الأحد 2018/07/01

آخر تحديث: 00:20 (بيروت)

تهريب وتطنيش في مجلس الوزراء.. الاتصالات أولى الضحايا

الأحد 2018/07/01
تهريب وتطنيش في مجلس الوزراء.. الاتصالات أولى الضحايا
السلطة تحضّر للقضاء على أوجيرو لمصلحة شركات خاصة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

لا شيء يحصل مصادفةً في اللعبة التي تديرها السلطة اللبنانية داخل مجلسي النواب والوزراء. وإن اختلفت المواضيع المنوى تمريرها، وهوية أصحابها، إلاّ أن قواعد اللعبة ثابتة: من يمرِّر يُمرَّر له، ومن يعرقِل تُعرقَل ملفاته. والنتيجة، اتجاه الإدارات الرسمية نحو الخصخصة، لمصلحة مشاريع يستفيد منها كبار السياسيين ورجال الأعمال في البلاد.

يُركّز بعض أقطاب السلطة حالياً على خصخصة قطاع الاتصالات، أولاً عبر إلغاء دور وزارة الاتصالات لمصلحة هيئة أوجيرو، وفي المرحلة الثانية إلغاء دور أوجيرو لمصلحة الشركات الخاصة. وإذا كانت هيئة أوجيرو تشغّل قطاع الاتصالات لمصلحة الدولة، فإن تفريغها وانتزاع دورها ليس وليد خطأ في تقدير نتائج قرارات الحكومة.

مررت الحكومة مرسومين يقضيان على ما تبقّى من دور لوزارة الاتصالات وأوجيرو. الأول يعطي ترخيصاً للقطاع الخاص لتقديم خدمات المعلومات والداتا عبر الألياف الضوئية؛ والثاني يعطي القطاع الخاص حق تشغيل المنشآت وصيانتها، وحق إصدار الفواتير وجبايتها. ما يعني أن المواطن اللبناني بات تحت رحمة القطاع الخاص بشكل كامل، وبياناته الشخصية التي تملكها الوزارة أصبحت في أدراج القطاع الخاص.

حصل ذلك وسط صمت كل الأطراف السياسية الممثلة في الحكومة. الأطراف التي تدعوا إلى بناء المؤسسات والاحتكام إليها، وتلك التي تدّعي محاربة الفساد وحماية البلاد من الأخطار الإسرائيلية والتكفيرية. فأصحاب المسار المؤسساتي دعموا وقف التوظيف في القطاع العام منذ العام 1995، لمصلحة التعاقد الوظيفي. ما أفضى إلى شغور تخطّى 75% في وزارة الاتصالات وحدها، وبعض التقديرات تشير إلى شغور بنسبة 90%. وهؤلاء أنفسهم وافقوا على المرسومين الأخيرين الموقّعين قبيل تحوّل الحكومة إلى تصريف الأعمال. وهذه الموافقة جرت عبر "نقاش اشترك فيه 7 وزراء، وكان على مدى أكثر من ربع ساعة"، وفق ما قاله وزير الاتصالات جمال الجرّاح. وللتأكيد، طلب الجرّاح من "رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ومن الامانة العامة لمجلس الوزراء، نشر المحضر قانوناً للاضاءة على كيفية اقراره". عليه، فإن تكبيل وزارة الاتصالات وأوجيرو، حصل كتنفيذ لمراسيم صادرة عن الحكومة.

إذا كانت قرارات الحكومة لم تُهرّب خلسة، فلماذا لم يعترض أحد عليها، خصوصاً وزراء الأحزاب التي تصدّت سابقاً لقرارات الجرّاح المتعلقة بتلزيم شركتي ويفز وجي.دي.إس؟ وكيف وقّع وزير المال علي حسن خليل على المرسومين؟ فهل يستدعي عجز الوزارة عن تنفيذ المشاريع، خصخصة القطاع كلياً؟ ثم أن العجز له أسباب ممتدة على مدى سنوات، وبنية مقصودة.

النائب حسن فضل الله الذي كان على رأس لجنة الاتصالات النيابية أثناء عملية كشف قرارات الجرّاح، فضّل اليوم "الانتظار للإطّلاع على الملف بشكل كامل، خصوصاً أن اللجان النيابية لم تشكّل بعد". أما عن دور وزراء حزبه في الحكومة، فقال فضل الله في حديث إلى "المدن": "لا أريد الحديث عن الموضوع". ولا يختلف انتظار فضل الله عن انتظار النائب زياد أسود الذي دقّق كلام الجرّاح سابقاً بتفاصيله كلها، منعاً لتمرير قراراته. فالنائب العوني، كما تيّاره، لم يعترض على مرسومي الحكومة، إذ إن مؤسس التيار، رئيس الجمهورية ميشال عون، وقّع المرسومين، ومن المحرّمات الاعتراض على رغبة الأب الروحي.

ترى مصادر في وزارة الاتصالات أن "قرار القضاء على أوجيرو والوزارة قد اتخذ. وما يحصل اليوم، وما يمكن أن يحصل غداً، ليس إلاّ إجراءات تمر بسرعة أو ببطء حسب الرغبة وحسب التوافق على الملفات". وترفض المصادر تحييد طرف سياسي عن المسؤولية، إذ إن "لقوى 8 و14 آذار على حدّ سواء، شركات تستفيد من خصخصة الاتصالات. أما الحرب الإعلامية بينهما، فلا تتعدّى الضغط لتحسين شروط التفاوض بشأن الصفقات. وفي حال التوافق، تُضبَط محاضر مجلس الوزراء وفق ايقاع الاتفاق. وفي حال الاختلاف، يُطالب كل فريق بكشف المحاضر، لكن لا تُفتح قصاصة ورق واحدة". وفي المحصّلة، فإن "مرسومي الحكومة باتا نافذين نظراً لوجود التواقيع الثلاثة عليها. ومن يستند إلى إمكانية التعديل أو تغيير المرسومين بعد مطالعة أو تدقيق بنتائجهما الكارثية، يحتاج إلى معركة سياسية قد لا تصل إلى خواتيم إيجابية، إذ ليس من المنطقي الموافقة على أمرٍ ثم الذهاب لمناقشته".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها