وبصورة أوضح، أي شركة تريد الإعلان عن مشروب غازي مثلاً، تتعاقد مع وكيل للإعلانات لقاء نشر إعلان عن مشروب بنكهة جديدة. وترويج المشروب الجديد، هو إعلان، أما الترويج للمشروب القديم التابع للشركة نفسها، فهو إعلان آخر، كما لو أن الشركة تبيع أيضاً مياهاً معدنية، فإن الترويج للمياه هو إعلان مختلف عمّا سبق. وعليه، فإن وكيل الإعلانات سيدفع 50 ألف ليرة عن الإعلان المخصص للمشروب الجديد، حتى لو كان سينشر على الطرقات 1000 صورة للمشروب، وهذا بحسب القسم الأول من المادة المذكورة في الموازنة. لكن بحسب القسم الثاني، فإن الرسم سيستوفى عن "كل صورة"، أي 50 ألف ليرة مضروبة بعدد الصور المنشورة، مهما بلغت. وهنا بيت القصيد.
إقفال الشركات
بحسب مصادر متابعة للملف، "هذه السياسة ستؤدي إلى إقفال أبواب شركات وكلاء الإعلانات، لأن الشركات لن تقوى على دفع هذه المبالغ. وسيؤدي ذلك حكماً الى رفع كلفة الإعلان بالنسبة للمعلِن". وتشير المصادر لـ"المدن"، إلى أن "هذه الكلفة تفوق كلفة اللوحة في الكثير من المناطق. ففي البقاع مثلاً، يأخذ وكيل الإعلانات 15 دولاراً عن كل لوحة، أي 22 ألف و500 ليرة، وهي تغطي تكاليف تركيب الإعلان مع نسبة الربح عليه". لذلك، وفي حال تطبيق تلك المادة من الموازنة، فإن الوكيل سيدفع للدولة من جيبه الخاص، عن كل صورة، نحو 7 آلاف و500 ليرة. وبما أن أحداً في مجال التجارة لا يدفع من جيبه الخاص، فإن هذه الكلفة ستضاف على الفاتورة التي سيدفعها المعلِن، ما سيضطره الى إعادة التفكير بالإعلان، وسيلجأ من دون أدنى شك إلى طرق إعلان بديلة، وهي وسائل التواصل الإجتماعي والوسائل التي تعتمد إجمالاً على التكنولوجيا.
لا مجال هنا للحديث عن "تقاسم" للكلفة بين المعلِن والوكيل وصاحب لوحة الإعلانات، فالكل يبحث عن المعادلة الإقتصادية الذهبية، وهي جودة أفضل وسعر أقل. والمعلِن لديه خيارات تكنولوجية يمكن اللجوء إليها، فيما صاحب اللوحة ينعم بتغطية سياسية تتيح له مخالفة القانون ومراكمة أرباح غير مصرّح عنها. ما يُبقي وكيل الإعلانات في الميدان وحيداً. وهذا الوكيل ليس أمامه الكثير من الخيارات حتى لو كان "مدعوماً" سياسياً، لأن طبيعة موقعه في ترتيب نشر الإعلانات، تلزمه بإيجاد توازن في العلاقة مع المعلِن وصاحب اللوحة الإعلانية، وأي خلل لدى الطرفين، يتحمل الوكيل تبعاتها بالدرجة الأولى.
توضيح للأمن العام
ما تقدّم هو سيناريو يقضي على سوق إعلانات الطرقات في حال تحقق، وذلك بفضل مسار العشوائية والتسرع الذي تنتهجه الطبقة السياسية في صياغة ما تريد التعبير عنه. لكن ما أنقذ الوضع، هو توضيح المديرية العامة للأمن العام لأقطاب الإعلانات، وأبرزهم الوكلاء. وهنا، توضّح المصادر أن "الأمن العام أكّد للوكلاء أن المقصود في جوهر هذه المادة هو رفع كلفة الترخيص الذي يمنحه الأمن العام للوكلاء، والذي يشرّع بموجبه تركيب الإعلانات. كما أن الترخيص هو نوع من الرقابة التي يتأكد الأمن العام عبره من خلوّ الإعلان من أي مخالفة للقوانين أو الآداب العامة".
وتشرح المصادر بأن "كلفة الترخيص كانت محصورة في السابق بطابع 1000 ليرة، وباتت بحكم المادة الثامنة عشر، 50 ألف ليرة لقاء كل "تصميم" للإعلان الواحد، مهما كثر عدد الصور". وعليه، فإن الإعلان عن مشروب جديد، يتم من خلال إبتكار تصميمين أو ثلاثة مثلاً، فيحصل الوكيل على ترخيص من الأمن العام بحسب عدد التصاميم فقط. وهذا الإجراء "يزيد من إيرادات الأمن العام ولا يؤثر بشكل ملموس على القطاع. فآلاف الدولارات المدفوعة على الإعلان الواحد، لن تتأثر بزيادة نحو 200 أو 300 ألف ليرة".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها