الجمعة 2019/02/15

آخر تحديث: 00:34 (بيروت)

"تسلّط" بيروت يُدخِل مرفأ طرابلس بمواجهة مع الجمارك

الجمعة 2019/02/15
"تسلّط" بيروت يُدخِل مرفأ طرابلس بمواجهة مع الجمارك
إدارة الجمارك تطلب من إدارة مرفأ طرابلس إرسال شاحنات من البضائع إلى مرفأ بيروت (Getty)
increase حجم الخط decrease

لا يوجد مؤشرات تبشّر أنّ الصراع الخفي، بين مرفأ بيروت ومرفأ طرابلس، قد ينتهي في القريب العاجل. في الظاهر، تأخذ إدارة الجمارك إشكالها مع مرفأ طرابلس إلى حيّز رقابي وسلطوي. لكنّه في المضمون، هو صراع المركزيّة ضدّ اللامركزيّة، لا سيما بعد أن بات واضحًا أنّ المسار التطويري والتقدّمي الذي يسلكه مرفأ طرابلس، في حركته وعمله على الخطوط البحرية، يبشّر بمستقبل اقتصادي واعدٍ ومثمرٍ ومستقلٍ.

التفتيش في بيروت!
عاد الصراع إلى الواجهة في بداية الأسبوع، مع اتصال إدارة الجمارك في بيروت بإدارة مرفأ طرابلس، تطلب فيه إرسال شاحنات من البضائع إلى مرفأ بيروت، من أجل تفتيشها هناك. هذا الطلب، كان كفيلًا أن يفجّر غضب عائلة المرفأ واحتجاجهم، تحت شعار التصدّي لمحاولة النيل من الدور الذي يلعبه المرفأ. ورغم الاحتجاجات، طلبت إدارة الجمارك لاحقًا، نقل شاحنات عدّة لتفتيشها في بيروت، ما دفع عائلة المرفأ إلى قطع الطريق، والاعتصام، احتجاجًا على قرارٍ اعتبروه جائرًا ومسيئًا.

أجواء الإدارة داخل مرفأ طرابلس، لا تعترض على مبدأ تدقيق الجمارك بالبضائع التي ترسو فيه. فهذا حقٌّ وواجب قانوني، ينظم عمل التجار ويمنع التجاوزات، ويقطع الطريق على المتهربين من دفع الرسوم والضرائب. الاعتراض هو، على آلية التعاطي التي تعتمدها إدارة الجمارك مع مرفأ طرابلس، لا سيما أنّ الإدارة تجد بطلب نقل البضائع لتفتيشها في مرفأ بيروت، بحجة الاشتباه والتدقيق، يرسم علامات استفهام، ولا يأخذ بالاعتبار التبعات السلبية لهذا القرار. ذلك أنّه يلقي أعباءً كبيرة على كاهل التجار، بسبب التأخير في تخليص بضائعهم، والمشقات التي تعترضهم أثناء نقلها إلى بيروت، ما يعني بالنسبة لعائلة المرفأ عملية "تطفيش" ممنهجة لهم، كي لا يعودوا إلى مرفأ طرابلس من جديد. كما أن هذا القرار، تجد فيه عائلة المرفأ إساءة صريحة لإدارة الجمارك في طرابلس، المرتبطة مركزيًا بجمارك بيروت، وتعبّر عن عدم ثقة بها. وعلى ضوء ذلك، بدأت التساؤلات حول سبب امتناع إدارة الجمارك إرسال عناصر لها إلى مرفأ طرابلس، من أجل تفتيش البضائع، والقيام بمهمة روتينية، بدل إجبار التجار الذهاب إلى مرفأ بيروت.

حرب البيانات
قبل يومين، بدت بشائر الحلول ناقصة وأسست لإشكالٍ مفتوحٍ آخر. ونتيجة تحرك عائلة المرفأ ورفع صرختهم الاعتراضية على المساس بدوره، بادر مدير عام الجمارك بدري ضاهر في خطوةٍ تراجعية عن قراره، إلى إرسال كشافين إلى مرفأ طرابلس، قاموا بعملية الكشف على الشاحنات، التي طلبوا نقلها إلى مرفأ بيروت، ولم يثبت عليها أيّ مخالفة تُذكر، على مستوى البضائع والمستندات والملفات. لكنّ ما أثار استفزاز عائلة المرفأ، هو أنّ بدري ضاهر لم يعطِ إذنًا بإخراج البضائع، واعتبروه تصرفًا كيديًا، يقلل من شأن إدارة الجمارك في طرابلس، ويضرب مبدأ استقلاليته، علمًا أن رئيسة إقليم الجمارك في طرابلس، باسكال إيليا، هي زوجة ضاهر.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، وإنّما استُكمل بحرب "البيانات"، التي بدأت بها المديرية العامة في الجمارك. ووصفت المديرية في بيانها هدف الاعتصام الاحتجاجي الذي شهده المرفأ بـ"العمل على تحقيق غايات غير بريئة، وتضليل الرأي العام، والتشجيع على التهريب والغش التجاري، وبالتالي إلحاق الضرر بالمالية العامة وتهديد الأمن الوطني"، وأنّ "التدابير المتخذة في طرابلس نتيجة لورود معلومات حول إمكانية تهريب بضائع، أعطيت بشأنها التعليمات، بنقل شاحنتين إلى بيروت للكشف عليها، نظراً لوجود كشاف واحد في طرابلس". إلّا أنّ مصادر إدارة المرفأ، أوضحت بإشارتها لوجود خمسة كشافين في مرفأ طرابلس، وهم: رئيس الدائرة ورئيس المعاينة عزام كنج، وجيلبير بشعلاني، وعلي أبو خشفة وأيمن حمود، مع كشاف مناوب يأتي يوميًا من بيروت.

وفيما اعتبر نقيب عمال وأجراء مرفأ طرابلس، أحمد السعيد، أنّ بيان مديرية الجمارك "تشوبه المغالطات والتشويهات"، وأنّ الردّ عليه سيكون في تحركٍ احتجاجي صباح الجمعة في 15 شباط 2019، توعد باتخاذ اجراءات تصعيدية، قد تصل إلى الإضراب العام والمفتوح دفاعاً عن مرفأ طرابلس، لا سيما أنّ "الجميع بدأ يشعر بأيادي خبيثة تمتد لتتجرأ على هذه المدينة، التي لم تعد تملك إلا كرامتها".

ليست المرة الأولى
في الواقع، ليست هي المرة الأولى التي يقع فيها إشكال بين مديرية الجمارك ومرفأ طرابلس. ففي العام 2017، دار جدلٌ واسعٌ في طرابلس، اعتراضًا على قرار المجلس الأعلى للجمارك، بنقل الإرساليات الواردة من تركيا، من مرفأ طرابلس إلى مرفأ بيروت، إثر الكشف عن عمليّة تهريبٍ يقوم بها أحد التجار، بالشراكة مع أحد عناصر الجمارك، وأحد المخلّصين الجمركيين. وكذلك، وضع القرار آنذاك في سياق "المسّ" بمرفأ طرابلس ومحاصرته، في ظلّ ما يشهده من عمليات تطوير وتوسعة، إثر افتتاح وتشغيل رصيف الحاويات الجديد.

معارك أخرى
تمتنع مصادر الجمارك اعطاء أيّ توضيح إضافي، عمّا يشهده مرفأ طرابلس، نتيجة الخلاف معه. وتكتفي بالتوضيح أنّ عملهم قائم على تنفيذ التعليمات تقيّدًا بالقانون. لكن، وحسب معلومات خاصة بـ"المدن"، فإنّ ثمّة صراعًا كبيرًا يدور بين مدير عام الجمارك بدري ضاهر والمجلس الأعلى للجمارك. ومؤخرًا، تُرجم في امتناعه عن حضور الاحتفال الذي نظمه المجلس، في اليوم العالمي للجمارك. أمّا مضمون هذا الصراع، فهو يقوم على عملية تنازع للصلاحيات، غالبًا ما تذهب إلى الخلاف الشخصي، وفق المعلومات نفسها.

وفيما يخصّ تحرك يوم الجمعة داخل مرفأ طرابلس، علمت "المدن" أنّه من جملة المطالب التي سترفعها عائلة المرفأ، ستكون رفض نقل الحمولات الآتية إليه إلى مرفأ بيروت، مع التشديد على طلب تحرير البضائع بعد تفتيشها ومنع احتجازها، والردّ تفصيليًا على بيان مديرية الجمارك، إلى جانب تشكيل لجنة تمثل المرفأ، وتجول على الفعليات السياسية، من أجل رفع مطالبهم والضغط من أجل الإلتزام بها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها