الأربعاء 2018/05/30

آخر تحديث: 18:57 (بيروت)

هذه قصة قرار ضبط الاستيراد من تركيا

الأربعاء 2018/05/30
هذه قصة قرار ضبط الاستيراد من تركيا
الازمة ليست محصورة بالاستيراد من تركيا إنما من الصين والدول العربية (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
أحدث قرار اتخذه مجلس الوزراء بتاريخ 16 أيار 2018 بلبلة في الساعات الماضية، كونه يتعلّق بمنع استيراد البسكويت والويفر، مواد التنظيف والبرغل من تركيا، والتشدد في استيراد أصناف من الورق والكرتون والألبسة الجاهزة، غير أن الشائعات وصلت إلى حد الحديث عن وقف استيراد كافة المواد الغذائية التركية.

ووصلت الشائعات أيضاً إلى حد الترويج بأن تركيا قابلت القرار اللبناني بتعليق إعفاء اللبنانيين من تأشيرة دخول أراضيها، ولكن الحقيقة أن موضوع إعفاء اللبنانيين من التأشيرة لم يتم التطرق إليه على الإطلاق، وفق ما أكد مصدر من السفارة التركية في بيروت لـ"المدن"، كما نفى مصدر من وكالة الأناضول التركية ما نُسب إلى الوكالة بموضوع التأشيرة.

وأتى القرار الذي جاء بناءً على اقتراح من وزارة الإقتصاد، بعدما تبيّن للوزارة، أن تلك المواد التركية تلحق الضرر بالإنتاج اللبناني نتيجة دخولها لبنان وتهرّبها من الرسوم الجمركية إما من خلال الإنزلاق على بنود أخرى معفاة جمركياً أو من خلال الاستيراد عبر المعابر غير الشرعية. واستندت الوزارة إلى عدد من الكتب أرسلتها لها جمعية الصناعيين اللبنانيين، "تعرض فيها للمشاكل والصعوبات التي تواجهها هذه القطاعات من منافسة غير عادلة من المنتجات المستوردة من بلدان عدة أبرزها تركيا"، وفق ما ورد في محضر جلسة مجلس الوزراء.

ولكن، ماذا عن بقية الاصناف التي يتم استيرادها من تركيا وتدخل الأسواق اللبنانية بعد تهرب المستوردين من الرسوم الجمركية؟ وماذا عن البضائع المستوردة من الصين والدول العربية وغيرها؟

لا شك أن حصر القرار ببعض المنتجات من جهة وببلد واحد (تركيا) من جهة أخرى، يطرح كثيراً من التساؤلات بشأن هوية المستفيدين من القرار، لا سيما من التجار، ولا شك أن القرار صائب إلا أنه منقوص جداً، إذ إن نحو 50% من المنتجات التي تدخل لبنان يتم إدخالها بفواتير مخفضة، أي بعد التهرب من سداد الرسوم الجمركية وعلى رأسها الضريبة على القيمة المضافة.

وللعديد من الخبراء والمعنيين بالشأن الصناعي تجارب تثبت حجم التهريب وعمليات تخفيض الفواتير، ومنهم الرئيس السابق لجمعية الصناعيين فادي عبود الذي يؤكد في حديث إلى "المدن" أن أكثر من 60% من البضاعة التي تدخل لبنان، أسعارها مخفضة وغالبيتها تتهرب من الضريبة على القيمة المضافة (TVA). ويستند عبود إلى تقارير للبنك الدولي يعتبر فيها أن الاقتصاد الأسود ينافس ويضاهي الاقتصاد الشرعي في لبنان.

وليس جديداً أن يكون قطاع الاستيراد محكوماً من قبل لوبي من المهربين ومدعوماً من قوى في الدولة تمنع الجمارك من ضبط الاستيراد وتسن قوانين تسهل التهريب. وهو ما يؤكده أكثر من معني بالقطاع الصناعي ومنهم عبّود، بدليل أن غالبية الدول التي يستورد منها لبنان تختلف أرقامها الاحصائية عن الأرقام المحلية، بمعنى أن احصاءات الصين (على سبيل المثال) للبضائع المصدرة إلى لبنان تأتي دائما مختلفة عن الأرقام اللبنانية للبضائع المستوردة من الصين. فالأرقام الصينية تفوق الأرقام اللبنانية بنحو الثلث. ما يعني أن فارق الأرقام الاحصائية هي بضائع مهربة.

وبالعودة إلى القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء، فإن حصر الموضوع في تركيا غير واقعي، يقول عبّود، لأن الازمة نفسها تنطبق على الإستيراد من الصين والدول العربية كما تنطبق على المواد الاستهلاكية وليس الورق والكرتون والثياب فحسب، ويقدّر بأن الفواتير المخفضة تكلف الاقتصاد الوطني أكثر من 500 مليون دولار سنوياً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها