الأربعاء 2019/10/02

آخر تحديث: 00:28 (بيروت)

تحسّن سعر الليرة: المركزي يُهدىء الإيقاع ولا ينهي الأزمة

الأربعاء 2019/10/02
تحسّن سعر الليرة: المركزي يُهدىء الإيقاع ولا ينهي الأزمة
يشوعي: المصرف المركزي عاجز على توحيد سوق القطع (المدن)
increase حجم الخط decrease
هدأت مفاعيل ارتفاع سعر صرف الدولار إلى حدود 1750 ليرة، والتي كانت قد تأججت مع طلب مصرف لبنان من المصارف التجارية عدم الإفراج عن الدولار، والتقنين بإعطائه للجمهور، وصولاً إلى تقييد حركة السحوبات حتى من الصراف الآلي ATM . احتاج الأمر إلى إصدار المصرف المركزي قراراً يتناول "الاعتمادات والبوالص المستندية المخصصة لاستيراد المشتقات النفطية أو القمح أو الأدوية". فعلى الأثر، التمس السوق خارج المصارف انخفاضاً لسعر الدولار إلى ما بين 1530 و1540، حسب ما يؤكد نقيب الصرافين محمود مراد لـ"المدن"، إذ يشير الى "توقع انخفاض السعر في الأيام المقبلة إلى ما بين 1515 و1510".

حقنة مورفين
أدخل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعض المورفين في جسم الأزمة. فقد ضخّ يوم الثلاثاء كتلة إجراءات بدل ضخّه كتلة نقدية من العملة الخضراء، تُثلج جمر الشح. فالحاكم أصدر قراراً وسيطاً حمل الرقم 13113 أجاز فيه للمصارف التجارية التي تفتح اعتمادات مستندية مخصصة حصراً لاستيراد المشتقات النفطية (بنزين، مازوت، غاز) أو القمح أو الأدوية، والطلب من مصرف لبنان تأمين قيمة هذه الاعتمادات بالدولار الأميركي، على أن تتقيد بفتح حسابات خاصة لدى مصرف لبنان لكل عملية موضوع الاعتمادات المستندية. 

وفتح الاعتمادات المستندية في المصارف، يجب استتباعه بإرسال - الى مصرف لبنان - نسخة عن المستندات المتعلقة بكل اعتماد مستندي، سيما نص بوليصة الاعتماد المستندي واتفاقية التمويل الموقعة بين المصرف المعني وعميله بهذا الشأن.

وقبل فتح الاعتماد، على المصارف الخاصة أن تودع مصرف لبنان على الأقل 15 بالمئة من قيمة كل اعتماد مستندي مطلوب بالدولار، و100 بالمئة من قيمة الاعتماد المستندي المطلوب بالليرة. كما عليها دفع عمولة 0.5 بالمئة عن كل عملية. أما المصارف، فتستفيد من فائدة يحددها مصرف لبنان بحسب جدول الفوائد.

والقرار الذي يفرج عن كتلة نقدية من الدولار مخصصة لاستيراد السلع الثلاث المذكورة، يحمّل المصارف كامل المسؤولية على الاعتمادات المستندية المفتوحة. فالاعتمادات يجب أن تُصرف لاستيراد تلك السلع بهدف استهلاكها محلياً. وفي حال مخالفة تطبيق الشروط، يمكن للمركزي اتخاذ الاجراءات التي يراها مناسبة، لا سيما إلزام المصرف المخالف بإيداع احتياطي خاص لدى مصرف لبنان ولا يُنتج فائدة.

آلية العمل
بموجب القرار يقدّم التجار والمستوردون طلباً إلى مصرف لبنان لفتح اعتمادات مستندية للحصول بموجبها على الدولار المطلوب للاستيراد بسعر الصرف الرسمي المعطى للمصارف. لكن تقديم الطلب لا يحصل مباشرة في مصرف لبنان، بل عن طريق المصارف التجارية. ولأن الدولار موجود لدى المصرف المركزي، تتعهد المصارف التجارية الموافقة على الاعتمادات المستندية، بتحمل مسؤولية الموافقة. فموافقتها تعني ضوءاً أخضر للمركزي بالافراج عن الدولارات لأصحاب الاعتمادات.

قبول المصارف بتحمل مسؤولية فتح الاعتمادات نابعة، وفق مصادر مصرفية، من "علم المصارف بهوية الزبائن طالبي فتح الاعتمادات. فالمستوردون هم في الأحوال الطبيعية مودعون لدى المصارف ولديهم حسابات مصرفية، وهناك ثقة في التعامل بينهم وبين المصارف. وتحذير المركزي طبيعي. وتشير المصادر في حديث لـ"المدن"، إلى أن مصرف لبنان "لا يتعاطى مباشرة مع كل طالب اعتماد، وبالتالي لا يتحمل مسؤولية حدوث خلل كذهاب الدولار إلى نشاطات غير الاستيراد".

ولمزيد من الأمان، توضح المصادر أن فتح الاعتمادات يتضمن وجود "موافقة مسبقة على فتح اعتماد مصرفي في الدولة التي يُراد الاستيراد منها، ليتم تحويل الأموال إلى ذلك الاعتماد لاستعماله في الشراء، وهذا ما يثبت كخطوة أولى وجود طرفين للعملية التجارية. ثانياً، هناك مستندات عديدة يطّلع عليها المصرف قبل الموافقة على فتح الاعتماد، تقلل احتمال وجود تلاعب".

سوقان لسعر الصرف
أزمة شح تأمين الدولار طوت صفحة ثبات سعر الصرف المعمول به منذ نحو ثلاثة عقود. وعلى الأرجح، لغير رجعة. وفي هذه النتيجة "انتصار لقوى السوق على قرار الفرد، فلا يمكن لأي مصرف في العالم أن يثبّت سعر صرف عملته لحوالى 30 عاماً"، وفق ما يقوله الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي الذي يشرح في حديث لـ"المدن"، أن قرار حاكم مصرف لبنان "هو اعتراف بشح الدولار. واعتراف بأن تداعيات العجوزات المتراكمة في ميزان المدفوعات بدأت تظهر على توافر الدولار، وهذا بيّن عورة السياسات النقدية التي لم تسمح ببناء اقتصاد واستثمار حقيقيين. كما أن القرار هو برهان على أن المصرف المركزي يأخذ 60 بالمئة من أموال المصارف، أي أموال المودعين، أي أموال الناس". ويستغرب يشوعي "كيف لمصرف مركزي أن يفتح اعتمادات". ويخلص إلى أن "المصرف المركزي عاجز على توحيد سوق القطع. وسلامة قال أنه يهمه سوق واحدة، ولا علاقة له بباقي الأسواق، ما يؤكد وجود سوقين لسعر الصرف، واحدة يتم عبرها استيراد الأساسيات التي تمثل ثلث المستورَدات، والأخرى لاستيراد باقي السلع وتمثل الثلثين، وسيتم استيراد الثلثين من السوق الحقيقية التي ستشهد العرض والطلب على الدولار". وبرأي يشوعي، فإن اللجوء لتوفير الدولار لاستيراد السلع الثلاث "هو لتفادي الثورة الشعبية".

وفي حين يقلل يشوعي من أهمية انخفاض سعر صرف الدولار نتيجة قرار المركزي، متوقعاً عودة الارتفاع، يربط الخبير الاقتصادي جاد شعبان الحفاظ على الانخفاض "باستتباع قرار المركزي بخطوات إضافية تتيح للمصارف التصرف بسيولة دولارية أكبر، وهذا ما يخفف من تداعيات وجود سوقين لسعر الصرف، أي داخل المصارف وخارجها. إذ أن السيولة ستدفع الناس للتوجه نحو المصارف وليس نحو الصرافين الذين يتبعون سعر السوق".

وفي حديث لـ"المدن"، يرى شعبان أنه "من غير السليم وضع سعرين للصرف، فذلك يساعد على المضاربة والاثراء غير المشروع. وعليه، المطلوب إما تثبيت السعر بالمطلق وإما تحريره بالمطلق". وبرغم ما تقدّم، يُظهر شعبان تفاؤله بحلحلة الأزمة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها