الخميس 2018/08/16

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

تراجع العملة التركية: السائح هو المستفيد

الخميس 2018/08/16
تراجع العملة التركية: السائح هو المستفيد
التجار اللبنانيون إشتروا بضائعهم وفق الأسعار القديمة (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
فاق انخفاض سعر العملة التركية 7 ليرات مقابل الدولار. ما أحدث هزّة لا يمكن تجاوز نتائجها على المستوى الاقتصادي التركي. لكن الانخفاض السلبي من وجهة نظر الأتراك، يمكن أن يتحول إلى نظرة إيجابية بالنسبة إلى مستوردي البضائع التركية والمستثمرين والسياح، لأن القدرة الشرائية لأموالهم باتت أكبر بفعل انخفاض قيمة العملة التركية. ويشكّل لبنان ساحة تبادل مع تركيا، بغض النظر عن اختلال الميزان التجاري لمصلحة تركيا. ففي النصف الأول من العام 2018، وصلت قيمة الاستيراد اللبناني من تركيا إلى 338 مليون دولار، في حين صدّر لبنان ما قيمته 76 مليون دولار. وفي العام 2017، استورد لبنان بقيمة 777 مليون دولار، وصدّر بقيمة 120 مليون دولار. ومع انخفاض قيمة العملة التركية، هل تنخفض أسعار السلع المستوردة من تركيا إلى الأسواق اللبنانية؟

تتأرجح التوقّعات بين مؤيد للانخفاض ومعارض له. فمن الناحية النظرية، انخفاض قيمة العملة يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع. وهذا ما يدفع رئيس مجلس الأعمال اللبناني التركي وجيه البزري، إلى تأكيد "انخفاض أسعار السلع التركية في لبنان". وفي حديث إلى "المدن"، يشير البزري إلى عدم قدرة التجار على رفض خفض أسعارهم "لأن السوق عادةً ما تنظّم دورتها بنفسها، وطالما أن الأسعار انخفضت في تركيا، ستنخفض في لبنان بفعل المنافسة".

إذا كان البزري قد انطلق من معادلة حسابية نظرية، إلا أن الواقع يسجّل رأياً مغايراً. فالتجار في لبنان يستغلون غياب الرقابة والسياسات التي تنظّم حركة السوق، فيستفيدون من وضع الأسعار التي تؤّمن لهم أعلى هامش من الربح. بالتالي، إذا اشترى التجار من تركيا بأسعار منخفضة، فسيبقون أسعارهم في لبنان كما هي، فيستفيدون من زيادة أرباحهم. وفي الوقت عينه لن يتأثر الزبائن لأن الأسعار بالنسبة إليهم لم ترتفع. وما يستدعي الاعتراض هو رفع الأسعار، وليس تحقيق التاجر أرباحاً أكبر.

كذلك، انخفاض العملة التركية ما زال محصوراً في فترة زمنية صغيرة، وأغلب التجار اللبنانيين يشترون بضائعهم بشكل فصلي. ما يعني أن أغلب البضائع الموجودة في السوق اللبنانية مشتراة وفق الأسعار القديمة قبل التراجع، وتُباع في ضوء سعر الشراء المرتفع، وليس السعر الحالي للعملة التركية. وهذا ما تؤكده مصادر اقتصادية تركية. وتلفت إلى أن "أغلب التجار اللبنانيين يشترون من تركيا بالدولار أو اليورو، وليس بالليرة التركية. ما يعني عدم تأثير الانخفاض بشكل كبير على مشترياتهم".

وتستبعد المصادر لحظ أي تأثير إيجابي ملموس على السوق اللبنانية، "لأن الحكومة التركية تعمل على حل الأزمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وستّحل في وقت قريب". أي أن هذا الوقت لن يكون كافياً لتشكيل فارق حقيقي بالنسبة إلى التجار، حتى لو استفاد من لديهم القدرة على شراء بضائع في فترة زمنية قياسية وتخزينها لوقت لاحق. ففي هذه الخطوة مخاطرة أيضاً. وعلى سبيل المثال، يبدأ تجار الألبسة بالإعداد لموسم الشتاء مع نهاية شهر آب الحالي، وعليهم تصريف بضائعهم الصيفية قبل شراء البضائع الشتوية. عليه، الاستفادة من تراجع العملة التركية سينعكس على البضائع الصيفية المطلوبة حالياً في السوق، ولن يقتطع التاجر اليوم جزءاً من ماله ليوظفه في شراء بضائع شتوية في حين أن من الأفضل تحقيق ربح مضمون في البضائع الصيفية لأن الطلب عليها ما زال قائماً. ومن يضمن للتاجر عدم تغيير الموديلات والأصناف لاحقاً، فيما لو اشترى بضائع شتوية اليوم لكسب فارق السعر، يكون قد وظف أمواله في بضائع قد لا تُباع كلها وتحقق له هامش ربح مرتفع. ووحده المستهلك الفردي الذي يذهب للسياحة في تركيا، يمكنه الاستفادة من انخفاض الأسعار، لأنه يستهلك مباشرة من تركيا ويستعمل العملة التركية.

عليه، ترى المصادر أن "ما يقال في لبنان عن تأثير تراجع العملة على السوق اللبناني هو كلام نظري وتحليلات فردية، لكن على أرض الواقع لم يحصل شيء ومن المستبعد حصوله".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها