الجمعة 2019/07/19

آخر تحديث: 00:33 (بيروت)

السلطة تلخّص مصائب الموازنة وتعاقب الجميع

الجمعة 2019/07/19
السلطة تلخّص مصائب الموازنة وتعاقب الجميع
خليل عرض أرقاماً تؤكد فشل السلطة السياسية على مدى سنوات (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
لخّص وزير المال علي حسن خليل، باسم الطبقة السياسية التي تدير البلاد، الواقع الاقتصادي، خلال جلسة مجلس النواب لمناقشة مشروع موازنة العام 2019، يوم الخميس 18 تموز. ومع هذا التلخيص، يفتح خليل الباب بوضوح أمام الجمهور للتدقيق بمسار عمل أحزاب السلطة، وللمحاسبة إذا ما أراد الجمهور الاستيقاظ وممارسة دوره كمصدر للسلطات.

الواقع بالأرقام
ضمن كلمته في الجلسة التي لم تُختتم بالتصويت على بنود الموازنة، أشار خليل إلى أن معدل النمو الحقيقي في العام 2018 "بلغ نحو 1 بالمئة". أما في العام 2019، فأكد خليل أن "نسبة النمو التي ارتكز عليها مشروع الموازنة هي نفسها التي أعلنها صندوق النقد الدولي في تقديراته في بداية كانون الثاني 2019، ويومها قدّر الصندوق أن نسبة النمو ستكون 1.2 في المئة". لكن هذا التقدير تراجع بفعل عدة مؤشرات وهي أن "بداية الانطلاقة للحكومة قد تأخرت، بالإضافة إلى المشكلات السياسية والتراجعات الاقتصادية، والتي أدت إلى تقدير أخير للنمو وصل إلى أقل من 0.5 بالمئة".

في العجز الفعلي المحقق والميزان الأولي، رأى خليل أن "العجز عاد إلى مساره التصاعدي في العام 2018 وارتفع إلى 11.1 بالمئة. وكان باستطاعتنا ببعض من الجدية في الحكومة ووزارة المالية ولجنة المال والموازنة، خفض هذا العجز أكثر من 3 أو 4 نقاط". وفصّل خليل سبب التصاعد في العجز، معتبراً أنه "كان في سلسلة الرتب والرواتب وزيادة خدمة الدين العام والتحويلات للبلديات والزيادة المدفوعة نيابةً عن مؤسسة كهرباء لبنان لتغطية استيراد الفيول مع ارتفاع أسعار النفط من 54 إلى 71 دولار للبرميل سنة 2018". والعجز أثّر على مستوى الدين العام "الذي ارتفع من 138 بالمئة عام 2014 إلى نحو 150 بالمئة عام 2018، ومن المتوقع أن يصل إلى 151 بالمئة عام 2019، رغم كل الجهود المبذولة لضبط العجز".

حول الإيرادات والنفقات، قال خليل أنه "في العام 2017 كان هناك ظروف عابرة رفعت مستوى الايرادات وخفضت النفقات، وخففت من تأثير سلسلة الرتب والرواتب. لهذا، كان هناك عجز أولي بلغ 740 مليار ليرة، مقابل فائض أولي وصل إلى حدود 2100 مليار، وهذا بسبب الإيرادات الاستثنائية يومها لضريبة الدخل وما نتج عن الهندسات المالية".

في الميزان التجاري، "ارتفع العجز برغم تراجع الكميات المستوردة، وبقيت الزيادة في الصادرات خجولة، مع نسبة 4 بالمئة خلال العام 2018. وذلك بدفع أساسي من زيادة في تصدير الذهب والألماس والمجوهرات بنسبة 11 بالمئة عن السنة التي سبقت. والعجز في الميزان التجاري يؤدي تلقائياً إلى العجز في ميزان المدفوعات، فنحن بلد يستورد بما يقارب 20 مليار دولار، ويصدّر 3.3 مليار دولار. وتحويلات العملات الأجنبية من الخارج تراجعت بنسبة كبيرة".

إلى ذلك، تراجع صافي الأصول الأجنبية على مدى السنوات الماضية، "وبلغ 4.8 مليار دولار في نهاية العام 2018. ووصل التراجع في الفصل الأول من العام 2019، إلى حدود 2 مليار دولار".

أما إجمالي الدين العام، ففي نهاية شهر آذار 2019 بلغ 129 ألف و982 مليار ليرة، أي 86.22 مليار دولار، بزيادة نسبتها 1.27 بالمئة عن نهاية العام 2018. وإجمالي الدين بالعملات الأجنبية بلغ 79 ألف و65 مليار ليرة، أي 52.45 مليار دولار، بزيادة نسبتها 1.56 بالمئة عن نهاية العام 2018. والدين بالعملات الأجنبية بلغ 50 ألف و917 مليار ليرة، أي ما يعادل 33.78 مليار دولار. وصافي الدين العام بنهاية آذار 2019 بلغ 116 ألف و334 مليار ليرة، أي ما يعادل 77 مليار دولار".

وشرح خليل أن "ديننا يوزّع بالعملة اللبنانية بين 51.5 بالمئة لمصرف لبنان و12.5 بالمئة لمؤسسات عامة و0.6 بالمئة لمؤسسات مالية و34.1 بالمئة للمصارف التجارية 0.3 بالمئة لمورّدين ومتعهدين آخرين. أما 93 بالمئة من الدين بالعملات الأجنبية فهو لسندات الخزينة".

على مستوى القطاع المصرفي، "وصل معدل نمو الودائع في نهاية العام 2018 إلى 4.2 بالمئة، وتراجع الوضع مع بداية العام 2019، حيث شهد الفصل الأول من العام تراجع الودائع بنسبة 0.9 بالمئة مقارنة مع نهاية عام 2018، بالتوازي مع تراجع أكبر في حجم القروض، مع نسبة 4.7 بالمئة بين نهاية 2018 وآذار 2019. ويعود ذلك بشكل جزئي إلى وقف العمل بقروض الإسكان، التي كانت تشكل نسبة كبيرة من الحركة على هذا الصعيد".
في السياحة، فإن دخل السياحة في الفصل الأول من العام 2019، ارتفع بنسبة 3.7 بالمئة مقارنة مع الفصل الأول من العام 2018".

الكل مسؤول
الأرقام التي تعكس الأزمة السياسية والاقتصادية، جعلت من مشروع موازنة العام 2019 مشروعاً خاسراً، إذ "تشكل الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد والتعويضات 36 بالمئة من الموازنة، وخدمة الدين العام تشكل 35 بالمئة، وعجز الكهرباء 11 بالمئة والنفقات الاستثمارية 7.2 بالمئة. ويبقى لكل نفقات التشغيل نحو 9.9 بالمئة".

وقوى السلطة تريد تحميل المواطنين، من جمهورها ومعارضيها، وزر فشلها، حين قررت المس بالرواتب والأجور والتعويضات، وكل ما يتصل بلقمة العيش. والتبرير حاضر، إذ رأى خليل أننا "أصبحنا في لحظة علينا أن نلتفت إلى تضخم هذه الكتلة من الرواتب والأجور والمعاشات. وقلنا أن المطلوب التأسيس لمسار معاكس خلال السنوات المقبلة، بالعمل على خفض الإنفاق غير المجدي، وزيادة الإنفاق المجدي، والاستثمار في البنى التحتية وتمويلها من خلال القروض الميسرة التي سيضمنها مؤتمر سيدر".

لكن خليل لم يفصح عمّا تحمله كلماته من أبعاد، لأنها تؤشّر إلى ضرورة تحميل السلطة التي ينتمي إليها، مسؤولية هذا الواقع. لأن سلطته هي المسؤولة عن الإنفاق غير المجدي نتيجة التوظيف السياسي، الذي حوّل المؤسسات العامة إلى مراكز للتنفيع الانتخابي. واليوم ضاقت السلطة بنتائج تنفيعاتها، فأرادت تقليصها من جيوب الموظفين، وليس من محميات المصارف والتعديات على الأملاك العامة، بالإضافة إلى ما ترشح عنه القروض من تنفيعات مباشرة. وهو ما يبرر دفاع خليل عن سيدر، إذ أكد أن "سيدر هو مجموعة من المقرضين عبّروا عن استعدادهم لتمويل مشاريع لدعم لبنان بفوائد منخفضة. وعلينا عدم تصوير سيدر وكأنه "بعبع" أو عصا في وجهنا".

أما بخصوص محاضرة بعض أقطاب السلطة "بالعفّة"، ومحاولة التنصل من الموازنة، فكشف خليل أنه "ليس صحيحاً أن بعض الكتل أو الوزراء اعترضوا على الموازنة في مجلس الوزراء. فمن خلال كلمات النواب تبيّن وكأننا أمام موازنة "لقيطة" وكأن أحداً لم يشارك في صياغة بنودها وأرقامها".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها