الجمعة 2018/08/17

آخر تحديث: 00:28 (بيروت)

الليرة التركية "تترنّح"

الليرة التركية "تترنّح"
الليرة التركية تعاود الهبوط بعد "التهديد الجديد"
increase حجم الخط decrease
تتعرّض الليرة التركية لضغوط سياسية واقتصادية تكاد تدفعها إلى الانهيار. فقد سجّلت هبوطاً "تاريخياً" أمام الدولار الأميركي خلال أيام، ما رفع مستوى المخاطر على قدرتها على التعافي مجدداً.

وسجلت العملة التركية الأداء الأسوأ بين العملات العالمية خلال العام 2018، بعد تراجعها أكثر من 40 في المئة منذ بداية العام. وعلى الرغم من نجاحها في الساعات الأخيرة باستعادة عافيتها جزئياً إذا صح التعبير إلا أن شبح التضخم ومخاوف الحرب التجارية والتشنجات السياسية وقفت حجر عثرة أمام نهوضها فعلياً، فعاودت الهبوط مجدداً.

وتحول التراجع في قيمة الليرة التركية إلى تدهور خلال الاسبوع الفائت، عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إدارته ستضاعف الرسم على الألمنيوم والصلب التركيين، إذ وصلت العملة التركية إلى 7.24 مقابل الدولار. وكانت الليرة فقدت خمس قيمتها خلال يومين. ما زاد الضغوط على اقتصاد يعاني من تضخم نسبته 16 في المئة.

وبعد اتخاذ السلطات التركية خطوات للمساعدة وضبط الاسواق من خلال تأمين سيولة مصرفية والحد من معاملات المبادلة، تعافت العملة ووصلت إلى نحو 5.7 مقابل الدولار، لكنها سرعان ما عاودت الانخفاض بعد تصريحات لوزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين توعد فيها بفرض مزيد من العقوبات على أنقرة، إذا رفضت إطلاق سراح القس برونسون.

ورفع الوعيد الأميركي مستوى أزمة التوتر بين البلدين، التي قرر على إثرها الرئيس ترامب مضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم التركية، في حين ردت تركيا بفرض تعريفات جمركية بنحو 500 مليون دولار على الواردات الأميركية، وقالت إنها ستقاطع البضائع الإلكترونية الأميركية.

ويعيد محللون أسباب انزلاق الليرة التركية إلى أسباب داخلية وخارجية، ترتبط أولاً بالاقتصاد التركي نفسه، وثانياً بأسباب سياسية.

في قراءة للأسباب الاقتصادية فإن الاقتصاد التركي يواجه تحديات حقيقية، ويعاني عجزاً في الحساب الجاري، مع مستويات عالية من الديون الخارجية في القطاع الخاص، بالإضافة إلى تمويل أجنبي مرتفع جداً للقطاع المصرفي. ويضاف ذلك إلى ارتفاع التضخم بسرعة كبيرة إلى نحو 16 في المئة خلال شهر تموز الفائت، يقابله انخفاض في مستويات الفائدة، وارتفاع في الدين الحكومي من العملات الأجنبية. وهناك تخوّف كبير من انهيار قطاع البناء بعد سنواتٍ من النمو. ما يضع المصارف أمام ديونٍ متزايدة.

أما في الأسباب السياسية فالأزمة المالية ترتبط بالأزمة بين واشنطن وأنقرة، منذ أن طالبت الولايات المتحدة تركيا بالإفراج عن القس الأميركي أندرو برانسون المحتجز لديها، تبع ذلك فرض واشنطن عقوباتٍ على وزيرين تركيين، وأزمة دبلوماسية بين البلدين الحليفين في "حلف شمالي الأطلس" ثم، وبتغريدة واحدة من ترامب، أعلن فيها رفع الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين، حصل الانزلاق الكبير وتفجّرت الأزمة الإقتصادية في تركيا.

ورغم سوداوية المشهد طمأن وزير المال التركي براءت ألبيرق مستثمرين عالميين إلى أن تركيا ستخرج من أزمة عملتها أكثر قوة، مصراً على أن بنوك البلاد قوية وأنها ستتجاوز الخلاف مع الولايات المتحدة.

ومع مواجهته أخطر أزمة للعملة في تركيا منذ 2001 في أول شهر له في منصبه، فإن ألبيرق أمامه مهمة شاقة في إقناع المستثمرين بأن الاقتصاد ليس رهينة التدخلات السياسية، وقد أكد أن تركيا لن تتردد في تقديم الدعم للقطاع المصرفي وأن البنوك قادرة على التعامل مع التقلبات.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها