الخميس 2019/12/19

آخر تحديث: 00:16 (بيروت)

9 مليار دولار شقق فارغة: القروض العقارية مصيبة اللبنانيين

الخميس 2019/12/19
9 مليار دولار شقق فارغة: القروض العقارية مصيبة اللبنانيين
قد يبدأ المواطنون في بيع أراضيهم بأسعار رخيصة لتأمين الدولار (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease

يعاني اللبنانيون من أزمة السكن، وأصبح من الصعب في ظل الوضع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد تأمين الشقة السكنية لذوي الدخل المحدود. وبينما يعيش القطاع العقاري أسوأ أزماته بسبب توقف القروض السكنيّة المدعومة، طرأت معاناة جديدة أصابت الكثيرين بسبب زيادة نسب الفوائد على القروض السكنية، التي حصلوا عليها قبل سنوات بالنظر إلى المؤشر المرجعي الذي اعتُمد لدى توقيع العقد مع المصرف.

قصة زوجين
غالباً ما تكون فوائد القرض السكني وتحديداً المدعوم من مصرف لبنان مرتبطة بسندات الخزينة، ما يعني أنّ هذه الفوائد تقلّ أو تزيد سنوياً مع تحديد سقف معين. وفي حال كان هناك بند في العقد يربط فائدة القرض بفائدة مرجعيّة تُستخدم كقاعدة لاحتساب فائدة، يحق للمصرف زيادة نسبة الفوائد، وهذا ما يعاني منه الكثير من اللبنانيين، الذين لم يطلعهم المصرف على هذه التفاصيل عند توقيع العقد.

يسلط موقع "مونيتور" الأميركي الضوء على هذه القضية، ويروي قصة الزوجين أحمد ونور، اللذين دخلا القفص الذهبي عام 2014، وحصلا على قرض مدعوم من مؤسسة الإسكان عندما شكل القطاع العقاري أكثر من 40 في المئة من إجمالي القروض المصرفية في لبنان.

أراد أحمد ونور، وكلاهما يعمل في الهندسة المعمارية، أن يجدا المنزل المثالي. كان أحمد يعمل في المملكة العربية السعودية حينذاك، وحصلت نور على وظيفة لمساعدة زوجها في بناء الأسرة مادياً. وبالفعل، تمكن الزوجان اللذن لم يكشفا عن اسميهما الحقيقي أن يجدا منزلاً خارج بيروت، ويحصلا على قرض قيمته 300 ألف دولار من أحد المصارف.

حلم أصبح كابوساً
يقول أحمد للموقع الأميركي "لمدة عامين، كانت دفعتنا محددة بنحو 1200 دولار شهرياً، وكان ذلك مناسباً، وفي السنة الثالثة، أضافوا 26 دولاراً على الدفعة الشهرية، ويمكنني القول أننا تفاجأنا بعض الشيء".

بعد إنجابهما زوجته عام 2017، حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ خسر أحمد عمله في المملكة العربية السعودية، وتم تخفيض راتب نور إلى النصف. ما أدخلهما في ضائقة مالية شديدة حولت منزل أحلامهما إلى كابوس. 

تشرح نور ما حصل بعدها قائلةً "في عام 2018، ذهبنا إلى المصرف لتوقيع جدول المدفوعات السنوي الجديد، وعلمنا أن المبلغ الذي ندفعه شهرياً لسند القرض سيزيد 126 دولاراً إضافياً كل شهر". وفي شهر نيسان من العام التالي، كان لدى الزوجين مبلغ إضافي قدره 500 دولار شهرياً يضاف إلى مدفوعاتهما. والسبب يتعلق بزيادة مصرف لبنان فوائد سندات الخزينة، وأن هذا الأمر انطبق على كل القروض المدعومة.

وما زاد الطين بلة، أن القرض كان بالدولار، ومع تزايد ندرة العملة الأميركية، واجهت المصارف مشاكل في السيولة وتم وضع ضوابط غير رسمية على رأس المال، وبالتالي لم يستطع نور وأحمد الحصول إلا على 500 دولار في الأسبوع، ما يجعل الدفعة الشهرية البالغة 2000 دولار، والتي عادة ما يدفعانها نقداً، أكثر صعوبة.

الطفرة العقارية وآثارها
تختلف نسب الفوائد حسب مؤشر مصرف لبنان، أو مؤشر سندات الخزينة أو مؤشر فوائد بيروت. في عام 2014، عندما حصل أحمد ونور على قرضهما، كان معدل الفائدة المرجعية أقل من 6 في المئة. وقفزت الفائدة منذ ذلك الحين إلى أكثر من 10 في المئة بسبب الأزمة. فالقروض المأخوذة على أساس قيمة سندات الخزينة، شملت زيادة على فوائدها، في حين أن تلك التي ترتكز إلى مؤشر فوائد بيروت لا سيما بالدولار فقد لحظت زيادة مرتفعة.

توقع الاستراتيجي في أسواق البورصة جهاد الحكيّم، الوضع الحالي بعد انخفاض أسعار النفط في عام 2014. وأشار إلى أنه بين عاميّ 2007 و 2011، كان لدى لبنان طفرة عقارية، مرجعاً ذلك إلى الخليجيين والمغتربين اللبنانيين وبعض السكان المحليين.

وأوضح حكيّم أنه عندما انخفضت أسعار النفط، انسحب المستثمرون الخليجيون من لبنان، وتباطأ تدفق أموال المغتربين، ونظراً لامتلاك شخصيات سياسية لبنانية رئيسية إما لشركات بناء أو علاقات وثيقة معها، وبما أن القطاع العقاري يشكل 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في لبنان، فإن الاهتمام بالحفاظ على هذا القطاع المربح كان مرتفعاً في الدوائر المؤثرة.

بلغ متوسط قيمة العقارات أكثر من الضعف خلال 10 أعوام، من 48 ألف دولار في عام 2007 إلى 103 آلاف دولار في عام 2017. وقد ساهم ذلك في تقليل الطلب المحلي، حيث بقي ما قيمته 9 مليار دولار من الشقق بحلول عام 2018 فارغاً، وغالبها من الشقق الفاخرة.

العقار مقابل الودائع
يقول الحكيّم للموقع الأميركي بأن الأشخاص الذين لديهم فائض نقدي في متناول اليد يبحثون بقلق حول أماكن أكثر أماناً نسبياً للتوقف عن استثمار أموالهم في المصارف، التي تعاني من مشاكل السيولة. 

ويضيف قائلاً: "المشهد هو كالتالي، لدينا مطورون عقاريون مدينون للمصارف بالمال ولا يمكنهم بيع العقارات، ولدينا المودع الذي لا يستطيع الوصول إلى أمواله. لذلك الجميع سيكون سعيداً. سيكون المودع سعيداً، لأنه سيحصل على العقار، وسيكون المصرف سعيداً، لأنه سيتخلص من قرض متعثر".

وبعبارة أخرى، ستجد الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط التي تتخلف عن سداد القروض العقارية، أن منزلها سيُعرض في مزاد علني من قبل المصرف بسعر مخفّض للمستثمرين الذين يتطلعون إلى تأمين أموالهم. ولم تعلق المصارف اللبنانية التي اتصل بها موقع "مونيتور" على هذه الممارسة أو على عدد القروض العقارية والتخلف عن السداد منذ عام 2017.

ويختم الحكيّم بالقول أن الناس قد يبدأون في بيع أراضيهم بأسعار رخيصة لتأمين الدولار من الخارج. متسائلاً "إذا أخبرت شخصاً ما في حاجة ماسة إلى دفع الرسوم المدرسية لأبنائه أنك ستقدم له نقوداً من خارج لبنان مقابل أرضه، فما مقدار التخفيض الذي تتوقع أن تحصل عليه؟".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها