السبت 2018/08/18

آخر تحديث: 18:31 (بيروت)

بعد تزوير أدوية البشر... النحل ضحية الفساد

السبت 2018/08/18
بعد تزوير أدوية البشر... النحل ضحية الفساد
الأدوية في الأصل غير مخصصة للبيع
increase حجم الخط decrease
يبيع بعض تجار الأدوية الزراعية كمية من دواء "أبيفار"، منتهية الصلاحية، فضلاً عن أن تلك الكمية مسروقة من وزارة الزراعة، وهي في الأصل غير مخصصة للبيع. الأدوية التي تكافح مرض الفروا الذي يصيب النحل، كانت وزارة الزراعة قد اشترتها، للمرة الأخيرة، في العام 2016، وهي صالحة لغاية شهر كانون الثاني 2018، لكن مهرّبيها قاموا بتغيير تاريخ الصلاحية لينتهي في شهر آذار 2020، والصقوا عليها أسماء شركات لاخفاء عبارة "غير مخصص للبيع" الموجودة على كل علبة دواء.

الفضيحة كشفها النائب وائل أبو فاعور، يوم السبت 18 آب، بالاستناد إلى بلاغات من بعض مربي النحل، خصوصاً في منطقة المتن، لافتاً إلى أن هذه الأدوية تباع "بالحد الأدنى، في منطقة راشيا والبقاع الغربي والمتن الأعلى. وهناك شركة تبيعها في المنصورية في المتن الشمالي". وأشار إلى أن "بعض المتورطين في هذا الأمر هم من المحسوبين على بعض التيارات السياسية الحاكمة والمتحكمة في هذه الايام". وكشف أبو فاعور أنه تواصل مع وزير الزراعة غازي زعيتر لمتابعة الموضوع. وبالتوازي، دعا النيابة العامة إلى التحرك واعتبار كلامه إخباراً.

تغيير صلاحية الدواء لا يعني بالضرورة أن استعماله سيؤذي النحل، لكنه لن يوقف المرض. بالتالي، فإن الآثار السلبية للمرض ستفتك بالنحل. أما البديل فهو "غير موجود". وفي رأي أبو فاعور "من مسؤولية الدولة أن تجده".

"هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، فهي تتكرر في أكثر من وقت وأكثر من وزارة، خصوصاً في وزارتي الزراعة والصحة، لأن الأدوية تمر عبرهما، ووفق الاختصاص". وتقول مصادر في وزارة الزراعة إن "التهريب مردّه الى انتشار الفساد والمحسوبيات والحماية السياسية. ومع أن وزارة الزراعة ستقوم بما يتوجب عليها لمعرفة تفاصيل ما كشفه أبو فاعور، إلا أن تغلغل الفساد في إدارات الدولة قد يوصلنا إلى طريق مسدود".

وتستشهد المصادر بعملية مكافحة الفساد التي أطلقها أبو فاعور نفسه، فهي وإن كانت قد أقفلت كثيراً من أبواب الفساد في قطاع الدواء والمستشفيات والغذاء، "إلاّ أنها عجزت عن وقف الفساد كلياً، وخصوصاً على صعيد كبار الفاسدين من تجار الأدوية وأصحاب المستشفيات ومستوردي المواد الغذائية واللحوم وما إلى ذلك". تضيف المصادر أن أبو فاعور حين كان وزيراً للصحة "اكتشف مرّات عدة أن في وزارته بؤراً للفساد محمية سياسياً. وهو واجه كثيراً من الضغوط المعلنة وغير المعلنة خلال حملته، والتي تؤكد أن مسألة الفساد في مجال الأدوية والخدمات الزراعية والصحية ليست ابنة اليوم، وغير مرتبطة بولاية وزير معين، بل هي نتاج تراكم إهمال أحزاب السلطة كلها تطبيق أنظمة الرقابة. ما سمح لبعض الموظفين والمديرين بصنع آلية خاصة تحكم مؤسسات الدولة بمعزل عن الوزراء الذين يتبدّلون مع تغيير الحكومات".

من هنا، ترى المصادر أن "التفتيش المركزي والنيابة العامة المالية عليهما التحرك سريعاً لمراقبة إدارات الدولة بشكل فاعل. وعلى الوزراء المتعاقبين عدم تغطية أي موظف بحجة الانتماء السياسي، لأن تغطية البعض، تستدعي تغطية أحزاب أخرى على موظفين آخرين. وبذلك تبقى إدارات الدولة ضمن دوامة حماية الفاسدين بذرائع سياسية".

في المحصّلة، ستتابع وزارة الزراعة الملف بالتعاون مع أبو فاعور ومن لديه معلومات مفيدة في هذا المجال، "ولا يمكن استباق الأمور والتعليق بشكل مباشر بشأن الحادثة عينها، لأن الخيوط لم تتكشّف كلّها بوضوح". لكن التساؤل الأبرز في الوقت الحالي، يبقى بالنسبة إلى المصادر، "كيفية تأمين أدوية تعالج النحل بطريقة صحيحة، وتعوّض هدر الوقت ونفوق أعداد كبيرة من النحل نتيجة عدم تلقي العلاج اللازم في الوقت المناسب". أما علامات الاستفهام بعيدة المدى، فهي "مدى استمرار حماية هذا النوع من الفساد الذي يفتك بصحة البشر والحيوانات والمزروعات".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها