الجمعة 2018/05/11

آخر تحديث: 07:15 (بيروت)

موازنة 2018: الإبطال ليس كافياً

الجمعة 2018/05/11
موازنة 2018: الإبطال ليس كافياً
مساع لتعديل قانون المجلس الدستوري (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
بات مصير موازنة العام 2018 شبه محسوم وهو "الإبطال" من جانب المجلس الدستوري، ليس لموقف من إقرارها، وإنما لارتكاب قانون الموازنة العديد من المخالفات والتجاوزات، منها ما ورد في الطعن المقدم بتاريخ 24 نيسان 2018 من 10 نواب، ومنها ما أكدته وفنّدته المفكرة القانونية في مذكرة رفعتها إلى المجلس الدستوري بتاريخ 9 أيار.

ورغم استناد النواب العشرة في طعنهم بقانونية موازنة 2018 الى أكثر من موجب للإبطال، إلا أن المفكرة القانوية أيدت الطعن في نقطتين أساسيتين وذهبت أبعد منه فأضافت 5 مخالفات، وإن كانت المذكرة التي أودعتها المفكرة لدى قلم المجلس الدستوري تُعد وثيقة في ملف الموازنة.

النقطتان اللتان أيدتهما المفكرة القانونية وتضمنهما الطعن هما: الأولى، غياب قطع الحساب، إذ يشكّل سبباً لإبطال قانون الموازنة العامة سنداً للمادة 87 من الدستور. فغياب قطع الحساب، وفق المذكرة، يدحض صدقية الموازنة وشفافيتها ويجرّد النواب من إمكانية مراقبة صحة التقديرات الواردة فيها.

أما الثانية فتتعلّق بفرسان الموازنة وقد صنفت المفكرة القانوينة الفرسان ضمن ثلاث فئات: فئة تتصل بالإعفاء من الغرامات أو إلغاء الضرائب، وفئة تتصل بوضع نصوص تتعلّق برسوم البلديات والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأشخاص آخرين من القانون العام من غير الدولة، وفئة تتصل بمسائل تنظيمية وإجرائية لا صلة مباشرة لها بالموازنة العامة.

أما لجهة المخالفات الخمس الواقعة في قانون الموازنة والتي تضمنتها المذكرة المودعة لدى المجلس الدستوري فهي الآتية: المادة 5 التي تجيز للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملة اللبنانية لآجال قصيرة ومتوسطة وطويلة لتغطية العجز. وقد اعتبرت المفكرة هذه المادة "باطلة" لأنها تجيز عملياً للحكومة الاقتراض من دون تحديد سقف أو شروط.

المادة 26 من قانون الموازنة المتعلّقة بتسوية مخالفات ضريبة الدخل لقاء مبالغ زهيدة، لتعارضها مع مبدأ المساواة، والمادة المادة 29 المتعلّقة بتعديل ضريبة الأملاك المبنية. فقد عادت هذه المادة، بحسب مذكرة المفكرة القانونية، لترتكب مخالفة دستورية جسيمة من خلال تطبيق ضريبة الأملاك المبنية على الإيرادات الصافية السنوية التي تعود للمكلف من كل عقار على حدة. وهذه المخالفة إنما تتعارض مع مبدأ المساواة بين المواطنين.

والمادة 35 من قانون الموازنة التي نصت على إعطاء الامكانية لمالك العقار تسوية المخالفات. ووصفت المفكرة القانونية هذه المادة بالهجينة والغامضة، إذ تحتمل أكثر من تفسير. "لكن التفسير الذي يعطي معنى لوجودها هو تفسير خطير من شأنه أن يشجع المالكين على المخالفة  بعد اكتساب الحق في تسويتها لاحقا، كما يؤثر بشكل سلبي على خزينة الدولة". وآثار سلبية أخرى أوردتها المذكرة.

والنقطة السابعة التي أوردتها المفكرة القانونية في مذكرتها هي المادة 37 من قانون الموازنة، التي أعفت بعض عمليات تأجير العقارات المبنية لغايات غير سكنية من ضريبة القيمة المضافة على نحو يميزها عن غيرها. فهذه المادة تتعارض مع المادة 81، بالإضافة إلى تعارضها مع مبدأ المساواة بين المواطنين.

ليس كافياً أن يُبطل المجلس الدستوري الموازنة، في حال أخذ بموجبات الطعن ورأي المفكرة القانونية، إنما الأجدى أن يبطل الموازنة العامة وكل مادة مخالفة، لاسيما المواد التي تعد من فرسان الموازنة. وذلك قطعاً للطريق أمام إعادة إصدار قوانين من خارج الموازنة تتضمن المواد نفسها (أي المخالفة)، بحسب المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية في حديثه إلى "المدن".

ويعوّل صاغية على موقف المجلس الدستوري من الموازنة، لجهة تصويبها، "لاسيما أن المجلس ليس مُلزماً بالبت بالطعون فحسب، إنما يمكنه أيضاً تقديم طعون من تلقاء نفسه ووضع ملاحظات مُلزمة تتعلق بنقاط مخالفة وإن لم يشملها الطعن". من هنا، جاءت مذكرة المفكرة القانونية لتضيء على مخالفات كثيرة وخطرة.

المذكرة المودعة لدى المجلس الدستوري، وإن كانت لا تتمتع بأي ضيغة إلزامية، إنما من شأنها المساهمة في إرساء ممارسات تضمن أوسع مشاركة حقوقية في الدعاوى المقدمة للمجلس الدستوري، بما يعزز المنظومة الحقوقية برمتها في لبنان. ولعل الهدف الأسمى الذي تسعى المفكرة القانونية إلى تحقيقه هو فتح الباب أمام المنظمات الحقوقية للإدلاء برأيها من القضايا القانونية كلها. والأهم، وفق صاغية، لتعزيز الضغط في سبيل تعديل قانون المجلس الدستوري، لجهة فتح مجال تقديم الطعون بالقوانين أمام العموم وعدم حصره بعشرة نواب، أو لجهة فسح المجال لتقديم طعون بقوانين مر عليه الزمن. وذلك في سبيل تسليح المجتمع بالقانون.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها