الأحد 2018/07/22

آخر تحديث: 00:11 (بيروت)

مشروع بمواصفات أوروبية: عكار تصدّر البطاطا إلى هولندا

الأحد 2018/07/22
مشروع بمواصفات أوروبية: عكار تصدّر البطاطا إلى هولندا
استفاد المزارعون من مشروع تنمية زراعة البطاطا (عامر عثمان)
increase حجم الخط decrease

في خطوةٍ هي الأولى من نوعها، سلكت البطاطا اللبنانيّة مسار التصدير من عكار إلى هولندا، بعد منعٍ سابقٍ كان قد فُرض على البطاطا اللبنانيّة. ورغم أنّ وزارة الزراعة عملت قبل نحو 7 سنوات على إزالة منع التصدير إلى الاتحاد الأوروبي من خلال إرساء برنامج يقضي بمسح الأراضي المزروعة وإظهار خلوّ البطاطا اللبنانية من الأمراض التي كانت مصابة فيها سابقاً. علماً أن هناك اتفاقية تسمح للبنان بتصدير البطاطا سنوياً إلى دول الاتحاد الأوروبي، شرط أن تكون مطابقة المواصفات الأوروبية، إلاّ أنّ لبنان لم يتمكّن حينها من المضيّ في هذه الخطوة.

أخيراً، أخذت مؤسسة رينيه معوّض زمام المبادرة. وعبر تعاونها مع السفارة الهولندية في لبنان، ومع شركات وخبراء هولنديين، انكبّت المؤسسة على العمل من أجل تحقيق هذا الهدف، وإدخال البطاطا اللبنانية للمرة الأولى إلى أسواق الاتحاد الأوروبي. فنفّذت المؤسسة مشروعاً حمل عنوان "تنمية زراعة البطاطا والخضار الورقية لتحسين سبل العيش في المجتمعات المحلية" المموّل من سفارة هولندا في لبنان، بالتعاون مع مصلحة البحوث العلمية الزراعية في العبدة بعكار.

يُعتبر هذا المشروع نقطة انطلاقٍ قويّة في لبنان لكونه يشقُّ الطريق أمام تصدير البطاطا اللبنانية إلى الأسواق الأوروبية ويضع الأسس الثابتة لها. وهو يهدف إلى تحسين تقنيات زراعة البطاطا والخضار الورقية في محافظة عكار. وفي حديثٍ إلى "المدن"، يشرح مدير مؤسسة رينيه معوّض نبيل معوّض أهميّة تنويع الأسواق، "لأن الأساس في الزراعة هو أن يكون لها سوقها". ويعتبر أنّ المؤسسة استفادت من اتفاقيّة وقّعتها الدولة اللبنانيّة مع الاتحاد الأوروبي، تسمح بتصدير 50 ألف طنّ من البطاطا سنوياً من دون دفع رسومٍ عليها. فـ"لتاريخ 7 سنوات، لم يستطع أحد تحقيق ذلك في لبنان".

تصدير المواسم
لم يكن التصدير عشوائياً. فمن خلال دراسات عدة، وفق معوض، اكتُشف أنّ البطاطا في عكار هي زراعة مبكرة، والحصاد يأتي في وقت لا تزرع فيه البطاطا في أوروبا بسبب عوامل الطقس. وأوروبا بحاجة إلى هذه الأصناف من البطاطا التي جرى تأمينها بأسعار جيدة. يقول: "لقد عملنا على تجميع هذه المكونات، وقمنا بتجربة مع مصلحة البحوث الزراعية، ومع شركة من أهم شركات البطاطا في هولندا بتمويل من السفارة الهولندية. التجربة نجحت، وحصدنا أصنافاً من البطاطا تُباع في الأسواق الأوروبية وليس لها طلب في الأسواق اللبنانية، ووصلت إلى هولندا وفق المواصفات المطلوبة وجرى بيعها على الفور بأسعار جيدة من دون أن يبقى منها شيء".

عمليّاً، تسعى مؤسسة معوض إلى التقدّم في مجال التصدير الزراعي، باعتبار أنّ لبنان بلدٌ صغير، لا يتوفر فيه الانتاج الضخم. و"نحن بدورنا، نسعى لإيجاد النوافذ، ونعمل على النوعية الزراعيّة وعوامل الطقس في الفصول الأربعة، كي نستطيع دخول أسواق عالميّة تطلب أصنافاً محددة في أوقات معينة من السنة، تساعد كثيراً في بلدٍ مثل لبنان، لا يوجد فيه ضخامة في الانتاج"، يضيف معوّض.

بالعودة إلى مشروع تنمية زراعة البطاطا، فهو ينقسم إلى شقيّن. شقّ يتعلق بالتصدير، وشقٌّ آخر يتعلق بمصنعي البطاطا في المعامل المحلية، وزراعة أصناف معينة من البطاطا يمكن استخدامها في هذا الانتاج، وقد اشترت هذه المعامل أكثر من 1500 طن من عكار.

لكن، كيف استفاد مزارعو عكار من هذا المشروع؟

يعتبر معوض أن المزارعين استفادوا كثيراً من مشروع تنمية زراعة البطاطا، لأنهم باعوا انتاجهم. كذلك، يجري التفاوض حالياً مع المستوردين في هولندا لتصدير كميات أكبر من البطاطا في الموسم المقبل. والمزارعون يعملون لمعرفة مدى قابليتهم على تلبية هذه الطلبات. فـ"هم استفادوا من عملية وصلهم بمصانع الانتاج اللبناني. ما انعكس ايجاباً في بيع محصولهم. أمّا المزارعون الذين لم يكونوا مباشرةً في المشروع، فقد انعكس عليهم بتحسين سعر البطاطا".

وفي السياق نفسه، يشير المدير التقني للمشروع عماد رياشي، في اتصالٍ مع "المدن"، إلى أنّ المشروع كان استثنائياً، وتعود فائدته بالدرجة الأولى وحصراً على المزارعين اللبنانيين. رغم ذلك، ثمّة عقبات واجهت طريقه نحو التنفيذ. لعل أبرزها، كان خلق برنامج شروط يستند إلى المواصفات الأوروبية، مع العمل للمرة الأولى في لبنان على أصناف موجودة في دول الاتحاد الأوروبي، واستحداث الوسائل والأساليب اللازمة لزراعتها، لاسيما في ظلّ غياب تجارب سابقة يمكن الاستفادة منها، وعدم توفّر الآليات اللازمة لتسهيل عملية الزراعة.

مشاريع أخرى
يُعبّر معوض عن فخره لكون المؤسسة بدأت عملها في القطاع الزراعي الاجمالي منذ العام 1996. ويُذكّر أن المؤسسة كانت من السبّاقين في تصدير زيت الزيتون، الذي دخل 250 متجراً حول العالم وشجّع على تصديره إلى الخارج.

وفيما سيتجدد مشروع تصدير البطاطا على مدار 4 سنوات، يجري العمل على توسيع عملية التصدير إلى أصنافٍ أخرى من المزروعات، مثل الافوكا والعنب والكرز، وتوسيعه على كميات أكبر من الانتاج. حالياً، "نعمل على مشروع تشجيع زراعة الأفوكا، لأن هناك 3 أصناف منه يمكن زراعتها وانتاجها على مدار السنة. وهناك طلب كبير في كلّ الأسواق العالمية على الأفوكا، ويمكن تصديره بسهولة لأنه لا يتعرض للأمراض ولا لاستعمال المبيدات".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها