الأربعاء 2018/08/15

آخر تحديث: 00:05 (بيروت)

لبنان يخسر 5مليارات دولار سنوياً: هذه أبواب التهرّب الضريبي

الأربعاء 2018/08/15
لبنان يخسر 5مليارات دولار سنوياً: هذه أبواب التهرّب الضريبي
تكلّف التعديات على شبكة الكهرباء والفواتير غير المدفوعة ما قيمته 0.7 مليار دولار سنويّاً (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

في تقريره للفصل الثاني من العام 2018، نشر بنك عودة مجموعة من الأرقام والنسب المتعلّقة بالتهرّب الضريبي في لبنان، ليستنتج أنّ مكافحة هذه الظاهرة مقدّمة ضروريّة لإصلاح الماليّة العامّة. الرقم الاجمالي لكلفة التهرّب الضريبي، وفق التقرير، بلغ 5 مليارات دولار سنويّاً. وهو ما يوازي 10% من الناتج المحلّي. والأهم، يوازي هذا الرقم وحده تقريباً العجز السنوي في الميزانيّة العامّة.

ينتج هذا الحجم من التهرّب الضريبي من أبواب رئيسيّة عدة، أهمّها التهرّب من ضريبة الدخل، والضريبة على القيمة المضافة، ورسوم الجمارك، بالإضافة إلى رسوم الكهرباء وضريبة الملكيّة. ويمكن ملاحظة أثر هذا التهرّب من نسبة تعبئة الموارد، التي تحتسب نسبة الإيرادات المحققة للدولة من الناتج المحلّي الإجمالي. فبينما تبلغ هذه النسبة 36% في الدول المتقدّمة و26% في الدول النامية، لم تتجاوز هذه النسبة في لبنان 20% في العام 2017. وتنخفض هذه النسبة بشكل رئيسي بفعل عاملين: أوّلاً الانخفاض النسبي في الضغط الضريبي في لبنان، وثانياً نسبة التهرّب الضريبي العالية التي يتحدّث عنها تقرير عودة.

ضريبة الدخل
تحل ضريبة الدخل في مقدّمة أبواب التهرّب الضريبي في لبنان. إذ يبلغ حجم التهرّب من هذا النوع من الضرائب 2 مليار دولار، أي ما يمثّل 3.9% من إجمالي الناتج المحلي. من أصل هذا المبلغ هناك مليار دولار على شكل تهرّب من ضريبة الأرباح، التي تحقّقها الشركات والأفراد الذين يتعاطون الأنشطة التجاريّة، مع العلم أنّ مجموع هذه الأرباح يوازي 30% من الناتج المحلّي الإجمالي. ومن الواضح أنّ التهرّب من ضريبة الدخل وحده يوازي 40% من إجمالي حجم أنشطة التهرّب الضريبي الذي وضعه بنك عودة.

الضريبة على القيمة المضافة
الباب الثاني للتهرّب الضريبي تمثّل في الضريبة على القيمة المضافة. إذ يبلغ حجم التهرّب 1.5 مليار دولار سنويّاً (ويمثّل 3% من الناتج المحلي الإجمالي). ويلفت التقرير إلى أنّ طبيعة الاقتصاد اللبناني المبنيّة على الاستيراد والاستهلاك تعزّز من فائدة التركيز على تحقيق عائدات هذه الضريبة بشكل جيّد.

رسوم الجمارك
بالنسبة إلى رسوم الجمارك، يشير التقرير إلى أنّ لبنان قام باستيراد ما قيمته 20 مليار دولار من البضائع في العام 2017. وإذا تمّ احتساب متوسّط نسبة رسوم الجمارك البالغ 13%، فكان يجب تحصيل رسوم قيمتها 2 مليار دولار. لكنّ لبنان حصّل فعليّاً 1.5 مليار دولار فقط. ما يعني وجود 500 مليون دولار على شكل تهرّب من رسوم الجمارك، وهو ما يجعلها ثالث أكبر مصدر للتهرّب الضريبي.

رسوم الكهرباء
أمّا في مجال رسوم الكهرباء، فتكلّف التعديات على الشبكة والفواتير غير المدفوعة ما قيمته 0.7 مليار دولار سنويّاً. وهو ما يوازي 40% من قيمة الرسوم التي يجب أن تتلقّاها مؤسسة كهرباء لبنان. لكنّ الأهم، هو أنّ هذا الرقم يمثّل أكثر من نصف قيمة التحويلات التي حولتها الدولة لدعم مؤسسة كهرباء لبنان في العام 2017، والتي بلغت 1.3 مليار دولار. في المحصّلة، تكون رسوم مؤسسة كهرباء لبنان رابع باب من أبواب التهرّب الضريبي.

التسجيل العقاري
وفي النهاية، شكّلت الضرائب على التسجيل العقاري مصدراً مهماً من مصادر التهرّب الضريبي. إذ يُقدّر أنّ أسعار العقارات يتم تخمينها عند احتساب الضرائب بمستوى أقل بـ20% عن المستوى الحقيقي. ما يحقّق خسارة ضريبيّة بقيمة 200 مليون دولار. توازي هذه الخسارة في الضرائب المحققة 0.4% من إجمالي الناتج المحلّي.

آثار اقتصاديّة واجتماعيّة
بمعزل عن الأرقام التي أوردها تقرير بنك عودة، لا خلاف اليوم بشأن وجود حجم مؤثّر من التهرّب الضريبي في لبنان، خصوصاً إذا ما راجعنا حجم الضرائب المحصّلة مقارنة بالناتج المحلّي، وهي نسبة موضوعيّة غير خاضعة للتقدير. أمّا المشكلة فتكمن في طبيعة النظام الاقتصادي الذي يطبّع أشكال التهرّب الضريبي وبشكل مباشر في كثير من الأحيان.

لكنّ الأهم هو الآثار التي تتركها هذه الظاهرة على المجتمع والاقتصاد اللبنانيين. فالبنية الضريبيّة في لبنان تعتمد في الأساس بشكل كبير على الضرائب غير المباشرة، التي تشكّل عبئاً كبيراً على ذوي الدخل المحدود ولا تميّز في طبيعتها التفاوت في مستوى الدخل. وتسمح اليوم سهولة التهرّب من ضريبة الدخل، خصوصاً الأرباح، بتكريس هذا النموذج الضريبي، وتعطيل القدرة على اعتماد أي نموذج مختلف.

أمّا من ناحية الميزانيّة العامّة، فمن الواضح أنّ البدء باعتماد مقاربات تبدأ من تضييق هوامش التهرّب الضريبي تسمح بالاقتراب من الأهداف التي تعلن عنها الدولة بتقليص العجز في الميزانيّة العامة بنسبة 5% من الناتج المحلّي. إذ إنّ الدولة ستكون قادرة على بلوغ هذا الهدف بمعالجة نصف مستوى التهرّب الضريبي الذي أعلنته الدراسة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها