الثلاثاء 2018/06/26

آخر تحديث: 00:20 (بيروت)

التعليم المهني... وعودٌ بالخبرات الألمانية

الثلاثاء 2018/06/26
التعليم المهني... وعودٌ بالخبرات الألمانية
يعتبر أغلب الطلاب أن مرتبة التعليم المهني أدنى من التعليم الأكاديمي (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

في محاولة لإثبات قدراتهم، تقدّم يوم الإثنين 25 حزيران، نحو 13 ألف طالب مرشّح للمرحلة الأولى من امتحانات الشهادات المهنية، من أصل 35 ألف طالب يشكلون مجموع المرشحين الذين يتوزعون على 179 تخصصاً.

هؤلاء يحاولون تأكيد امكانياتهم في تحصيل العلم والتحضير لدخول سوق العمل، في حال أمّنت لهم الدولة اللبنانية الفرصة. لكن واقع الحال يشير الى بقاء فئة واسعة من الناجحين خارج سوق العمل، "أولاً لأن سوق العمل غير قادرة على استيعاب الخريجين، ليس من التعليم المهني فحسب، بل من التعليم الأكاديمي أيضاً. ثانياً، لأن أغلب الشركات والمؤسسات وأرباب العمل ينظرون إلى التعليم المهني على أنه تعليم بمرتبة أدنى من التعليم الأكاديمي"، وفق ما تقوله مصادر في التعليم المهني، وتشير إلى أن "الدولة اللبنانية، ممثلة بوزارة التربية والتعليم، لا تولي التعليم المهني الاهتمام الكافي. ما يعزز شعور الطلاب بضرورة الابتعاد عن التعليم المهني، ويبرز ذلك من خلال انتشار فكرة مفادها أن الفاشل أكاديمياً يذهب نحو التعليم المهني. وقبل ذلك، نادراً ما يلجأ الطلاب إلى التعليم المهني دون هذا الدافع السلبي".

ونظرة الدولة إلى التعليم المهني، لا تختلف كثيراً، وفق المصادر، عن نظرتها إلى التعليم الرسمي بشكل عام. إذ "يحتاج التعليم الرسمي إلى عناية كبيرة من الدولة الغائبة عن دعم مدارسها المهنية والأكاديمية. وفي المقابل، تقوم الدولة بتسهيل مهمة التعليم الخاص، وتقدم المنح التعليمية لموظفي القطاع العام ليعلّموا أولادهم في المدارس الخاصة. ما يسهم في ضرب التعليم الرسمي المهني والأكاديمي".

تعزيز التعليم المهني لا يقتصر على كلام تشجيعي من رئيس أو وزير أو مدير معهد، بل يحتاج إلى خطط علمية تضمن تطوير التعليم الرسمي بشكل عام، والمهني بشكل خاص، وتضمن اقتران التعليم بما تحتاج إليه سوق العمل. أما تغريدة رئيس الجمهورية ميشال عون التي تشجع الطلاب وتثني على اختيارهم التعليم المهني لما لهذا الاختيار "من دور مهم في بناء الوطن وفي تطور العديد من قطاعات الإنتاج"، ليس سوى تشجيع معنوي لا يُترجَم في الواقع العملي شيئاً.

أما اعتبار وزير التربية مروان حمادة أن التعليم المهني اللبناني "يؤسس لاقتصاد وطني متين يحفظ لليد العاملة الماهرة فرص العمل في البلاد، ويمكن أن يصدرها إلى الخارج لتعود إلى الوطن بالمكاسب والنجاحات"، فهو "شهادة على سلبية تعاطي الدولة مع التعليم المهني. فإن كان التعليم المهني يمتلك مثل هذه القدرات تجاه الإقتصاد الوطني، فأين الدولة من دعمه؟".

ترى المصادر أن المحادثات التي جرت بين حمادة والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل في شأن موضوع التعليم المهني، "خطوة إيجابية، خصوصاً أن لدى الألمان خبرة في تطوير التعليم، وتحديداً المهني منه. ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الألماني الذي يعتمد بشكل واسع على اليد العاملة الفنية. وهذا اتجاه موجود في الدول الأوروبية التي غيّرت مفاهيمها تجاه التعليم، واعتمدت على اليد الفنية بشكل مساوٍ وأحياناً أكثر من الاعتماد على الجانب الأكاديمي، لأن المصانع هي عصب الاقتصاد الأوروبي".

لكن الاستعداد الألماني لمساعدة لبنان "لا يعني انتقال التعليم المهني اللبناني لمنافسة التعليم المهني الألماني، ولا يضع طلاب التعليم المهني أمام فرص عمل مؤكدة، لأن الأزمة لا تكمن في نقل الخبرات فحسب، بل في تأمين البيئة اللازمة للإستفادة منها وتوظيفها في سوق العمل أيضاً. وفي النموذج اللبناني الحالي، فإن المعاهد الفنية الرسمية والخاصة، باستثناء عدد محدود، غير قادرة حتى على دمج المعارف الألمانية في مناهجها الدراسية، وسوق العمل اللبنانية غير منظّمة بما يكفي لاستيعاب الخرّيجين وتوظيفهم. بالتالي، فإن التعليم المهني في ظل هذا الواقع سيكون كمن يزيّن منزله من الخارج دون إصلاحه من الداخل. والتعليم المهني حالياً لا يُمكن الطلاب من دخول الجامعات. وهذه عقبة أساسية يصطدم بها طلاب هذا القطاع التعليمي. حتى أن تعاطي بعض الجامعات الخاصة بشيء من الإيجابية تجاه شهادات التعليم المهني، يبقى محدوداً، ولا يفتح الباب لدخول طلاب القطاع المهني إلى الجامعات. ما يساهم في تأخّر القطاع المهني وفي إدراجه كتعليم ثانوي مقارنة مع التعليم الأكاديمي".

تطوير التعليم المهني في لبنان "حاجة ملحة"، ولا تقع مسؤوليته على وزير واحد أو حكومة تدير البلاد لفترة زمنية محددة. ومع أن حمادة شدد على أنه "سيتابع قضايا التربية ومطالب طلاب القطاع المهني بعدما سمع مطالبهم لجهة معادلة الإجازة الفنية بالإجازة الجامعية"، إلا أن تطوير التعليم هو "مسؤولية كل القوى السياسية التي تؤلف مجلسي النواب والحكومة وتوزع الحقائب الوزارية كما تشاء".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها