السبت 2018/09/01

آخر تحديث: 06:05 (بيروت)

التمديد لكهرباء زحلة يحتاج إلى "عجيبة".. ولكن

السبت 2018/09/01
التمديد لكهرباء زحلة يحتاج إلى "عجيبة".. ولكن
صلاحية امتياز كهرباء زحلة لم تعد قابلة للتجديد (لوسي بارسخيان)
increase حجم الخط decrease

مع نهاية العام 2018 ينتهي امتياز شركة كهرباء زحلة. هو امتياز أعطي لسبعين سنة، عندما وجدت المدينة في خيرات نهر البردوني الذي يعبرها، مورداً طبيعياً يمكن استغلاله في توليد الكهرباء. فحولت طموحها حقيقة، ترجم في العام 1920 بولادة شركة "انونيم كهرباء زحلة" برأسمال 69 ألف ليرة لبنانية، قسمت على 6900 سهم، كان من بين مغطيها عائلة نكد، التي صار حفيدها أسعد نكد وجه هذه الشركة منذ تسلمه مهماتها قبل نحو 30 سنة، خصوصاً بعدما جرى التمديد لامتياز شركته في أوائل التسعينيات. فأخذت "كهرباء زحلة" تتميز بنوعية خدمة "استثنائية" وفرتها للمشتركين، وصولاً إلى تحقيق الوعد بتأمين الكهرباء 24 ساعة متواصلة قبل نحو 4 سنوات.

نجحت كهرباء زحلة في عهد أسعد نكد بخلق صورة إعلامية مقرونة بواقع مقبول، بحيث صعّب على الزحليين فك الارتباط الذي نشأ معها، خصوصاً أن البديل المطروح حالياً هو الدولة اللبنانية، بما يحيط أداءها من شكوك وعدم ثقة بقدرتها على تأمين خدمة بمواصفات القدّمة حالياً للزحليين. عليه، صار صعباً تخلي الزحليين عن هذا الامتياز، بل تجدهم مستعدين للوقوف في وجه ما يعتبرونه جزءاً من خصوصية مدينة، لا تزال تفخر بأنها من أول المدن التي عرفت النور في لبنان.

إلا أن للامتياز صلاحية لم تعد قابلة للتجديد، وفقاً للمادة 89 من الدستور، باعتراف نواب منطقة زحلة، وحتى لو كان ممكناً التمديد له لفترة محدودة، فإن ذلك ليس جائزاً، كما يؤكد النائب سليم عون، بالشروط التي أمنت للشركة استمراريتها منذ حصر الانتاج في مؤسسة كهرباء لبنان. إذ بيعت الكهرباء للشركة بسعر مدعوم لا يتجاوز 50 ليرة للكيلواط، فيما كلفة الإنتاج تصل أحياناً إلى 250 ليرة للكيلواط. وبين تأمين المصلحة الخاصة وإنقاذ المؤسسة من العجز، لا بد أن تختار الدولة الثانية، خصوصاً أنها قادرة على توفير الطاقة للمستهلك بكلفة أقل. عليه، يرى عون أن "كل كلام عن تمديد أو تجديد للامتياز ينطلق إما من عدم اطلاع وإما من محاولة كسب شعبية".

اكتشف المعنيون أخيراً أن الشركة من خلال بيعها الكهرباء للمستهلكين بموجب "شطور" تحقق أرباحاً خيالية تصل إلى مليارات الليرات شهرياً، على حساب عجز مؤسسة كهرباء لبنان. ووجدوا في اقتراب نهاية الامتياز فرصة لاستعادة الدولة أرباحها في نطاق كهربائي تتجاوز فيه الجباية 99%. بالتالي، فإن السعي في المرحلة المقبلة هو لضم زحلة إلى دائرة "التسعيرة" الموحدة المحددة من المؤسسة للكيلوواط، خصوصاً أن المواطن لم يستفد من التسعيرة المدعومة سابقاً، كما يؤكد المعنيون، إنما استفادت الشركات الخاصة.

إلا أن هذه الحجج لا تقنع المستفيدين من نعمة الكهرباء في زحلة. فبصرف النظر عن الأرباح الهائلة التي قيل إن الشركة تحققها شهرياً، ما يهمهم من الموضوع هو توفر الكهرباء، بكلفة أقل مما كانوا يتكبدونها من خلال الاشتراك بمولدات الأحياء. واقع يجعل كل طرح لموضوع سحب الامتياز يواجه باعتراضات شعبية، ترجمت في الأسابيع الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى طرح موضوع التحركات الشعبية، إذا أصرت وزارة الطاقة على قرارها المعلن، من دون أن يترك كلام الوزير سيزار أبي خليل عن تأمين الكهرباء 24 ساعة متواصلة لزحلة أي أثر ايجابي في هذا المجال، خصوصاً أنه لم يقرن وعوده بأي شرح لآلية تنفيذ هذا الوعد، والخطة التي تملكها وزارته لذلك.

إلا أن للوزير أبي خليل خطة، كما يؤكد عون لـ"المدن"، سيطلع نواب المنطقة قبل الرأي العام عليها لمناقشتها، وابداء الملاحظات في شأنها. ويؤكد "أننا إذا لمسنا أي خلل يمكن أن يحرم المدينة من التغذية المتواصلة، سنعترض، ولن نقبل بأقل من 24 ساعة تغذية"، داعياً إلى اعطاء الدولة فرصة لاستعادة الثقة، بعيداً من الدعايات المدفوعة التي أوهمت الناس أنه باسترداد الدولة حقوقها ستغرق المدينة في الظلام.

لا يسقط عون من الخطط التي يتم تداولها امكانية زيادة كمية الطاقة التي يجري استجرارها من سوريا، رافضاً ربط تأمين الكهرباء بشكل متواصل في زحلة بتوفيرها في كل لبنان، لأن ذلك لا يتم بكبسة زر، وعلى اللبنانيين أن يتفهموا أنه إذا تحقق هذا الأمر في زحلة، فذلك لأنها وصلت إلى واقع لا يمكن معه العودة إلى الوراء. لكن، مع الاشارة إلى أن تخفيف التقنين في زحلة سيسمح بتخفيف عجز المؤسسة، التي يمكنها تدريجاً أن تتمدد بخدماتها المتواصلة في كل المناطق، وصولاً إلى تحقيق الخطة التي وضعت منذ العام 2010 لتأمين الكهرباء غير المقننة للبنانيين عموماً.

لا يعرف عون أي تفاصيل في شأن الاقتراحات التي يمكن أن تطرح، إنما يشير إلى احتمالات مفتوحة على أكثر من آلية، ومن ضمنها ما طرحه النائب ميشال ضاهر عن استرداد المؤسسة طاقتها من الشركة، على أن يسمح لشركة كهرباء زحلة باستخدام الشبكة نفسها في تأمين الكهرباء من المولدات الخاصة خلال ساعات التقنين، انما بعدادات مختلفة، وبتسعيرة تحددها وزارة الاقتصاد. وإذا كان المواطنون متمسكين بسرعة الصيانة، فيمكن للدولة أن تحول للشركة رسم الاشتراك والتأهيل، وعندها نكون حافظنا على آلية تأمين الكهرباء المتواصلة، وعلى الشركة وموظفيها، إنما بفاتورتين وعدادين يسمحان للمواطنين بالتحكم بالفواتير الواردة إلى منازلهم.

يقول ضاهر إن طرحه هذا جاء بعدما لمس تشكيكاً من المواطنين بقدرة الدولة على تأمين الكهرباء 24 ساعة متواصلة، وكي لا يقال إن له مصالح شخصية بإنشاء معامل انتاج خاصة. ويشير إلى عدم امكانية التجديد أو التمديد لشركة كهرباء زحلة ولا حتى بعجيبة.

إلا أن لنائب القوات اللبنانية جورج عقيص رأياً آخر، بعيداً من الضجيج الإعلامي الذي يضع نواب المدينة في حلبة صراع مكهرب. فيقول: صحيح أن منح الامتياز مجدداً يحتاج إلى مجلس نواب بموجب المادة 89 من الدستور، إلا أن التمديد جائز بالاستناد إلى عدد من المعطيات. والمعطى الأول قانوني، فهناك مواد بموضوع انشاء "مصلحة" كهرباء لبنان، عندما كانت المؤسسة مصلحة، تجيز لها أن تؤجر الاستثمارات لمدة أقصاها خمس سنوات. وهناك أيضاً أسباب واقعية، وهي الظروف الاستثنائية واستمرارية المرفق العام التي تجيز لمجلس الوزراء أن يمدد استثنائياً ولفترة محددة هذا الامتياز إلى حين تأمين حل شامل للكهرباء بكل لبنان. علماً أن مثل هذا التمديد حصل في السابق.

يؤكد عقيص: "لا ندافع عن تعرفة أسعد نكد ولا عن امتيازه، إنما عن الوضع الذي قبلت وزارة الطاقة أن يخلقه نكد خلال 4 سنوات. وهذا وضع أراحنا في ما يخص تأمين الكهرباء ونوعية الخدمة". ويشدد على أن هناك مهلاً ضاغطة، والناس قلقة. بالتالي، إذا كان لدى المؤسسة النية باسترداد الامتياز، ولدى وزارة الطاقة هذا التأكيد والثقة العالية بذلك، فإن الخطة يجب أن تكون جاهزة. أما التأخر في وضع الخطة، فكفيل بزيادة منسوب الشك، وسيجعلنا نقلق بشكل إضافي ونضغط.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها