الأربعاء 2018/06/13

آخر تحديث: 11:57 (بيروت)

تغيرات الطقس: هكذا تؤثر في الزراعة والصحة

الأربعاء 2018/06/13
تغيرات الطقس: هكذا تؤثر في الزراعة والصحة
الطقس يساهم في تكاثر البكتيريا ومعها الأمراض (عزيز طاهر)
increase حجم الخط decrease

لا يمكن فصل حال الطقس السائدة منذ أيام في غالبية المناطق اللبنانية، من رياح وعواصف رعدية وأمطار غزيرة، عن أزمة تغير المناخ العامة التي تتضح معالمها بشكل متسارع. فمؤشرات التغير المناخي تتزايد سنوياً في لبنان وغالبية دول العالم، حتى أن الفصول باتت متداخلة في ما بينها بشكل واضح، وبات لزاماً على المعنيين اتخاذ إجراءات وتدابير ترفع من قدرة الفرد والمجتمع عموماً على التأقلم مع المستجدات المناخية وما يترافق معها من أزمات.

ولا شك أن للمتغيرات المناخية أثراً بالغاً على المنحيين الاقتصادي والاجتماعي، ومنها عدد كبير من القطاعات في لبنان، ويأتي على رأسها قطاعا الزراعة والصحة البيئية.

فالقطاع الزراعي لم ينجُ بأي من مواسمه منذ بداية العام بسبب تقلبات الطقس، حتى أن أضراره لم تحص حتى اللحظة. فمنذ شهر آذار 2018، تلقت مواسم القمح والحبوب الضربة الأولى إذ غابت المتساقطات بشكل شبه كلّي. ما أوقع المزارع اللبناني في أزمة ري، لم ينفد منها سوى المزارعين المقتدرين وهم قلة، يقول نقيب المزارعين إبراهيم ترشيشي في حديث إلى "المدن". أما في شهر حزيران، وهو موعد الحصاد، فقد تلقى الموسم ضربة أخرى جراء غزارة الأمطار في غير موعدها التي أخّرت عملية الحصاد وعرّضت ما تبقى من القمح والحبوب لمرض الرهوب والعفن. والنتيجة تراجع في الإنتاج وارتفاع في الكلفة.

أما حبوب البَرَد التي ترافقت مع عواصف شهر حزيران، فلم توفّر أياً من المزروعات، كما يؤكد ترشيشي. إذ ألحقت أضراراً فادحة بأنواع الأشجار المثمرة، كما في مزروعات البطاطا والبطيخ وغيرها من المزروعات التي لا يلائمها الطقس العاصف بمعدلات حرارة مرتفعة.

وليست أزمة القطاع الزراعي ببعيدة عن التداعيات البيئية للتغير المناخي في لبنان. إذ إنها لا تنفصل عن أزمة قطاع المياه والبيئة، وفق الخبيرة البيئية ورئيس جمعية بيبلوس ايكولوجيا فدوى كلّاب. فـ"عندما تشح كميات الأمطار (وهو ما يعانيه لبنان منذ سنوات) يحيا كثير من الجرائيم، لاسيما تلك التي تحتاج إلى الرطوبة ودرجات حرارة مرتفعة نوعاً ما".

وتوضح كلّاب في حديثها إلى "المدن" أنه عندما يحصل خلل ما على مستوى ارتفاع الرطوبة والحرارة معاً في غير الأوقات الطبيعية، تتكاثر البكتيريا ومعها الأمراض والحشرات نتيجة عدم التأقلم مع المناخ. ومنها الجرب على سبيل المثال، الذي عادة ما يسلك طرقاً معينة تتناسب وحاجاته البيئية، لكن عندما يتغير المناخ يعتمد الجرب طرقاً أخرى، وبالتالي يصيب مناطق جديدة.

إلى جانب الصحة التي تتأثر سلباً بالتغير المناخي من خلال ناقلات الجراثيم والأمراض عبر الهواء والمياه جراء تراجع كميات المتساقطات وتركز الجرائيم في الآبار ومجاري الأنهر، هناك القطاع الزراعي الذي يعاني من تزايد الحشرات والفطريات وتكاثر القوارض. وترى كلّاب أنه لا بد من التعامل بجدية مع المخاطر الناجمة عن تغير المناخ في لبنان.

فبعد توقيع لبنان في العام 1998 اتفاقية تغير المناخ، أجريت العديد من الدراسات حول تأثير تغير المناخ اقتصادياً واجتماعياً، وتوصلت إلى نتيجة أن درجات الحرارة في لبنان سترتفع 3 درجات وذلك يعني، وفق كلّاب، أن مستوى البحر سيرتفع 90 سنتمتراً، وبالتالي هناك مناطق في لبنان ستنغمر بالمياه. ما يحتّم على الدولة اتخاذ إجراءات تجنّب المواطنين أضراراً جسيمة، لاسيما لجهة الأراضي الزراعية المحاذية للمياه.

ولا بد من إعادة النظر بالأنواع الزراعية المعتمدة في لبنان، مع الأخذ بالاعتبار الحاجات المناخية والارتفاع عن سطح البحر. ويجب تجنيب المزارع الخسائر السنوية من خلال توعيته من قبل الدولة الممثلة بوزارة الزراعة. إذ إنه لم يعد ممكناً، وفق كلّاب، زراعة الحمضيات في الساحل، كما لم يعد ممكناً زراعة خضراوات تحتاج إلى الري الكثيف في المناطق الجبلية كالبندورة.

والحل يكمن في إعادة النظر بالقطاعات وتنظيمها من جديد، لاسيما الزراعة التي لا تزال تؤمن حاجاتنا الذاتية، ولا بد أن يتجه لبنان إلى زراعات بديلة تكون أكثر تحملاً للجفاف والتغيرات المناخية ومنها الكيوي والقشطة والنباتات الطبية والعطرية وغيرها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها