار، ومع ذلك لم يتم إدخال الصيادين إلى الضمان".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها