الليرة السورية: السوق السوداء.. انتهت؟

شهد سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأميركي تذبذبات عالية صعوداً وهبوطاً على مدى سنوات الحرب، ولعبت السوق السوداء دوراً في ذلك. بالتالي، سعى مصرف سوريا المركزي إلى تحقيق الاستقرار في سعر الصرف بطرق عدة لم تثمر دوماً نتائج إيجابية. واليوم، يتحدث حاكم المركزي الدكتور دريد درغام عن تزايد استقرار سعر الصرف بجوار القيمة المحددة من المصرف المركزي 434-438، خصوصاً أن تباين سعر الصرف الموازي عن الرسمي لم يتجاوز 5% طوال السنتين الماضيتين واستقر التباين بجوار 1% منذ أكثر من خمسة أشهر. ما يعني أن المصرف المركزي ملتزم بالاستقرار النسبي، الذي أعلنه لسعر الصرف. وهنا، يُطرح السؤال هل يمكن أن يفسر كلام الحاكم بأن دور السوق السوداء لسعر الصرف انتهى؟

يوضح الخبير الاقتصادي عمار موصللي أن السوق السوداء لن تنتهي ما لم يقم مصرف سوريا المركزي بتعويم سعر الدولار، وتركه حراً للعرض والطلب، شرط أن يتدخل في سوق القطع بائعاً ومشترياً للحفاظ على السعر التوازني المرحلي الذي يراه مناسباً للحالة الاقتصادية.

يضيف موصللي أن قرار التعويم حالياً مسألة شائكة وحرجة، نظراً إلى عدم استقرار الظروف العسكرية وغير العسكرية. ويخشى من هجمات خفية معادية على سوق القطع. وإذا كان المصرف المركزي يريد أو يتدخل للحفاظ على سعر القطع في السوق إن تم جدلاً تعويمه، فالإجابة هي لدى المركزي، الذي من حقه الاحتفاظ بهكذا نيات أو تفاصيل لنفسه.

وفي كل الأحوال، فإن تقارب السعر الرسمي للقطع مع أسعار السوق السوداء هو مؤشر إيجابي جداً، كما يرى الخبير الاقتصادي، ويدل على أن سعر الصرف الحالي هو السعر التوازني الذي يتقبله الاقتصاد في الظروف الحالية. ومهمة المركزي الشاقة خلال الفترة المقبلة هي محاولة استقرار هذا السعر لأطول فترة ممكنة.

وبالعودة إلى تصرح حاكم المركزي، الذي يوضح من خلاله أن الاستقرار في سعر الصرف سمح للعديد من التجار بتخفيض أسعار سلعهم بشكل ملموس، بعدما تبين لهم عدم الحاجة إلى هوامش ربح غير مبررة لمواجهة التقلبات التي كانت تسود سابقاً رغم حالات استثنائية مثل الطلب الكبير على السلع في بداية شهر رمضان. وسيستمر استقرار سعر الصرف بالتأثير على أسعار المواد ودفعها تدريجياً نحو الانخفاض مع سياسة احلال الإنتاج المحلي مكان المستوردات، عبر التركيز على استيراد المواد الأولية اللازمة لزيادة الانتاج المحلي من المواد والسلع الضرورية.

يضاف إلى ذلك، اقتناع المغتربين أنه أصبح بمقدورهم تحويل أي مبلغ من الخارج مهما كانت قيمته بالليرات السورية مباشرة. ومن تتجاوز حوالته 5 آلاف دولار، يمكنه إن رغب الاحتفاظ بقيمة تلك الحوالة بالعملة الأجنبية. وقد أصبح جميع المغتربين على علم بأنه قبل التحويل عليهم التنسيق مع المصارف وشركات الصرافة المتخصصة لمعرفة شروط التحويل المرتبطة بالبلد المعني من جهة وبالشركة الخارجية التي يتم عن طريقها التحويل. إذ إن شركة ويسترن يونيون تضع شروطاً قاسية من قبيل سقف 400 دولار للحوالة الواحدة للمحافظات ونحو 2000 دولار للحوالة الواحدة إن كانت إلى دمشق.

ووفق الحاكم، فإنه بالتوازي مع عودة الأمان وعودة النشاط الإنتاجي لمختلف المحافظات تعتبر مختلف العوامل السابقة والتحسينات التي ستشهدها سوريا في السياسة النقدية مهمة جداً لمزيد من التحسن في مختلف المجالات. وهو أمر سيلحظه السوريون بالتدريج في الفترات المقبلة.