السبت 2018/08/18

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

قسم القلب في مستشفى بيروت... إقفال أم إعادة هيكلة؟

السبت 2018/08/18
قسم القلب في مستشفى بيروت... إقفال أم إعادة هيكلة؟
التجاذبات السياسية تؤثر سلباً في عمل المستشفى الحكومي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
تأرجح إقفال قسم جراحة القلب في مستشفى بيروت الحكومي أبوابه أمام المرضى، بين الإقفال النهائي والإقفال المؤقت بهدف إعادة هيكلته. وبين الاحتمالين، يقبع تقصير الدولة وغياب سياساتها الممنهجة الهادفة إلى تطوير المستشفيات الحكومية.

قرار الإقفال وفق مصادر في المستشفى، بدأ في 12 آب، وترافق مع "نقل الموظفين الى أقسام أخرى، بطريقة لا تراعي نوع عمل كل موظف. فعلى سبيل المثال، تم نقل الموظف المسؤول عن الآلة المخصصة لاستمرار ضخ الدم في جسم المريض أثناء الجراحة، إلى قسم الطوارئ. ومن يعترض، ليس أمامه سوى تقديم استقالته".

تعيد المصادر سبب الإقفال إلى أن "إدارة المستشفى تنظر إلى قسم جراحة القلب وبعض الأقسام الأخرى بعين الربح المادي. فهذا القسم لا يدر أرباحاً كافية إلى صندوق المستشفى مقارنة مع ما يدره في المستشفيات الخاصة. لذلك، فهو برأي الإدارة قسم غير مجدٍ". وتشير المصادر إلى وجود "توجه لإقفال أقسام أخرى، منها قسما تمييل القلب والعلاج بالأشعة. ويأتي التوجه بعد عملية دمج 3 أقسام للعلاج الكيميائي، بحيث أن قسم العلاج النهاري اليومي، وقسم العلاج المخصص للحالات التي تحتاج إلى أكثر من يوم، وقسم علاج الطفال، أصبحت قسماً واحداً يستقبل نحو 26 مريضاً، في حين أن كل قسم منها كان قبل الدمج يستقبل بين 20 و26 مريضاً".

إقفال الأقسام ذات الربحية القليلة، سيؤدي إلى "خفض قيمة عجز المستشفى حسابياً، لأن الأقسام غير المنتجة لن يصرف فيها بعد إقفالها أي مبالغ. وهذا ما يُظهر أن إدارة المستشفى التي يترأسها فراس الأبيض، قد حسّنت مالية المستشفى مقارنة بما كانت عليه في فترة الإدارة السابقة". وهذا التوجه، برأي المصادر "يتنافى مع هدف إنشاء مستشفى يقدم الخدمات للمواطنين، علماً أن 90% من مرضى المستشفى هم تحت خط الفقر. فالمستشفى الحكومي ينبغي ألا يُنظر إليه من زاوية الربحية، لكونه ليس مؤسسة خاصة تبغى الربح بل هو مؤسسة عامة تقدم الخدمات للمواطنين".

ينفي الأبيض خبر إقفال القسم نهائياً. ويوضح في حديث إلى "المدن" أن "الإدارة تقوم بإعادة هيكلة للقسم كإجراء يسهم في تطبيق قرار وزارة الصحة القاضي بتخفيض عدد ساعات العمل للموظفين في المستشفى". والإجراء وفق الأبيض، "جاء بعد وضع عدد من الخيارات لتخفيض ساعات العمل، منها زيادة التوظيف، أو دفع بدل عمل ساعات إضافية، أو دمج بعض الأقسام ذات الانتاجية القليلة لتصبح لدينا إنتاجية أعلى. والاحتمالان الأولان لا يمكن تطبيقهما بسبب عدم وجود تغطية مالية كافية. فلا يبقى أمامنا إلا الخيار الثالث لنحافظ على انتظام عمل المستشفى وعلى فرص العمل للموظفين". من هنا، يبرر الأبيض نقل الموظفين إلى أقسام أخرى. ويؤكد "إعادة تشغيل قسم جراحة القلب بشكل طبيعي مطلع أيلول المقبل".

رسمياً، لم يُتخذ قرار إقفال القسم من قبل مجلس إدارة المستشفى، وهو ما يؤكده مفوض الحكومة في مجلس الإدارة وليد عمّار، في حديث إلى "المدن". ويعتبر أن "ما يجري في المستشفى لا يتعدى كونه استعانة بموارد قسم جراحة القلب لمساعدة أقسام أخرى، تماشياً مع الظروف الصعبة التي يمر بها المستشفى". ويشير عمّار إلى أن أسباب تراجع ربحية المستشفى تتعلق "بتوقف الموظفين عن إجراء بعض العمليات المتطورة نتيجة إضراباتهم المتكررة".

موقف عمّار مبني على "ما قاله المدير العام". وفي جميع الأحوال "سيتم التدقيق في وضع القسم، مع أنه لا يوجد سبب للتشكيك في معلومات المدير". وإلى حين البت بمصير القسم، "يستقبل المستشفى مرضى القلب بشكل طبيعي".

واقع مستشفى بيروت الحكومي لا يبشّر بالخير، فبين التجاذبات السياسية في مسألة التعيينات، ونقص الخدمات، لا يجد المواطنون أمامهم سوى التحسّر على مستشفى يتآكل يوماً بعد يوم، وهو بدأ بتأجير أبنيته وأقسامه نتيجة النقص المادي. فبات المبنى أشبه بمجمّع تجاري تتشاركه الدولة مع جمعيات ومنظّمات وجهات ضامنة. ووفق المصادر، فإن "مؤسسة مخزومي تستأجر طابقين، ومنظمة أطباء بلا حدود تستأجر طابقين، وتستفيد من مدخل خاص، والجيش اللبناني يشغل طابقاً وغرف عمليات، وبعض شركات التأمين الخاصة تشغل المباني التي تسمى الفيلاّت الأربع، وهي مبانٍ تابعة للمستشفى، وهيئة الأمم المتحدة تشغل طابقاً، وموقف السيارات في المدخل الرئيسي مؤجّر لشركة خاصة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر تشغل جزءاً من قسم الطوارئ وطابقاً يستعمله كمكتب دخول لمرضى يتلقون العلاج على حسابه. علماً أن الصليب الأحمر تقدم مساعدات للمستشفى، تتعلق ببعض المواد والمعدات الطبية مثل آلة تصوير سكانر، وآلة للتصوير الصوتي، بالإضافة إلى إجراء صيانة لبعض المعدات".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها