السبت 2018/09/15

آخر تحديث: 03:48 (بيروت)

هل تعطل المحاصصة الطائفية حركة الملاحة الجوية؟

السبت 2018/09/15
هل تعطل المحاصصة الطائفية حركة الملاحة الجوية؟
المراقبون الجويون فئة رابعة لا تخضع للتوزيع الطائفي (Getty)
increase حجم الخط decrease
عندما عمّت الفوضى في المطار منذ أكثر من أسبوع اتجهت الأنظار إلى شركة سيتا المشغلة لنظام تسجيل حقائب الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي كمسؤول أول عن الأزمة، وانشغل المعنيون بتقاذف المسؤوليات من دون أن يتطرق أي منهم إلى حجم الخلل في الكوادر البشرية التي تدير عمل المطار  وتنظمه وتراقبه والتي يؤثر النقص فيها مباشرة على آلية عمل المطار وسلامة الطيران والركاب.

فما حصل في المطار ليس سوى صورة مصغرة عما يمكن أن يحصل في العام المقبل، ما لم يتدارك المعنيون الأزمة ويعملون على سد النقص في الكادر البشري في المطار قبل العمل على توسعته أو اجتراح أي حلول أخرى. هذه الصورة السوداوية لم يتوقعها رئيس نقابة المراقبين الجويين علي حمود فحسب، بل أكد حصولها العام المقبل في حال استمرار الوضع على ما هو عليه. فالنقص البشري في إدارة المطار وبين المراقبين الجويين، وفق حديث حمود لـ"المدن"، لم يعد مقبولاً.

فكم يبلغ حجم النقص البشري بين المراقبين الجويين؟ وما هي مخاطر هذا النقص؟ وهل من عوائق أمام سد النقص وتوظيف مراقبين جدد؟

يعمل حالياً في المطار 38 مراقباً جوياً، فيما العدد المنصوص عليه بالمرسوم التنظيمي للطيران المدني هو 105 مراقبين جويين، أي أن النقص يبلغ نحو 70%. وإذا أخذنا بالاعتبار حداثة الاجهزة المساعدة في مهمات المراقب الجوي، يمكن أن يكون العدد الكافي للمراقبين الجويين بحدود 70 شخصاً. وبذلك يكون النقص نحو 49 في المئة.

وبعد نحو عام على صدور نتائج المباراة التي نظمها مجلس الخدمة المدنية لملء بعض الوظائف الشاغرة في المديرية العامة للطيران المدني، ما زال النقص على حاله دون أي تغيير. والسبب هو أن 81 شخصاً من أصل الناجحين الـ88 في مباراة مراقب جوي ينتمون إلى طوائف إسلامية، فيما 7 منهم فقط من الطوائف المسيحية.

مرّ مرسوم تعيين المراقبين الناجحين بمراحل عدة، بدءاً من تأخير دام 4 أشهر لتوقيعه في وزارة الأشغال، مروراً بدراسته في مجلس الخدمة المدنية ثم توقيعه من جانب وزير المال علي حسن خليل، وصولاً إلى توقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، قبل أن يصل إلى قصر بعبدا، حيث يستوجب توقيعه من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون تمهيداً لنشره ونفاذه.

إلا أن المرسوم علق في القصر الجمهوري لأسباب "مجهولة". وتم إبلاغ لجنة المراقبين الجويين بأن المرسوم يأخذ مجراه الإداري. ثم قيل إن المرسوم يستلزم دراسة في الدائرة القانونية في القصر الجمهوري. والحقيقة، وفق مصدر متابع للقضية، هي "أن مرسوم التعيين يشوبه خلل طائفي في نظر فريق رئيس الجمهورية. ولا بد من التعويض عنه بتوظيفات أخرى تراعي الخلل الطائفي الحاصل بحق المسيحيين".

ولم يعترف أي من المعنيين بشكل واضح بأن عدم تعيين المراقبين الناجحين حتى اليوم يعود لسبب عدم مراعاة المناصفة الطائفية،. علماً أن وظيفة المراقب الجوي هي من الفئة الرابعة، أي أنها وفق الدستور لا تخضع للتوزيع الطائفي، بل للكفاءة حصراً عبر امتحانات مجلس الخدمة المدنية.

ووفق مصادر "المدن" فإن المتقدمين لامتحانات المراقب الجوي في مجلس الخدمة المدنية من الطوائف المسيحية نجحوا وعددهم 7 فقط، بمعنى أنه من غير الممكن مراعاة التوازن الطائفي في وظائف لها حساسية على مستوى سلامة الطيران كالمراقب الجوي، ولا يمكن توظيف مراقبين غير المتقدمين للامتحانات والناجحين منهم.

ولا تبدأ مهنة المراقب الجوي بنجاحه وتعيينه، إنما تستلزم تدريبه على مدى 3 سنوات. وهو ما لم يحصل مع 19 مراقباً من أصل الـ38 مراقباً العاملبين حالياً في المطار. فهؤلاء تم تعيينهم منذ 8 سنوات ولم يتم تدريبهم حتى اليوم لعدم توافر مراقبين ينوبون عنهم في أعمالهم خلال فترة تدريبهم.

وإذ وصف حمود ما يحصل في المطار على مستوى المراقبين الجويين بـ"الاهمال الكبير" طالب بإقرار المرسومين المتعلقين بالمراقبين الجويين الأول متعلّق بترفيع المراقبين الناجحين من الفئة الرابعة إلى الثالثة، والمرسوم الثاني متعلّق بتوظيف المراقبين الجدد.

ولا تقتصر مخاطر النقص في عدد المراقبين الجويين على قسم واحد إنما على عدد كبير من المهمات والأقسام في المطار، وتتمثل أولى المخاطر بأن المراقب الجوي يعمل حالياً ساعات طويلة لسد النقص. وهو أمر غير آمن ولا شك أنه يؤدي، وفق حمود، على المدى الطويل إلى انخفاض بمعدل سلامة الطيران والركاب.

وهناك العديد من المهمات والاقسام الادارية المفروضة على الطيران المدني في لبنان من جانب المنظمة الدولية للطيران المدني، لاسيما المرتبطة بالجودة والسلامة، لا يمكن تلبيتها بسبب النقص الحاصل بالكادر البشري.

أما لجهة شروط السلامة المفروضة من جانب المنظمة الدولية للطيران المدني، فالمطار في بيروت يراعيها حتى اللحظة، ولكن في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، فإن الخطر واقع لا محال، "وحينها لا يمكن الإنقاذ بسهولة"، إذ من الممكن أن يؤدي ذلك إلى تجنب شركات الطيران الاجنبية الهبوط في لبنان، كما يمكن وضع المطار على اللائحة السوداء للطيران المدني، لاسيما أن المنظمة تعمد إلى زيارة لبنان بشكل سنوي استثنائياً لتراقب الاصلاحات المطلوبة في المطار دون أن تلمس أي تغيير.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها