الثلاثاء 2018/09/18

آخر تحديث: 05:51 (بيروت)

زيادة 5000 ليرة على البنزين: أين ستذهب؟

الثلاثاء 2018/09/18
زيادة 5000 ليرة على البنزين: أين ستذهب؟
هل ستقتصر الزيادة على صفيحة البنزين؟ (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
يتردد منذ أيام خبر عن احتمال زيادة ٥ آلاف ليرة لبنانية على صفيحة البنزين كحلٍّ لإعادة العمل بقروض الإسكان، على أن تموّل هذه الزيادة تلك القروض، وبالطبع سيتمّ ذلك عبر المصارف، التي كانت سبباً أساسياً في تسييل مبالغ مالية تقدر بمئات ملايين الدولارات لغير مستحقيها، أي بدل أن تذهب تلك القروض إلى مواطنين عاديين هم أحوج ما يكون لاقتناء منزل العمر، ذهبت إلى كبار تجار المقاولات أو للمحظيين من الفئات المجتمعية العليا الذين يريدون اقتناء منازل جديدة في مناطق مقصورة على كبار الأثرياء وحرموا بذلك الفئات الدنيا من مبتغاها.

وإذا ما فُرض المبلغ المذكور على صفيحة البنزين، يُتوقّع جمع أكثر من ٢٣٧ مليون دولار من تلك الزيادة، بناء على فرضية حسابية مفادها أنّ وسائل النقل المسجلة رسمياً في لبنان يبلغ ١،٣٦٨،٠٠٠ سيارة بناء على احصاءات عام ٢٠١٦ (لا يوجد احصاءات دقيقة تصدر بشكل دوري عن مصلحة تسجيل السيارات والآليات في وزارة الداخلية). فإذا قدرنا أن المعدل الوسطي لاستهلاك وسيلة النقل الواحدة هو ٥٢ صفيحة بنزين سنوياً، سيكون لدينا الرقم الذي تقدّم ذكره، ويفترض أن تذهب تلك المبالغ إلى المصارف لتسييلها عبر قروض سكنية للمحتاجين من اللبنانيين.

وإذا سلّمنا جدلاً بأنّ المبلغ المذكور سيفرض على المواطنين- ويبدو أنّ التبشير به قد بدأ- فإنّه يطرح عدداً من الاشكاليات، وهي:

الاشكالية الأولى تكمن في السؤال التالي: كيف يمكن الاطمئنان إلى المصارف بأن تصرف هذه المبالغ على مستحقي القروض السكنية، وبالتحديد ذوي الدخل المحدود، حتى ولو وُضعت معايير وضوابط جديدة أو طُوّر ما هو موجود (يجب أن لا ننسى أننا في لبنان، وتسييل القروض السكنية التي كانت لدى المصارف مازالت ماثلة للعيان)؟

الإشكالية الثانية، "إنّ نسبة العاطلين من العمل بين صفوف الشباب تناهز ٦٠ في المئة، فمن أين لهؤلاء أن يتقدموا لأخذ القروض مهما بلغت من التيسير؟ ألا يستدعي هذا حلاً لهذه المعضلة المتفاقمة يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة وتأخذ هؤلاء نحو مزالق لا تُحمد عقباها؟

والإشكالية الثالثة وهي أساسية، إذا ما زيد على صفيحة البنزين المبلغ المتداول (أي ٥ آلاف ليرة لبنانية)، هل سيقتصر ذلك على صفيحة البنزين ويتوقف عندها، أم أنّه سيشمل مختلف نواحي حياة اللبنانيين، من سلع غذائية، ومياه الصهاريج، وكهرباء المولدات، وأي سلعة تستهلك سواء أكانت ضرورية أو كمالية؟ كيف إذا ما اقترنت تلك الزيادة برفع نسبة القيمة المضافة (وفق ما يطرح مصرف لبنان ومعه جمعية المصارف)؟

إنّ ما يتردد صداه لحل مشكلة الإسكان هو حلّ لمشكلة، ولكنه يُنبئ بمشاكل جديدة تسقط على رؤوس اللبنانيين وكأنّ قدرهم التنقّل من معاناة إلى أخرى وتجميع أكبر عدد منها ومن يسوسهم ينام على حرير!
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب