الأربعاء 2018/05/02

آخر تحديث: 19:45 (بيروت)

هكذا ربح الثنائي الشيعي صفقة الـ160 مليون دولار

الأربعاء 2018/05/02
هكذا ربح الثنائي الشيعي صفقة الـ160 مليون دولار
يتقاسم الثنائي الشيعي النطاق الجغرافي لعمل دبّاس (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
قبل نهاية العام 2017، أقر مجلس الوزراء تمديد عقود شركتين من شركات مقدمي الكهرباء، هما، بوتيك وكا في أ، مستثنياً شركة نيو، التابعة لشركة دبّاس، وذلك بعد انتهاء عقود الشركات. في نيسان 2018، جدد المجلس لشركة نيو. فما الذيّ تغيّر، وكيف اتفق كلّ من حركة أمل والتيار الوطني الحر وحزب الله، بعدما كانت الحركة ضد التيار، والحزب حليف التيار، وحياديٌ مع أمل أحياناً، وخصمها أحياناً أخرى، وخصوصاً في ملف المياومين.

استفاد الجميع من تعثّر مقدمي الخدمات، ووقوعهم في أعباء مالية، وعدم انجازهم الأعمال المطلوبة منهم وفق العقود. لكن، وحدها نيو التي وقعت أرضاً، لأن الشركتين الأخريين لديهما مظلّة وزير الخارجية جبران باسيل. وعندما وقعت نيو، أي دبّاس، بات من السهل فرض الشروط عليها، وإعادة هيكلة الاتفاق معها. وإذا كان التيار مستفيداً من عودة الركن الثالث من أركان مشروعه، ما يحسّن صورته ويمكّنه من اكمال المشروع، فإن الثنائي الشيعي هو المستفيد الأكبر، وحركة أمل نالت حصة الأسد من صفقة التجديد.

مسار الاستفادة إنطلق من ركن هامشي في مشروع مقدمي الخدمات، وهو م.م، الذي يتعاقد مع دبّاس كمقاول فرعي من الدرجة الخامسة، أي أن استلامه المشاريع من دبّاس، يمر عبر 4 متعهدين ومقاولين قبله، لكن قوّته المعنوية أنه واجهة للثنائي الشيعي. وبموجب الصفقة، يرتفع م.م إلى المرتبة الأولى بعد شركة نيو، التي تعمل كمستثمر لدى دبّاس.

لكن هذه التراتبية ما هي إلاّ شكليات يقتديها تبرير التجديد لدبّاس، أما في الواقع، فسيتحوّل م.م إلى مقدّم خدمات رابع. فالصفقة تنص على أن يتقاسم الثنائي الشيعي النطاق الجغرافي لعمل دبّاس، فيأخذ جنوب لبنان ويتغاضى عن جبل لبنان الجنوبي، الذي يضم الضاحية الجنوبية لبيروت، وعن صيدا وجزين، رغم وجودهما في نطاق الجنوب. وضمن هذه القسمة، يتّضح أيضاً أن حزب الله "وافق على مضض، على ترك الضاحية في عهدة دبّاس، في حين أن الجنوب سيصبح في عهدة م.م، أي في عهدة حركة أمل"، وفق مصادر مطّلعة على الملف.

خطورة القسمة، وفق المصادر، تبدأ من المعايير التي تم وفقها التجديد لدبّاس. فالتجديد عنى "السكوت عن أكثر من 80 مليون دولار، هي ديون على دبّاس لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان ومصارف ومتعهدين ومقاولين عملوا مع دبّاس لسنوات، ومنهم على سبيل المثال شركة إيمس. فضلاً عن التعتيم على تقارير لمؤسسة الكهرباء ولشركات استشارية ولمجلس شورى الدولة، تفيد بفشل مشروع مقدمي الخدمات بشكل عام، وبعدم التجديد أو التمديد لشركة دبّاس بشكل خاص، نظراً لسوء أدائها".

وبموجب القسمة، سيُصار إلى التعاقد مع م.م بصفقة "قيمتها 160 مليون دولار. وستقيّم مؤسسة كهرباء لبنان أداءه في العمل منفرداً، وفق مؤشر أداء يختلف عن مؤشر أداء دبّاس التي ستتعهّد العمل في الظاهر، وفق العقود القديمة. وستستلم المؤسسة وتصدر الشيكّات، من م.م ولمصلحتها، بشكل منفصل عن دبّاس". ما يعني أن الحكومة اللبنانية تعاقدت مع مقدم خدمات جديد، دون إجراء مناقصة وعقود جديدة.

القسمة دفعت حركة أمل بشكل أساسي إلى خفض صوتها في ما يتعلق بقضية المياومين، فهي باتت شريكاً أساسياً في مشروع مقدمي الخدمات. وحزب الله لن يستطيع الحديث عن محاربة الفساد في ظل مشاركته في هذه الصفقة، وإن لم يستفد منها بشكل يوازي استفادة أمل. فهو في أبسط الأحوال، سكت عن فساد حلفائه، في حين أن أمينه العام السيد حسن نصرالله أكد على محاربة الفساد حتى وإن ارتكبه وزراء الحزب ونوابه، وليس الحلفاء فحسب.

في المقابل، كان في امكان الثنائي الشيعي أن يحقق مكاسب أكبر فيما لو دخل مشروع مقدمي الخدمات بمتعهد جديد تابع له كلياً، وسيطر على منطقة عمل دبّاس بأكملها. لكنّه فضّل ترميم دبّاس، لأسباب عدة، منها تفادي إجراء مناقصات جديدة والدخول في دوّامة الشروط وعدم موافقة بقية أطراف السلطة ومحاولتها الحصول على حصص، وتحديداً تيار المستقبل. الاستفادة التقنية من كل المعدات والموظفين الذين تملكهم دبّاس، وعدم الحاجة إلى إجراء ترتيبات جديدة. الاستفادة من مياومي دبّاس، وسهولة التعامل معهم، خصوصاً أن ملفّهم مازال مفتوحاً، ومساهمة حركة أمل في إقرار قانون تثبيتهم راسخة بالنسبة إليهم. حتمية فشل دبّاس مرة أخرى، أو إفشالها، ووجود م.م في الساحة، تعنيان أولوية تشغيله منطقة الضاحية وصيدا وجزين. ما يعني أن مد الثنائي نفوذه على كامل منطقة دبّاس، دون تكبد أي خسائر، هو مسألة وقت. وسيتمكن حزب الله بعد انهيار دبّاس وسيطرة م.م، من تعويض ما دفعه لقاء إصلاح الأعطال وتسيير المرفق، تحت راية اتحاد بلديات الضاحية، حين انتهى عقد دبّاس.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها